للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كَغَرْسِ الشَّفِيعِ أَوْ كَغَرْسِ الْغَاصِبِ؟ عَلَى وَجْهَيْنِ.

فَصْلٌ وَحُكْمُ الْمُسْتَعِيرِ فِي اسْتِيفَاءِ الْمَنْفَعَةِ حُكْمُ الْمُسْتَأْجِرِ، وَالْعَارِيَةُ مَضْمُونَةٌ بِقِيمَتِهَا

ــ

[المبدع في شرح المقنع]

قَالَ ابْنُ الْمُنَجَّا، وَفِي التَّشْبِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّهُ يُوهِمُ أَنَّ الْغَرْسَ مِلْكُ الشَّفِيعِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ، بَلِ الشَّفِيعُ إِذَا أَخَذَ بِالشُّفْعَةِ وَكَانَ الْمُشْتَرِي قَدْ غَرَسَ لَا يَمْلِكُ الشَّفِيعُ قَلْعَ الْغَرْسِ مِنْ غَيْرِ ضَمَانِ النَّقْصِ، وَالْأَوْلَى أَنْ يُقَالَ: كَغَرْسِ الْمُشْتَرِي لِمَا فِيهِ شُفْعَةٌ (أَوْ كَغَرْسِ الْغَاصِبِ) جَزَمَ بِهِ فِي " الْوَجِيزِ "؛ لِأَنَّهُ سَاوَاهُ فِي عَدَمِ الْإِذْنِ (عَلَى وَجْهَيْنِ) وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْغِرَاسَيْنِ أَنَّ قَلْعَ الثَّانِي مَجَّانًا مُسْتَحَقٌّ بِخِلَافِ غَرْسِ الشَّفِيعِ.

فَرْعٌ: لَوْ حَمَلَ السَّيْلُ أَرْضًا بِشَجَرِهَا فَنَبَتَ فِي أَرْضِ آخَرَ كَمَا كَانَتْ فَهِيَ لِمَالِكِهَا يُجْبَرُ عَلَى إِزَالَتِهَا، وَفِي كُلِّ ذَلِكَ لَوْ تَرَكَ صَاحِبُ الْأَرْضِ الْمُنْتَقِلَةِ، أَوِ الشَّجَرِ، أَوِ الزَّرْعِ لِصَاحِبِ الْأَرْضِ الْمُنْتَقَلِ إِلَيْهَا لَمْ يَلْزَمْهُ نَقْلُهُ، وَلَا أُجْرَةَ؛ لِأَنَّهُ حَصَلَ بِغَيْرِ تَفْرِيطِهِ، وَلَا عُدْوَانِهِ، وَكَانَتِ الْخِيَرَةُ لِصَاحِبِ الْأَرْضِ الْمَشْغُولَةِ بِهِ إِنْ شَاءَ أَخَذَهُ، وَإِنْ شَاءَ قَلَعَهُ، ذَكَرَهُ فِي " الشَّرْحِ ".

[حُكْمُ الْمُسْتَعِيرِ فِي اسْتِيفَاءِ الْمَنْفَعَةِ حُكْمُ الْمُسْتَأْجِرِ]

فَصْلٌ (وَحُكْمُ الْمُسْتَعِيرِ فِي اسْتِيفَاءِ الْمَنْفَعَةِ حُكْمُ الْمُسْتَأْجِرِ) لِأَنَّهُ مَلَكَ التَّصَرُّفَ بِإِذْنِ الْمَالِكِ أَشْبَهَ الْمُسْتَأْجِرَ، فَعَلَى هَذَا إِنْ أَعَارَهُ لِلْغَرْسِ أَوِ الْبِنَاءِ فَلَهُ أَنْ يَزْرَعَ مَا شَاءَ وَلَا عَكْسَ، وَإِنْ أَذِنَ لَهُ فِي زَرْعِ مَرَّةٍ لَمْ يَمْلُكْ أُخْرَى، وَلَهُ اسْتِيفَاءُ الْمَنْفَعَةِ بِنَفْسِهِ وَبِوَكِيلِهِ؛ لِأَنَّهُ نَائِبٌ عَنْهُ (وَالْعَارِيَةُ) الْمَقْبُوضَةُ (مَضْمُونَةٌ) نَصَّ عَلَيْهِ، رُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَأَبِي هُرَيْرَةَ لِمَا رَوَى الْحَسَنُ عَنْ سَمُرَةَ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «وَعَلَى الْيَدِ مَا أَخَذَتْ حَتَّى تُؤَدِّيَهُ» ، رَوَاهُ الْخَمْسَةُ وَصَحَّحَ الْحَاكِمُ إِسْنَادَهُ، «وَعَنْ صَفْوَانَ أَنَّهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - اسْتَعَارَ مِنْهُ يَوْمَ حُنَيْنٍ أَدْرَاعًا، فَقَالَ: أَغَصْبًا يَا مُحَمَّدُ؟ قَالَ: بَلْ عَارِيَةٌ مَضْمُونَةٌ» رَوَاهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُدَ، وَلِأَنَّهُ أَخَذَ مِلْكَ غَيْرِهِ لِنَفْعِ نَفْسِهِ مُنْفَرِدًا بِنَفْعِهِ مِنْ غَيْرِ اسْتِحْقَاقٍ، وَلَا إِذْنٍ فِي

<<  <  ج: ص:  >  >>