الرَّاحِلَةِ خَشْيَةَ التَّأَذِّي بِالْوَحَلِ. وَهَلْ يَجُوزُ لِلْمَرِيضِ؟ عَلَى رِوَايَتَيْنِ.
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
قَالَ جَمَاعَةٌ: مَتَى كَانَ فِيهِ مَشَقَّةٌ عَلَى أَصْحَابِهِ، لَمْ يَجِبْ، نَصَّ عَلَيْهِ، وَظَاهِرُهُ: أَنَّ النَّفْلَ فِيهَا يَصِحُّ مُطْلَقًا.
مَسْأَلَةٌ: تُقَامُ الْجَمَاعَةُ فِي السَّفِينَةِ، وَعَنْهُ: إِذَا صَلَّوْا جُلُوسًا، نَصَّ عَلَيْهِ، وَصَلَّى جَمَاعَةٌ فِيهَا قِيَامًا جَمَاعَةً، وَهُمْ يَقْدِرُونَ عَلَى الْخُرُوجِ، مِنْهُمْ أَبُو هُرَيْرَةَ وَأَبُو سَعِيدٍ. رَوَاهُ سَعِيدٌ وَالْبَيْهَقِيُّ.
[صَلَاةُ الْفَرْضِ عَلَى الرَّاحِلَةِ]
(وَتَجُوزُ صَلَاةُ الْفَرْضِ عَلَى الرَّاحِلَةِ) وَاقِفَةً وَسَائِرَةً، وَعَلَيْهِ الِاسْتِقْبَالُ، وَمَا يَقْدِرُ عَلَيْهِ (خَشْيَةَ التَّأَذِّي بِالْوَحَلِ) نَصَرَهُ الْمُؤَلِّفُ، وَقَدَّمَهُ جَمَاعَةٌ، وَجَزَمَ بِهِ فِي " الْوَجِيزِ "، وَصَحَّحَهُ فِي " الْفُرُوعِ " لِمَا رَوَى يَعْلَى بْنُ مُرَّةَ «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - انْتَهَى إِلَى مَضِيقٍ هُوَ وَأَصْحَابُهُ؛ وَهُوَ عَلَى رَاحِلَتِهِ، وَالسَّمَاءُ مِنْ فَوْقِهِمْ، وَالْبَلَّةُ مِنْ أَسْفَلَ مِنْهُمْ، فَحَضَرَتِ الصَّلَاةُ، فَأَمَرَ الْمُؤَذِّنَ فَأَذَّنَ، وَأَقَامَ، ثُمَّ تَقَدَّمَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى رَاحِلَتِهِ، فَصَلَّى بِهِمْ يُومِئُ إِيمَاءً، يَجْعَلُ السُّجُودَ أَخْفَضَ مِنَ الرُّكُوعِ» رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَالتِّرْمِذِيُّ.
وَقَالَ: العَمَلُ عَلَيْهِ عِنْدَ أَهْلِ العِلْمِ، وَفَعَلَهُ أَنَسٌ، ذَكَرَهُ أَحْمَدُ، وَلَمْ يُنْقَلْ عَنْ غَيْرِهِ خِلَافُهُ.
فَإِنْ قَدَرَ عَلَى النُّزُولِ مِنْ غَيْرِ مَضَرَّةٍ لَزِمَهُ ذَلِكَ، وَالْقِيَامُ وَالرُّكُوعُ كَغَيْرِ حَالَةِ الْمَطَرِ، وَيُومِئُ بِالسُّجُودِ لِمَا فِيهِ مِنَ الضَّرَرِ، وَعَنْهُ: لَا يَجُوزُ ذَلِكَ «لِقَوْلِ أَبِي سَعِيدٍ: أَبْصَرَتْ عَيْنَايَ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - انْصَرَفَ، وَعَلَى جَبْهَتِهِ وَأَنْفِهِ أَثَرُ الْمَاءِ وَالطِّينِ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. وَلِأَنَّ الْقِيَامَ وَالسُّجُودَ مِنْ أَرْكَانِ الصَّلَاةِ، فَلَمْ يَسْقُطْ بِالْمَطَرِ كَبَقِيَّةِ الْأَرْكَانِ.
وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ عُذْرٌ يُبِيحُ الْجَمْعَ، فَأَثَّرَ فِي أَفْعَالِ الصَّلَاةِ، كَالسَّفَرِ وَالْمَرَضِ، وَالْحَدِيثُ مَحْمُولٌ عَلَى الْيَسِيرِ عَمَلًا بِالظَّاهِرِ؛ لِأَنَّهُ كَانَ فِي مَسْجِدِهِ فِي الْمَدِينَةِ فَلَمْ يُؤَثِّرْ، بِخِلَافِ الْكَثِيرِ الَّذِي يُلَوِّثُ الثِّيَابَ وَالْبَدَنَ (وَهَلْ يَجُوزُ ذَلِكَ لِلْمَرِيضِ؟ عَلَى رِوَايَتَيْنِ) إِحْدَاهُمَا: يَجُوزُ، قَدَّمَهَا فِي " الْمُحَرَّرِ "، وَاخْتَارَهَا أَبُو بَكْرٍ، وَجَزَمَ بِهَا فِي " الْوَجِيزِ "؛ لِأَنَّ مَشَقَّةَ النُّزُولِ فِي
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute