للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بَعْدَ الْجُرْحِ صَحَّ

وَإِنْ أَبْرَأَهُ مِنَ الدِّيَةِ، أَوْ وَصَّى لَهُ بِهَا فَهِيَ وَصِيَّةٌ لِقَاتِلٍ، هَلْ تَصِحُّ؟ عَلَى رِوَايَتَيْنِ: إِحْدَاهُمَا: تَصِحُّ وَتُعْتَبَرُ مِنَ الثُّلُثِ، وَيُحْتَمَلُ أَلَّا يَصِحَّ عَفْوُهُ عَنِ الْمَالِ، وَلَا وَصِيَّتُهُ بِهِ لِقَاتِلٍ، وَلَا غَيْرِهِ إِذَا قُلْنَا: إِنَّهَا تَحْدُثُ عَلَى مِلْكِ الْوَرَثَةِ. وَإِنْ أَبْرَأَ الْقَاتِلَ مِنَ الدِّيَةِ الْوَاجِبَةِ عَلَى عَاقِلَتِهِ، أَوِ الْعَبْدَ مِنْ جِنَايَتِهِ الَّتِي يَتَعَلَّقُ أَرْشُهَا

ــ

[المبدع في شرح المقنع]

بَرِئَ، وَعَنْهُ: لَا يَصِحُّ عَنِ الدِّيَةِ، وَفِي " التَّرْغِيبِ " وَجْهٌ يَصِحُّ بِلَفْظِ الْوَصِيَّةِ، وَفِيهِ تَخْرِيجٌ فِي السِّرَايَةِ فِي النَّفْسِ رِوَايَاتُ الصِّحَّةِ وَعَدَمِهَا، وَثَالِثُهَا: يَجِبُ النِّصْفُ بِنَاءً عَلَى أَنَّ صِحَّةَ الْعَفْوِ لَيْسَ بِوَصِيَّةٍ وَيَبْقَى مَا قَابَلَ السِّرَايَةَ، لَا يَصِحُّ الْإِبْرَاءُ مِنْهُ، وَاخْتَارَ ابْنُ أَبِي مُوسَى صِحَّتَهُ فِي الْعَمْدِ، وَفِي الْخَطَأِ مِنْ ثَلَاثَةٍ، فَعَلَى الْأَوَّلِ إِنْ قَالَ عَفَوْتُ عَنِ الْجِنَايَةِ، وَمَا يَحْدُثُ مِنْهَا، فَلَا قِصَاصَ فِي سِرَايَتِهَا، وَلَا دِيَةَ ; لِأَنَّهُ إِسْقَاطٌ لِلْحَقِّ بَعْدَ انْعِقَادِ سَبَبِهِ، وَعَنْهُ: إِنْ مَاتَ مِنْ سِرَايَتِهَا لَمْ يَصِحَّ الْعَفْوُ ; لِأَنَّهَا وَصِيَّةٌ لِقَاتِلٍ، وَلَا يُعْتَبَرُ خُرُوجُ ذَلِكَ مِنَ الثُّلُثِ. نَصَّ عَلَيْهِ ; لِأَنَّ الْوَاجِبَ الْقَوَدُ عَيْنًا، أَوْ أَحَدُ شَيْئَيْنِ فَمَا تَعَيَّنَ إِسْقَاطُ أَحَدِهِمَا، وَعَنْهُ: يَصِحُّ وَيُعْتَبَرُ مِنَ الثُّلُثِ كَبَقِيَّةِ مَالِهِ.

[الْإِبْرَاءُ مِنَ الدِّيَةِ]

(وَإِنْ أَبْرَأَهُ مِنَ الدِّيَةِ، أَوْ وَصَّى لَهُ بِهَا فَهِيَ وَصِيَّةٌ لِقَاتِلٍ هَلْ تَصِحُّ؟ عَلَى رِوَايَتَيْنِ: إِحْدَاهُمَا: تَصِحُّ) لِأَنَّهَا بَدَلٌ عَنْهُ (وَتُعْتَبَرُ مِنَ الثُّلُثِ) كَبَقِيَّةِ مَالِهِ (وَيَحْتَمِلُ) هَذَا وَجْهٌ (أَلَّا يَصِحَّ عَفْوُهُ عَنِ الْمَالِ، وَلَا وَصِيَّتُهُ بِهِ لِقَاتِلٍ، وَلَا غَيْرِهِ إِذَا قُلْنَا: إِنَّهَا تَحْدُثُ عَلَى مِلْكِ الْوَرَثَةِ) لِأَنَّهُ يَكُونُ مَالَ غَيْرِهِ، فَلَمْ يَكُنْ لَهُ التَّصَرُّفُ فِيهِ كَسَائِرِ أَمْوَالِ الْوَرَثَةِ، وَفِي " الْفُرُوعِ " وَغَيْرِهِ مَنْ صَحَّ عَفْوُهُ مَجَّانًا، فَإِنْ أَوْجَبَ الْجُرْحُ مَالًا عَيْنًا فَكَوَصِيَّةٍ وَإِلَّا فَمِنْ رَأْسِ الْمَالِ، لَا مِنْ ثُلُثِهِ عَلَى الْأَصَحِّ ; لِأَنَّ الدِّيَةَ لَمْ تَتَعَيَّنْ.

١ -

مَسْأَلَةٌ: إِذَا صُولِحَ عَنِ الْجِرَاحَةِ بِمَالٍ، أَوْ قَالَ فِي الْعَمْدِ: عَفَوْتُ عَنْ قَوَدِهَا عَلَى دِيَتِهَا، أَوْ لَمْ يَقُلْ عَلَى دِيَتِهَا، وَقُلْنَا لَهُ دِيَتُهَا ضَمِنَتْ سِرَايَتَهَا بِقِسْطِهَا مِنَ الدِّيَةِ رِوَايَةً وَاحِدَةً، وَلَوْ قَالَ: عَفَوْتُ عَنْ قَوَدِ هَذِهِ الشَّجَّةِ، وَهِيَ مِمَّا لَا قَوَدَ فِيهِ كَكَسْرِ الْعِظَامِ فَعَفْوُهُ بَاطِلٌ وَلِوَلِيِّهِ مَعَ سِرَايَتِهَا الْقَوَدُ، أَوِ الدِّيَةُ

١ -

(وَإِنْ أَبْرَأَ الْقَاتِلَ مِنَ الدِّيَةِ الْوَاجِبَةِ عَلَى عَاقِلَتِهِ، أَوِ الْعَبْدَ مِنْ جِنَايَتِهِ الَّتِي يَتَعَلَّقُ أَرْشُهَا بِرَقَبَتِهِ لَمْ يَصِحَّ) لِأَنَّهُ أَبْرَأَهُ مِنْ حَقٍّ عَلَى غَيْرِهِ ; لِأَنَّ

<<  <  ج: ص:  >  >>