للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْكَلَامُ، فَلَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ الْأَخْرَسِ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُقْبَلَ فِيمَا طَرِيقُهُ الرُّؤْيَةُ إِذَا فُهِمَتْ إِشَارَتُهُ.

الرَّابِعُ: الْإِسْلَامُ، فَلَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ كَافِرٍ إِلَّا أَهْلَ الْكِتَابِ فِي الْوَصِيَّةِ فِي السَّفَرِ

ــ

[المبدع في شرح المقنع]

عَلَى أَنَّ شَهَادَةَ مَنْ لَيْسَ بِعَاقِلٍ لَا تُقْبَلُ، إِذْ لَا تَحْصُلُ الثِّقَةُ بِقَوْلِهِ، وَلَا يَحْصُلُ لَهُ عِلْمٌ بِمَا يَشْهَدُ بِهِ (إِلَّا مَنْ يُخْنَقُ فِي الْأَحْيَانِ إِذَا شَهِدَ فِي إِفَاقَتِهِ) وَذَكَرَهُ فِي الْمُحَرَّرِ وَالْوَجِيزِ؛ لِأَنَّهَا شَهَادَةٌ مِنْ عَاقِلٍ، أَشْبَهَ مَنْ لَمْ يُخْنَقْ، وَلَا بُدَّ وَأَنْ يَكُونَ قَدْ تَحَمَّلَهَا فِي حَالِ إِفَاقَتِهِ؛ لِأَنَّ تَحَمُّلَهُ فِي جُنُونِهِ لَا يَصِحُّ لِعَدَمِ الضَّبْطِ.

وَفِي الْمُسْتَوْعِبِ: مَنْ يُصْرَعُ فِي الشَّهْرِ مَرَّةً أَوْ مَرَّتَيْنِ، فَقِيلَ: تُقْبَلُ فِي حَالِ إِفَاقَتِهِ، وَقَدَّمَ هَذَا فِي الرِّعَايَةِ ثُمَّ ذَكَرَ مَا فِي الْمُقْنِعِ قَوْلًا.

[الْكَلَامُ]

(الثَّالِثُ: الْكَلَامُ) لِأَنَّ الشَّهَادَةَ يُعْتَبَرُ فِيهَا التَّيَقُّنُ، وَذَلِكَ مَفْقُودٌ مَعَ فَقْدِ الْكَلَامِ، (فَلَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ الْأَخْرَسِ) نَصَّ عَلَيْهِ، وَاخْتَارَهُ مُعْظَمُ الْأَصْحَابِ؛ لِأَنَّهَا مُحْتَمَلَةٌ، وَالشَّهَادَةُ يُعْتَبَرُ فِيهَا الْيَقِينُ، فَلَمْ تُقْبَلْ كَإِشَارَةِ النَّاطِقِ، وَإِنَّمَا قُبِلَتِ الْإِشَارَةُ فِي أَحْكَامِهِ الْمُخْتَصَّةِ بِهِ لِلضَّرُورَةِ، وَهِيَ مَعْدُومَةٌ هُنَا، لَا يُقَالُ: إِنَّهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - حِينَ أَشَارَ إِلَى أَصْحَابِهِ أَنْ يَجْلِسُوا فَامْتَثَلُوا ذَلِكَ؛ لِأَنَّ الشَّهَادَةَ تُفَارِقُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ اكْتُفِيَ بِهَا مِنْهُ مَعَ كَوْنِهِ نَاطِقًا، (وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُقْبَلَ فِيمَا طَرِيقُهُ الرُّؤْيَةُ إِذَا فُهِمَتْ إِشَارَتُهُ) هَذَا وَجْهٌ، وَقَدْ أَوْمَأَ إِلَيْهِ الْإِمَامُ؛ لِأَنَّ الْيَقِينَ حَاصِلٌ فِي التَّحَمُّلِ، وَإِشَارَةُ الْمُؤَدِّي الْعَاجِزِ عَنِ النُّطْقِ كَنُطْقِهِ، وَفَارَقَ مَا طَرِيقُهُ السَّمَاعُ مِنْ حَيْثُ إِنَّ الْأَخْرَسَ غَالِبًا يَكُونُ أَصَمَّ، فَيَقَعُ الْخَلَلُ فِي التَّحَمُّلِ.

فَلَوْ تَحَمَّلَهَا وَأَدَّاهَا بِخَطِّهِ، فَقَدْ تَوَقَّفَ أَحْمَدُ فِيهَا، وَاخْتَارَ أَبُو بَكْرٍ أَنَّهَا لَا تُقْبَلُ، وَاخْتَارَ فِي الْمُحَرَّرِ عَكْسَهَا.

[الْإِسْلَامُ]

(الرَّابِعُ: الْإِسْلَامُ) وَهُوَ إِجْمَاعٌ فِي الْجُمْلَةِ، وَنَقَلَهُ عَنْ أَحْمَدَ نَحْوَ عِشْرِينَ نَفْسًا (فَلَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ كَافِرٍ) عَلَى مُسْلِمٍ وَلَا كَافِرٍ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ رِجَالِنَا وَلَا هُوَ مَرْضِيٌّ، (إِلَّا أَهْلَ الْكِتَابِ) وَهُمُ الْيَهُودُ والنصارى وَمَنْ يُوَافِقُهُمْ فِي التَّدَيُّنِ (فِي الْوَصِيَّةِ فِي السَّفَرِ، إِذَا لَمْ يُوجَدُ غَيْرُهُمْ) فِي أَصَحِّ الرِّوَايَتَيْنِ، وَنَصَرَهُ الْمُؤَلِّفُ، فَشَهَادَتُهُمْ فِي السَّفَرِ بِمَوْتِ مُسْلِمٍ أَوْ كَافِرٍ جَائِزَةٌ.

قَالَ تَعَالَى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا شَهَادَةُ بَيْنِكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ حِينَ الْوَصِيَّةِ اثْنَانِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ أَوْ آخَرَانِ مِنْ غَيْرِكُمْ} [المائدة: ١٠٦] الآيات، نَزَلَتْ فِي تَمِيمٍ

<<  <  ج: ص:  >  >>