فَصْلٌ
مَنْ كَانَ لَهُ عَلَى إِنْسَانٍ حَقٌّ، وَلَمْ يُمْكِنْهُ أَخْذُهُ بِالْحَاكِمِ، وَقَدَرَ عَلَى مَالٍ له، لَمْ يَجُزْ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ قَدَرَ حَقِّهِ. نَصَّ عَلَيْهِ، وَاخْتَارَهُ عَامَّةُ شُيُوخِنَا. وَذَهَبَ بَعْضُهُمْ مِنَ الْمُحَدِّثِينَ إِلَى جَوَازِ ذَلِكَ. فَإِنْ قَدَرَ عَلَى جِنْسِ حَقِّهِ أَخَذَ بِقَدْرِه، وَإِلَّا قَوَّمَهُ وَأَخَذَ
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
فَرْعٌ: إِذَا أُخْبِرَ حَاكِمٌ آخَرُ بِحُكْمٍ أَوْ ثُبُوتٍ عَمِلَ بِهِ مَعَ غَيْبَةِ الْمُخْبِرِ.
وَفِي الرِّعَايَةِ: عَنِ الْمَجْلِسِ وَيَقْبَلُ خَبَرَهُ فِي غَيْرِ عَمَلِهِمَا، أَوْ فِي عَمَلِ أَحَدِهِمَا.
وَعِنْدَ الْقَاضِي: لَا يُقْبَلُ، إِلَّا أَنْ يُخْبِرَ فِي عَمَلِهِ حَاكِمًا فِي غَيْرِ عَمَلِهِ، فَيَعْمَلُ بِهِ إِذَا بُلِّغَ عَمَلَهُ وَجَازَ حُكْمُهُ بِعِلْمِهِ، وَجَزَمَ بِهِ فِي التَّرْغِيبِ، ثُمَّ قَالَ: وَإِنْ كَانَا فِي وِلَايَةِ الْمُخْبِرِ فَوَجْهَانِ.
وَفِيهِ إِذَا قَالَ: سَمِعْتُ الْبَيِّنَةَ، فَاحْكُمْ. لَا فَائِدَةَ فِيهِ مَعَ حَيَاةِ الْبَيِّنَةِ، بَلْ عِنْدَ الْعَجْزِ عَنْهَا.
[مَنْ كَانَ لَهُ عَلَى إِنْسَانٍ حَقٌّ هَلْ يَأْخُذُهُ بِنَفْسِهِ]
(مَنْ كَانَ لَهُ عَلَى إِنْسَانٍ حَقٌّ، وَلَمْ يُمْكِنْهُ أَخْذُهُ بِالْحَاكِمِ، وَقَدَرَ عَلَى مَالٍ له، لَمْ يَجُزْ) أَيْ: يَحْرُمُ. (أَنْ يَأْخُذَ قَدْرَ حَقِّهِ. نَصَّ عَلَيْهِ، وَاخْتَارَهُ عَامَّةُ شُيُوخِنَا) وَهُوَ الْمَشْهُورُ فِي الْمَذْهَبِ، وَنَصَرَهُ فِي الشَّرْحِ وَغَيْرِهِ، وَرَوَاهُ ابْنُ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ، لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -: «أَدِّ الْأَمَانَةَ إِلَى مَنِ ائْتَمَنَكَ وَلَا تَخُنْ مَنْ خَانَكَ» . وَقَوْلُهُ: «لَا يَحِلُّ مَالُ امْرِئٍ مُسْلِمٍ إِلَّا عَنْ طِيبِ نَفْسٍ مِنْهُ» . وَلِأَنَّ التَّعْيِينَ وَالْمُعَارَضَةَ بِغَيْرِ رِضَا الْمَالِكِ، إِلَّا إِذَا تَعَذَّرَ عَلَى ضَيْفٍ أَخْذُ حَقِّهِ بِحَاكِمٍ فَلَهُ ذَلِكَ.
فَعَلَى مَا ذَكَرَهُ: لَوْ أَخَذَ شَيْئًا لَزِمَهُ رَدُّهُ أَوْ مِثْلُهُ أَوْ قِيمَتُهُ، فَإِنْ كَانَ مِنْ جِنْسِ دَيْنِهِ تَسَاقَطَا فِي قِيَاسِ الْمَذْهَبِ. وَإِنْ كَانَ مِنْ غَيْرِ جِنْسِهِ غَرِمَهُ. وَتَقَدَّمَ لَوْ غَصَبَهُ مَالًا، أَوْ كَانَ عِنْدَهُ عَيْنُ مَالِهِ أَخَذَهُ قَهْرًا، زَادَ فِي التَّرْغِيبِ: مَا لَمْ يُفْضِ إِلَى فِتْنَةٍ.
قَالَ: وَلَوْ كَانَ لِكُلٍّ مِنْهُمَا دَيْنٌ عَلَى الْآخَرِ مِنْ غَيْرِ جِنْسِهِ، فَجَحَدَ أَحَدُهُمَا، فَلَيْسَ لِلْآخَرِ أَنْ يَجْحَدَ. وَجْهًا وَاحِدًا ; لِأَنَّهُ كَبَيْعِ دَيْنٍ بِدَيْنٍ لَا يَجُوزُ، وَلَوْ رَضِيَا. (وَذَهَبَ بَعْضُهُمْ مِنَ الْمُحَدِّثِينَ إِلَى جَوَازِ ذَلِكَ) هَذا رِوَايَةٌ، فَعَلَى هَذَا يَجِبُ أَنْ يَتَحَرَّيَا الْأَخْذَ بِالْعَدْلِ. (فَإِنْ قَدَرَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute