الرَّابِعُ: نَذْرُ الْمَعْصِيَةِ، كَشُرْبِ الْخَمْرِ، وَصَوْمِ يَوْمِ الْحَيْضِ، وَيَوْمِ النَّحْرِ، فَلَا يَجُوزُ الْوَفَاءُ بِهِ وَيُكَفَّرُ، إِلَّا أَنْ يَنْذِرَ نَحْرَ وَلَدِهِ، فَفِيهِ رِوَايَتَانِ، إِحْدَاهُمَا: أَنَّهُ كَذَلِكَ.
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
لِأَنَّ تَرْكَ الْمَكْرُوهِ أَوْلَى، فَإِنْ فَعَلَهُ فَلَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ، قَالَ فِي الشَّرْحِ: وَالْخِلَافُ فِيهِ كَالَّذِي قَبْلَهُ.
[الْقِسْمُ الرَّابِعُ نَذْرُ الْمَعْصِيَةِ]
(الرَّابِعُ: نَذْرُ الْمَعْصِيَةِ، كَشُرْبِ الْخَمْرِ، وَصَوْمِ يَوْمِ الْحَيْضِ) وَفِيهِ وَجْهٌ، كَصَوْمِ يَوْمِ عِيدٍ، جَزَمَ بِهِ فِي التَّرْغِيبِ (وَيَوْمِ النَّحْرِ، فَلَا يَجُوزُ الْوَفَاءُ بِهِ) لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -: «مَنْ نَذَرَ أَنْ يَعْصِيَ اللَّهَ فَلَا يَعْصِهِ.» (وَيُكَفِّرُ) فِي الثَّلَاثَةِ، وَقَالَهُ ابْنُ مَسْعُودٍ، وَابْنُ عَبَّاسٍ، وَعِمْرَانُ، وَسَمُرَةُ، لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -: «لَا نَذْرَ فِي مَعْصِيَةٍ، وَكَفَّارَتُهُ كَفَّارَةُ يَمِينٍ» . رَوَاهُ الْخَمْسَةُ مِنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ، وَرُوَاتُهُ ثِقَاتٌ، احْتَجَّ بِهِ أَحْمَدُ، وَإِسْحَاقُ، وَضَعَّفَهُ جَمَاعَةٌ، وَلِأَنَّ النَّذْرَ حُكْمُهُ حُكْمُ الْيَمِينِ، وَعَنْهُ: لَا كَفَّارَةَ فِيهِ، وَهِيَ قَوْلُ أَكْثَرِهِمْ، لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -: «لَا نَذْرَ فِيمَا لَا يَمْلِكُ الْعَبْدُ» . رَوَاهُ مُسْلِمٌ مِنْ حَدِيثِ عِمْرَانَ، فَهَذَا مِمَّا لَا يَمْلِكُ، وَإِنْ كَفَّرَ فَهُوَ أَعْجَبُ إِلَى أَبِي عَبْدِ اللَّهِ، وَنَقَلَ الشَّالَنْجِيُّ: إِذَا نَذَرَ نَذْرًا يَجْمَعُ فِي يَمِينِهِ الْبِرَّ وَالْمَعْصِيَةَ، يُنَفِّذُ فِي الْبِرِّ، وَيُكَفِّرُ فِي الْمَعْصِيَةِ، وَإِذَا نَذَرَ نُذُورًا كَثِيرَةً لَا يُطِيقُهَا، أَوْ مَا لَا يَمْلِكُ، فَلَا نَذْرَ فِي مَعْصِيَةٍ، وَكَفَّارَتُهُ كَفَّارَةُ يَمِينٍ، وَمِثْلُهُ نَذْرُ سِرَاجِ بِئْرٍ وَشَجَرَةٍ مُجَاوِرَةٍ عِنْدَهُ، قَالَ: مَنْ يُعَظِّمُ شَجَرَةً، أَوْ جَبَلًا، أَوْ مَغَارَةً، أَوْ مَقْبَرَةً، إِذَا نَذَرَ لَهُ، أَوْ لِسُكَّانِهِ، أَوْ لِلْمُضَافِينَ إِلَى ذَلِكَ الْمَكَانِ، لَمْ يَجُزْ، وَلَا يَجُوزُ الْوَفَاءُ بِهِ إِجْمَاعًا، قَالَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ (إِلَّا أَنْ يَنْذُرَ نَحْرَ وَلَدِهِ، فَفِيهِ رِوَايَتَانِ، إِحْدَاهُمَا أَنَّهُ كَذَلِكَ) ذَكَرَ فِي الشَّرْحِ: أَنَّهُ قِيَاسُ الْمَذْهَبِ، وَقَدَّمَهُ فِي الْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَةِ، وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ عَبَّاسٍ، لِمَا سَبَقَ مِنْ قَوْلِهِ: «لَا نَذْرَ فِي مَعْصِيَةٍ، وَكَفَّارَتُهُ كَفَّارَةُ يَمِينٍ» . وَلِأَنَّهُ نَذْرُ مَعْصِيَةٍ، أَشْبَهَ نَذْرَ ذَبْحِ أَخِيهِ، وَقَالَ ابْنُ عَقِيلٍ: وَلِأَنَّ مَا يُوجِبُ كَفَّارَةَ يَمِينٍ فِي حَقِّ الْأَجْنَبِيِّ أَوْجَبَ كَفَّارَةَ يَمِينٍ إِذَا عَلَّقَهُ عَلَى وَلَدِهِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute