الْقَاضِي، وَإِنْ نَذَرَ أَيَّامًا أَوْ لَيَالِيَ مُتَتَابِعَةً لَزِمَهُ مَا يَتَخَلَّلُهَا مِنْ لَيْلٍ أَوْ نَهَارٍ.
فَصْلٌ وَلَا يَجُوزُ لِلْمُعْتَكِفِ الْخُرُوجُ إِلَّا لِمَا لَا بُدَّ مِنْهُ لِحَاجَةِ الْإِنْسَانِ وَالطَّهَارَةِ
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
وَلَمْ يَلْزَمْهُ التَّتَابُعُ إِلَّا أَنْ يَنْوِيَهُ؛ لِأَنَّ الْأَيَّامَ الْمُطْلَقَةَ تُؤْخَذُ بِدُونِ التَّتَابُعِ فَلَمْ يَلْزَمْهُ كَنَذْرِ صَوْمِهَا، وَاحْتِجَاجُ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَضَاءِ رَمَضَانَ بِالْآيَةِ يَدُلُّ عَلَيْهِ (إِلَّا عِنْدَ الْقَاضِي) فَيَلْزَمُهُ التَّتَابُعُ كَلَفْظِ الشَّهْرِ، فَعَلَى هَذَا تَلْزَمُهُ اللَّيَالِي الدَّاخِلَةُ فِي الْأَيَّامِ الْمَنْذُورَةِ، وَعَلَى الْأَوَّلِ لَا، إِلَّا أَنْ يَنْوِيَ التَّتَابُعَ أَوْ لِشَرْطِهِ، وَقِيلَ: يَلْزَمُهُ إِلَّا فِي ثَلَاثِينَ يَوْمًا لِلْقَرِينَةِ؛ لِأَنَّ الْعِبَادَةَ فِيهِ لَفْظُ الشَّهْرِ وَهُوَ ظَاهِرٌ، (وَإِنْ نَذَرَ أَيَّامًا أَوْ لَيَالِيَ مُتَتَابِعَةً) بِشَرْطه أَوْ نِيَّتِهِ (لَزِمَهُ مَا يَتَخَلَّلُهَا مِنْ لَيْلٍ) إِذَا نَذَرَ الْأَيَّامَ (أَوْ نَهَارٍ) إِذَا نَذَرَ اللَّيَالِيَ، نَصَّ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ الْيَوْمَ اسْمٌ لِبَيَاضِ النَّهَارِ وَاللَّيْلَةُ اسْمٌ لِسَوَادِ اللَّيْلِ، وَالتَّثْنِيَةُ وَالْجَمْعُ تَكْرَارُ الْوَاحِدِ، وَإِنَّمَا يَدْخُلُ مَا تَخَلَّلَهُ لِلُزُومِ التَّتَابُعِ ضِمْنًا، وَخَرَّجَ ابْنُ عَقِيلٍ لَا يَلْزَمُهُ، وَاخْتَارَهُ أَبُو حَكِيمٍ لِعَدَمِ تَنَاوُلِ اللَّفْظِ لَهُ، وَفِي ثَالِثٍ: لَا يَلْزَمُهُ اللَّيْلُ فَإِنْ نَذَرَ اعْتِكَافَ يَوْمَيْنِ، لَزِمَهُ يَوْمَانِ وَلَيْلَةٌ بَيْنَهُمَا.
تَنْبِيهٌ: إِذَا نَذَرَ اعْتِكَافَ يَوْمٍ مُعَيَّنًا أَوْ مُطْلَقًا دَخَلَ مُعْتَكَفَهُ قَبْلَ فَجْرِهِ الثَّانِي، وَخَرَجَ بَعْدَ غُرُوبِ شَمْسِهِ؛ لِأَنَّهُ اسْمٌ لِلْيَوْمِ، وَلَا تَلْزَمُهُ اللَّيْلَةُ الَّتِي قَبْلَهُ؛ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ مِنَ الْيَوْمِ، وَإِذَا نَذَرَ لَيْلَةً لَزِمَتْهُ فَقَطْ، فَيَدْخُلُ قَبْلَ الْغُرُوبِ، وَيَخْرُجُ بَعْدَ فَجْرِهَا الثَّانِي. وَإِنِ اعْتَبَرْنَا الصَّوْمَ، لَمْ يَلْزَمْهُ شَيْءٌ، وَإِذَا نَذَرَ اعْتِكَافَ يَوْمٍ لَمْ يَجُزْ تَفْرِيقُهُ بِسَاعَاتٍ مِنْ أَيَّامٍ؛ لِأَنَّهُ يُفْهَمُ مِنْهُ التَّتَابُعُ أَشْبَهَ مَا لَوْ قَيَّدَهُ بِهِ، وَإِذَا قَالَ فِي وَسَطِ النَّهَارِ: لِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أَعْتَكِفَ يَوْمًا مِنْ وَقْتِي، تَعَيَّنَ مِنْهُ إِلَى مِثْلِهِ، وَفِي دُخُولِ اللَّيْلِ الْخِلَافُ، وَإِذَا نَذَرَ شَهْرًا مُتَفَرِّقًا فَلَهُ تَتَابُعُهُ قَالَ الْمَجْدُ: لِأَنَّهُ أَفْضَلُ، كَاعْتِكَافِهِ فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِذَا نَذَرَ غَيْرَهُ، وَإِذَا نَذَرَ اعْتِكَافَ يَوْمِ يَقْدَمُ زَيْدٌ فَقَدِمَ لَيْلًا لَمْ يَلْزَمْهُ شَيْءٌ، وَإِنْ قَدِمَ فِي بَعْضِ النَّهَارِ لَزِمَهُ اعْتِكَافُ الْبَاقِي، وَلَمْ يَلْزَمْهُ قَضَاءُ مَا مَضَى مِنْهُ.
[لَا يَجُوزُ لِلْمُعْتَكِفِ الْخُرُوجُ إِلَّا لِمَا لَا بُدَّ مِنْهُ]
فَصْلٌ (وَلَا يَجُوزُ لِلْمُعْتَكِفِ الْخُرُوجُ) فِيمَا إِذَا عَيَّنَ مُدَّةً أَوْ شَرَطَ التَّتَابُعَ فِي عَدَدٍ (إِلَّا لِمَا لَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute