مُلَازَمَتُهُ، فَإِنْ لَمْ يُقِمْ بَيِّنَةً حَكَمَ عَلَيْهِ. وَلَا يَسْمَعُ الْجَرْحَ إِلَّا مُفَسَّرًا بِمَا يَقْدَحُ فِي الْعَدَالَةِ، إِمَّا أَنْ يَرَاهُ أَوْ يَسْتَفِيضَ عَنْهُ. وَعَنْهُ: أَنَّهُ يَكْفِي أَنْ يَشْهَدَ أَنَّهُ فَاسِقٌ وَلَيْسَ بِعَدْلٍ.
وَإِنْ شَهِدَ عِنْدَهُ فَاسْقٌ يَعْرِفُ حَالَهُ، قَالَ لِلْمُدَّعِي: زِدْنِي شُهُودًا. وَإِنْ جَهِلَ حَالَهُ
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
وَالْأَصْلُ عَدَمُهُ. (فَإِنْ لَمْ يُقِمْ بَيِّنَةً حُكِمَ عَلَيْهِ) لِأَنَّ الْحَقَّ قَدْ وَضُحَ عَلَى وَجْهٍ لَا إِشْكَالَ فِيهِ. (وَلَا يَسْمَعُ الْجَرْحَ إِلَّا مُفَسَّرًا بِمَا يَقْدَحُ فِي الْعَدَالَةِ، إِمَّا أَنْ يَرَاهُ أَوْ يَسْتَفِيضَ عَنْهُ) قَدَّمَهُ فِي الْمُسْتَوْعِبِ وَالْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَةِ، وَذَكَرَ فِي الْكَافِي أَنَّهُ الْمَذْهَبُ. وَنَصَرَهُ فِي الشَّرْحِ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ ; لِأَنَّ النَّاسَ يَخْتَلِفُونَ فِي أَسْبَابِ الْجَرْحِ كَاخْتِلَافِهِمْ فِي شَارِبِ يَسِيرِ النَّبِيذِ، فَوَجَبَ أَنْ لَا يَقْبَلَ مُجَرَّدَ الْجَرْحِ ; لِئَلَّا يَجْرَحَهُ بِمَا لَا يَرَاهُ الْقَاضِي جَرْحًا. وَفِي الِاسْتِفَاضَةِ وَجْهٌ، كَتَزْكِيَةٍ. (وَعَنْهُ: أَنَّهُ يَكْفِي أَنْ يَشْهَدَ أَنَّهُ فَاسِقٌ وَلَيْسَ بِعَدْلٍ) كَالتَّعْدِيلِ فِي الْأَصَحِّ. لِأَنَّ التَّصْرِيحَ بِالسَّبَبِ يَجْعَلُ الْجَارِحَ فَاسِقًا، فَوَجَبَ عَلَيْهِ الْحَدُّ فِي بَعْضِ الْحَالَاتِ. وَجَوَابُهُ: بِأَنَّهُ يُمْكِنُهُ التَّعْرِيضُ.
وَقِيلَ: إِنِ اتَّحَدَ مَذْهَبُ الْجَارِحِ وَالْحَاكِمِ، أَوْ عَرَفَ الْجَارِحُ أَسْبَابَ الْجَرْحِ قَبِلَ إِجْمَالَهُ، وَإِلَّا فَلَا. وَفِي الْمُحَرَّرِ: الْمُبَيَّنُ أَنْ يَذْكُرَ مَا يَقْدَحُ فِي الْعَدَالَةِ. وَالْمُطْلَقُ أَنْ يَقُولَ: هُوَ فَاسِقٌ. وَقَالَ الْقَاضِي: هُوَ الْمُبَيَّنُ وَالْمُطْلَقُ، أَنْ يَقُولَ: اللَّهُ أَعْلَمُ بِهِ، وَنَحْوَهُ، وَلَا يَكْفِي قَوْلُهُ: بَلَغَنِي عَنْكَ كَذَا ; لِقَوْلِهِ تَعَالَى {إِلا مَنْ شَهِدَ بِالْحَقِّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ} [الزخرف: ٨٦] .
فَرْعٌ: إِذَا صَرَّحَ الْجَارِحُ بِقَذْفِهِ بِالزِّنَى، فَعَلَيْهِ الْحَدُّ إِنْ لَمْ يَأْتِ بِتَمَامِ أَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ. وَلَا يُقْبَلُ فِيهِ وَلَا فِي التَّعْدِيلِ شَهَادَةُ النِّسَاءِ. وَعَنْهُ: بَلَى، كَالرِّوَايَةِ وَأَخْبَارِ الدِّيَانَاتِ.
وَجَوَابُهُ: بِأَنَّهَا شَهَادَةٌ فِيمَا لَيْسَ بِمَالٍ وَلَا يَقْصِدُ بِهِ الْمَالَ، وَيَطَّلِعُ عَلَيْهِ الرِّجَالُ فِي غَالِبِ الْأَحْوَالِ، أَشْبَهَ الشَّهَادَةَ فِي الْقِصَاصِ. وَلَا يُقْبَلُ الْجَرْحُ مِنَ الْخَصْمِ بِغَيْرِ خِلَافٍ. مَسْأَلَةٌ: لَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ الْمُتَوَسِّمِينَ، وَذَلِكَ إِذَا حَضَرَ شَاهِدَانِ مُسَافِرَانِ فَشَهِدَا عِنْدَ حَاكِمٍ لَا يَعْرِفُهُمَا، كَشَاهِدَيِ الْحَضَرِ.
[إِنْ شَهِدَ عِنْدَهُ فَاسْقٌ يَعْرِفُ حَالَهُ]
(وَإِنْ شَهِدَ عِنْدَهُ فَاسِقٌ يَعْرِفُ حَالَهُ، قَالَ لِلْمُدَّعِي: زِدْنِي شُهُودًا) لِأَنَّ ذَلِكَ يُحَصِّلُ الْمَقْصُودَ مَعَ السَّتْرِ عَلَى الشَّاهِدِ. (وَإِنْ جَهِلَ حَالَهُ) لَزِمَهُ الْبَحْثُ. (وَطَالَبَ الْمُدَّعِيَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute