للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَالَ الْإِمَامُ: مَنْ أَخَذَ شَيْئًا فَهُوَ لَهُ، أَوْ فَضَّلَ بَعْضَ الْغَانِمِينَ عَلَى بَعْضٍ، لَمْ يَجُزْ فِي إِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ، وَيَجُوزُ فِي الْأُخْرَى.

وَمَنِ اسْتُؤْجِرَ لِلْجِهَادِ مِمَّنْ لَا يَلْزَمُهُ مِنَ الْعَبِيدِ وَالْكُفَّارِ، فَلَيْسَ لَهُ إِلَّا الْأُجْرَةُ.

وَمَنْ مَاتَ بَعْدَ انْقِضَاءِ

ــ

[المبدع في شرح المقنع]

نَصَّ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ اسْتِحْقَاقَ سَهْمِ الْفَرَسِ مُرَتَّبٌ عَلَى نَفْعِهِ، وَهُوَ لِمَالِكِهِ، فَإِنْ كَانَ الْغَاصِبُ مِمَّنْ لَا سَهْمَ لَهُ، إِمَّا مُطْلَقًا كَالْمُرْجِفِ أَوْ يُرْضَخُ لَهُ كَالْعَبْدِ احْتَمَلَ أَنْ يَكُونَ حُكْمُ الْفَرَسِ حُكْمَهُ؛ لِأَنَّ الْفَرَسَ يَتْبَعُ الْفَارِسَ فِي حُكْمِهِ فَيَتْبَعُهُ إِذَا كَانَ مَغْصُوبًا، وَاحْتَمَلَ أَنْ يَكُونَ سَهْمُ الْفَرَسِ لِمَالِكِهِ؛ لِأَنَّ الْجِنَايَةَ مِنْ رَاكِبِهِ فَيَخْتَصُّ الْمَنْعُ بِهِ. ذَكَرَهُ فِي " الشَّرْحِ ".

(وَإِذَا قَالَ الْإِمَامُ: مَنْ أَخَذَ شَيْئًا فَهُوَ لَهُ، أَوْ فَضَّلَ بَعْضَ الْغَانِمِينَ عَلَى بَعْضٍ؛ لَمْ يَجُزْ فِي إِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ) . جَزَمَ بِهِ فِي " الْوَجِيزِ " وَصَحَّحَهُ ابْنُ الْمُنَجَّا فِي الْأُولَى؛ لِأَنَّهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - وَالْخُلَفَاءَ مِنْ بَعْدِهِ كَانُوا يُقَسِّمُونَ الْغَنَائِمَ، وَلِأَنَّ ذَلِكَ يُفْضِي إِلَى اشْتِغَالِهِمْ بِالنَّهْبِ عَنِ الْقِتَالِ، وَظَفَرِ الْعَدُوِّ بِهِمْ، وَلِأَنَّ الْغُزَاةَ اشْتَرَكُوا فِي الْغَنِيمَةِ عَلَى سَبِيلِ التَّسْوِيَةِ، فَيَجِبُ كَسَائِرِ الشُّرَكَاءِ؛ وَحِينَئِذٍ لَا يَسْتَحِقُّهُ مِنْ أَخَذَهُ. (وَيَجُوزُ فِي الْأُخْرَى) أَمَّا أَوَّلًا، فَلِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - يوم بَدْرٍ: «مَنْ أَخَذَ شَيْئًا فَهُوَ لَهُ» وَرُدَّ بِأَنَّ قَضِيَّةَ بَدْرٍ لَمَّا اخْتَلَفُوا فِيهَا نُسِخَتْ بِقَوْلِهِ - تَعَالَى - {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الأَنْفَالِ} [الأنفال: ١] الْآيَةَ، وَأَمَا ثَانِيًا - وَهِيَ الْأَصَحُّ -: إِذَا كَانَ التَّفْضِيلُ لِمَعْنًى فِيهِ، فَلِأَنَّهُ يَجُوزُ لِلْإِمَامِ أَنْ يُنَفِّلَ وَيُعْطِيَ السَّلَبَ، فَجَازَ لَهُ التَّفْضِيلُ قِيَاسًا عَلَيْهِمَا.

[مَنِ اسْتُؤْجِرَ لِلْجِهَادِ مِمَّنْ لَا يَلْزَمُهُ فَلَيْسَ لَهُ إِلَّا الْأُجْرَةُ]

(وَمَنِ اسْتُؤْجِرَ لِلْجِهَادِ مِمَّنْ لَا يَلْزَمُهُ مِنَ الْعَبِيدِ وَالْكُفَّارِ، فَلَيْسَ لَهُ إِلَّا الْأُجْرَةُ) . وَهُوَ قَوْلُ الْقَاضِي؛ لِأَنَّ غَزْوَهُ بِعِوَضٍ فَكَأَنَّهُ وَاقِعٌ مِنْ غَيْرِهِ فَلَا يَسْتَحِقُّ غَيْرَ مَا ذُكِرَ. وَظَاهِرُهُ صِحَّةُ إِجَارَتِهِمْ، وَهُوَ رِوَايَةٌ؛ لِأَنَّهُ لَا يَتَعَيَّنُ عَلَيْهِمْ بِحُضُورِهِمْ لِأَنَّهُمْ لَيْسُوا مِنْ أَهْلِهِ، فَصَحَّتْ كَغَيْرِهِ مِنَ الْعَمَلِ، وَالْأَشْهُرِ أَنَّهَا لَا تَصِحُّ كَالصَّلَاةِ، وَمُقْتَضَاهُ أَنَّ مَنْ يَلْزَمُهُ كَالرَّجُلِ الْحُرِّ لَا يَصِحُّ اسْتِئْجَارُهُ عَلَيْهِ كَالْحَجِّ، وَنَصَّ فِي رِوَايَةِ جَمَاعَةٍ عَلَى صِحَّتِهَا مُطْلَقًا، وَهُوَ

<<  <  ج: ص:  >  >>