طَلَاقٌ، وَلَوْ وَاجَهَهَا بِهِ، وَإِنْ شَرَطَ الرَّجْعَةَ فِي الْخُلْعِ، لَمْ يَصِحَّ الشَّرْطُ فِي أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ، وَفِي الْآخَرِ: يَصِحُّ الشَّرْطُ، وَيَبْطُلُ الْعِوَضُ.
فَصْلٌ وَلَا يَصِحُّ الْخُلْعُ إِلَّا بِعِوَضٍ فِي أَصَحِّ الرِّوَايَتَيْنِ، فَإِنْ خَالَعَهَا بِغَيْرِ عِوَضٍ، لَمْ
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
(وَلَا يَقَعُ بِالْمُعْتَدَّةِ مِنَ الْخُلْعِ طَلَاقٌ، وَلَوْ وَاجَهَهَا بِهِ) بِأَنْ يَقُولَ: أَنْتِ طَالِقٌ، قَالَ الشَّافِعِيُّ: أخبرنا مُسْلِمٌ، عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَابْنِ الزُّبَيْرِ أَنَّهُمَا قَالَا: لَا يَلْحَقُ الْمُخْتَلِعَةَ الطَّلَاقُ فِي الْعِدَّةِ، وَلَمْ يُعْرَفْ لَهُمَا مُخَالِفٌ فِي الصَّحَابَةِ، فَكَانَ كَالْإِجْمَاعِ؛ وَلِأَنَّهَا لَا تَحِلُّ لَهُ إِلَّا بِنِكَاحٍ جَدِيدٍ، فَلَا يَلْحَقُهَا طَلَاقُهُ، كَالْمُطَلَّقَةِ قَبْلَ الدُّخُولِ، وَفِي " التَّرْغِيبِ ": إِلَّا إِنْ قُلْنَا: هُوَ طَلْقَةٌ، وَيَكُونُ بِلَا عِوَضٍ، وَهُوَ ظَاهِرٌ (وَإِنْ شَرَطَ الرَّجْعَةَ فِي الْخُلْعِ لَمْ يَصِحَّ الشَّرْطُ، فِي أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ) جَزَمَ بِهِ فِي " الْوَجِيزِ "، وَقَدَّمَهُ فِي " الْفُرُوعِ " كَشَرْطِ الْخِيَارِ؛ وَلِأَنَّ الْخُلْعَ لَا يَفْسُدُ بِالْعِوَضِ الْفَاسِدِ، فَلَا يَفْسُدُ بِالشَّرْطِ الْفَاسِدِ كَالنِّكَاحِ (وَفِي الْآخَرِ: يَصِحُّ الشَّرْطُ، وَيَبْطُلُ الْعِوَضُ) أَيْ: فَيَقَعُ رَجْعِيًّا بِلَا عِوَضٍ؛ لِأَنَّ شَرْطَ الْعِوَضِ وَالرَّجْعَةِ يَتَنَافَيَانِ، فَيَسْقُطَانِ، وَيَبْقَى مُجَرَّدُ الطَّلَاقِ، فَتَثْبُتُ الرَّجْعَةُ بِالْأَصْلِ لَا بِالشَّرْطِ.
وَعَلَى الْأَوَّلِ قَالَ الْقَاضِي: يَسْقُطُ الْمُسَمَّى فِي الْعِوَضِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَرْضَ بِهِ عِوَضًا حَتَّى ضُمَّ إِلَيْهِ الشَّرْطُ، فَإِذَا سَقَطَ الشَّرْطُ، فَيَصِيرُ مَجْهُولًا، فَيَسْقُطُ، وَيَجِبُ الْمُسَمَّى فِي الْعَقْدِ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَجِبَ الْمُسَمَّى فِي الْخُلْعِ؛ لِأَنَّهُمَا تَرَاضَيَا بِهِ عِوَضًا، فَلَمْ يَجِبْ غَيْرُهُ، كَمَا لَوْ خَلَا عَنْ شَرْطِ الرَّجْعَةِ.
فَرْعٌ: إِذَا شَرَطَ الْخِيَارَ فِي الْخُلْعِ، بَطَلَ الشَّرْطُ، وَصَحَّ الْخُلْعُ؛ لِأَنَّ الْخِيَارَ فِي الْبَيْعِ لَا يَمْنَعُ وُقُوعَهُ، وَمَتَى وَقَعَ فَلَا سَبِيلَ إِلَى رَفْعِهِ.
[لَا يَصِحُّ الْخُلْعُ إِلَّا بِعِوَضٍ]
فَصْلٌ (وَلَا يَصِحُّ الْخُلْعُ إِلَّا بِعِوَضٍ فِي أَصَحِّ الرِّوَايَتَيْنِ) جَزَمَ بِهِ الْأَصْحَابُ، وَقَدَّمَهُ فِي
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute