الْمَشْيَ إِلَى بَيْتِ اللَّهِ أَوْ مَوْضِعٍ مِنَ الْحَرَمِ، لَمْ يُجْزِئْهُ إِلَّا أَنْ يَمْشِيَ فِي حَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ، فَإِنْ تَرَكَ الْمَشْيَ لِعَجْزٍ أَوْ غَيْرِهِ، فَعَلَيْهِ كَفَّارَةُ يَمِينٍ، وَعَنْهُ: عَلَيْهِ دَمٌ، وَإِنْ نَذَرَ
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
شَيْئًا مِنْهُ، وَإِلَّا أَتَى بِمَا يُطِيقُهُ مِنْهُ، وَكَفَّرَ لِلْبَاقِي، وَقِيلَ: لَا يَنْعَقِدُ نَذْرُهُ، وَظَاهِرُهُ: أَنَّهُ إِذَا كَانَ لِعَارِضٍ يُرْجَى زَوَالُهُ، فَإِنَّهُ يَنْتَظِرُ، فَإِنْ كَانَ عَنْ صَوْمٍ مُعَيَّنٍ وَفَاتَ وَقْتُهُ قَضَاهُ، وَهَلْ يَلْزَمُهُ لِفَوَاتِ الْوَقْتِ كَفَّارَةٌ؟ عَلَى رِوَايَتَيْنِ
[نَذَرَ الْمَشْيَ إِلَى بَيْتِ اللَّهِ أَوْ مَوْضِعٍ مِنَ الْحَرَمِ]
(وَإِنْ نَذَرَ الْمَشْيَ إِلَى بَيْتِ اللَّهِ) الْحَرَامِ (أَوْ مَوْضِعٍ مِنَ الْحَرَمِ) لَزِمَهُ الْوَفَاءُ بِهِ بِغَيْرِ خِلَافٍ نَعْلَمُهُ، وَسَنَدُهُ قَوْلُهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -: «مَنْ نَذَرَ أَنْ يُطِيعَ اللَّهَ فَلْيُطِعْهُ» . (لَمْ يُجْزِئْهُ إِلَّا أَنْ يَمْشِيَ فِي حَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ) أَيْ: لَزِمَهُ أَنْ يَمْشِيَ فِي أَحَدِهِمَا، لِأَنَّهُ مَشى إِلَى عِبَادَةِ، وَالْمَشْيُ إِلَى الْعِبَادَةِ أَفْضَلُ، مَا لَمْ يَنْوِ إِتْيَانَهُ لَا حَقِيقَةَ مَشْيٍ مِنْ مَكَانِهِ، نَصَّ عَلَيْهِ، وَذَكَرَهُ الْقَاضِي إِجْمَاعًا، مُحْتَجًّا بِهِ وَبِمَا لَوْ نَذَرَهُ مِنْ مَحَلِّهِ لَمْ يَجُزْ مِنْ مِيقَاتِهِ عَلَى قَضَاءِ الْحَجِّ الْفَاسِدِ مِنَ الْأَبْعَدِ مِنْ إِحْرَامِهِ، أَوْ مِنْ مِيقَاتِهِ (فَإِنْ تَرَكَ الْمَشْيَ لِعَجْزٍ أَوْ غَيْرِهِ، فَعَلَيْهِ كَفَّارَةُ يَمِينٍ) قَدَّمَهُ الْأَصْحَابُ، وَنَصَرَهُ فِي الشَّرْحِ، «لِقَوْلِ عُقْبَةَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنْ أُخْتِي نَذَرَتْ أَنْ تَحُجَّ مَاشِيَةً، فَقَالَ: إِنَّ اللَّهَ لَا يَصْنَعُ بِشَقَاءِ أُخْتِكَ شَيْئًا، لِتَخْرُجْ رَاكِبَةً، وَلْتَكْفُرْ يَمِينَهَا» . رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَأَبُو دَاوُدَ، وَالْبَيْهَقِيُّ، وَقَالَ: تَفَرَّدَ بِهِ شَرِيكٌ، وَلِأَنَّ الْمَشْيَ غَيْرُ مَقْصُودٍ، وَلَمْ يَعْتَبِرْهُ الشَّرْعُ بِمَوْضِعٍ، كَنَذْرِ التَّحَفِّي، قَالَ فِي الْفُرُوعِ: فَيَتَوَجَّهُ مِنْهُ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُ قَادِرًا، وَلِهَذَا ذَكَرَ ابْنُ رَزِينٍ رِوَايَةً: لَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ، (وَعَنْهُ: عَلَيْهِ دَمٌ) وَأَفْتَى بِهِ عَطَاءٌ لِمَا رَوَى أَحْمَدُ بِسَنَدِهِ عَنْ عِمْرَانَ، قَالَ: مَا «قَامَ فِينَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - خَطِيبًا، إِلَّا أَمَرَنَا بِالصَّدَقَةِ، وَنَهَانَا عَنِ الْمُثْلَةِ، وَفِيهِ: وَإِنَّ مِنَ الْمُثْلَةِ أَنْ يَنْذُرَ الرَّجُلُ أَنْ يَحُجَّ مَاشِيًا، فَإِذَا نَذَرَ أَحَدُكُمْ أَنْ يَحُجَّ مَاشِيًا فَلْيُهْدِ هَدْيًا، وَلِيَرْكَبْ» ، وَلِأَنَّهُ أَخَلَّ بِوَاجِبٍ فِي الْإِحْرَامِ، أَشْبَهَ مَا لَوْ تَرَكَ الْإِحْرَامَ مِنَ الْمِيقَاتِ، وَفِي الْمُغْنِي: قِيَاسُ الْمَذْهَبِ يَسْتَأْنِفُهُ مَاشِيًا، لِتَرْكِهِ صِفَةَ الْمَنْذُورِ، كَتَفْرِيقِهِ صَوْمًا مُتَتَابِعًا، وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: لَا يَلْزَمُهُ مَعَ الْعَجْزِ كَفَّارَةٌ، إِلَّا أَنْ يَكُونَ النَّذْرُ إِلَى بَيْتِ اللَّهِ، فَهَلْ عَلَيْهِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute