للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

اجْتَهَدَ وَصَلَّى فَبَانَ أَنَّهُ وَافَقَ الْوَقْتَ، أَوْ مَا بَعْدَهُ، أَجْزَأَهُ، وَإِنْ وَافَقَ قَبْلَهُ لَمْ يُجْزِئْهُ.

وَمَنْ أَدْرَكَ مِنَ الْوَقْتِ قَدْرَ تَكْبِيرَةٍ، ثُمَّ جُنَّ أَوْ حَاضَتِ الْمَرْأَةُ، لَزِمَهُم

ــ

[المبدع في شرح المقنع]

تَذْنِيبٌ: إِذَا سَمِعَ أَذَانَ ثِقَةٍ عَارِفٍ بِالْوَقْتِ فَلَهُ تَقْلِيدُهُ، لِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّهُ لَا يُؤَذِّنُ إِلَّا بَعْدَ دُخُولِ الْوَقْتِ، فَجَرَى مَجْرَى خَبَرِهِ، وَلِأَنَّهُ مُؤْتَمَنٌ، لَكِنْ قَالَ ابْنُ عَقِيلٍ وَأَبُو الْمَعَالِي، وَابْنُ تَمِيمٍ: لَا يَعْمَلُ بِهِ فِي دَارِ الْحَرْبِ حَتَّى يَعْلَمَ إِسْلَامَهُ، وَفِي كِتَابِ أَبِي الْمَعَالِي، و" الرِّعَايَةِ ": لَا أَذَانَ فِي غَيْمٍ، لِأَنَّهُ عَنِ اجْتِهَادٍ، وَيَجْتَهِدُ هُوَ، فَدَلَّ أَنَّهُ لَوْ عَرَفَ أَنَّهُ يَعْرِفُ الْوَقْتَ بِالسَّاعَاتِ، أَوْ تَقْلِيدِ عَارِفٍ عَمِلَ بِهِ، جَزَمَ بِهِ الْمَجْدُ، وَقَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ: قَالَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا: لَا يَعْمَلُ بِقَوْلِ الْمُؤَذِّنِ مَعَ إِمْكَانِ الْعِلْمِ بِالْوَقْتِ، وَهُوَ خِلَافُ مَذْهَبِ أَحْمَدَ، وَسَائِرِ الْعُلَمَاءِ الْمُعْتَبَرِينَ. قُلْتُ: مِنَ الْأَمَارَاتِ صِيَاحُ الدِّيكِ الْمُجَرَّبِ، وَكَثْرَةُ الْمُؤَذِّنِينَ.

(وَمَتَى اجْتَهَدَ) قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: الِاجْتِهَادُ بَذْلُ الْوُسْعِ فِي الْمَجْهُودِ، وَفِي " الرَّوْضَةِ " الِاجْتِهَادُ التَّامُّ: أَنْ يَبْذُلَ الْوُسْعَ فِي الطَّلَبِ إِلَى أَنْ يُحِسَّ مِنْ نَفْسِهِ بِالْعَجْزِ عَنْ مَزِيدِ طَلَبٍ (وَصَلَّى فَبَانَ أَنَّهُ وَافَقَ الْوَقْتَ) أَجْزَأَهُ، لِأَنَّ الصَّلَاةَ وَقَعَتِ الْمَوْقِعَ، لِكَوْنِهِ أَدَّى مَا خُوطِبَ بِهِ، وَفُرِضَ عَلَيْهِ (أَوْ مَا بَعْدَهُ أَجْزَأَهُ) لِأَنَّ الصَّلَاةَ تَقَعُ بَعْدَ الْوَقْتِ قَضَاءً، وَهُوَ مُسْقِطٌ لِلْفَرْضِ، وَمُجْزِئٌ عَنْهُ (وَإِنْ وَافَقَ قَبْلَهُ لَمْ يُجْزِئُهُ) لِأَنَّهُ أَدَّاهَا قَبْلَ وَقْتِ الْوُجُوبِ، وَتَكُونُ نَفْلًا، صَرَّحَ بِهِ فِي (" الْوَجِيزِ ") و (" الرِّعَايَةِ ") وَكَذَا إِذَا ظَنَّ أَنَّ عَلَيْهِ فَائِتَةً فَأَحْرَمَ بِهَا، فَبَانَ أَنَّهَا لَيْسَتْ عَلَيْهِ، وَقِيلَ: تَبْطُلُ، وَذَكَرَ ابْنُ تَمِيمٍ، وَغَيْرُهُ أَنَّهُ إِذَا أَخْبَرَهُ ثِقَةٌ عَنْ عِلْمٍ أَنَّهُ صَلَّى قَبْلَ الْوَقْتِ أَعَادَ، وَإِلَّا فَلَا، وَلَا بُدَّ مِنَ الْفَرْقِ فِيمَا إِذَا اجْتَهَدَ فِي الْقِبْلَةِ، وَصَلَّى فَلَا إِعَادَةَ عَلَيْهِ، وَإِنْ أَخْطَأَ بِخِلَافِ الِاجْتِهَادِ فِي الْوَقْتِ، وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا أَنَّ المجتهد فِي الْقِبْلَةِ أَدَّى الصَّلَاةَ بَعْدَ وُجُوبِهَا عَلَيْهِ، وَفِي الْوَقْتِ أَدَّاهَا قَبْلَ وُجُوبِهَا، ثُمَّ تَجَدَّدَ سَبَبُ الْوُجُوبِ، وَأَيْضًا فَإِنَّ تَحْصِيلَ الْيَقِينِ فِي الْوَقْتِ مُمْكِنٌ بِخِلَافِ الْقِبْلَةِ، ذَكَرَهُ ابْنُ الْمُنَجَّا، وَفِي الْآخَرِ نَظَرٌ.

[مَنْ أَدْرَكَ مِنَ الْوَقْتِ قَدْرَ تَكْبِيرَةٍ]

(وَمَنْ أَدْرَكَ مِنَ الْوَقْتِ) وَهُوَ مُكَلَّفٌ (قَدْرَ تَكْبِيرَةٍ) أَيْ: تَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ، وَلَكِنْ أَطْلَقَهُ أَحْمَدُ وَالْأَصْحَابُ، فَلِهَذَا قِيلَ: يُجْزِئُ (ثُمَّ) طَرَأَ مَا يُسْقِطُ الْفَرْضَ عَنْهُ، كَمَا إِذَا (جُنَّ

<<  <  ج: ص:  >  >>