للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

السَّكْرَانِ، وَيَتَخَرَّجُ صِحَّتُهُ بِنَاءً عَلَى إطلاقه.

وَلَا يَصِحُّ إِقْرَارُ الْمُكْرَهِ إِلَّا أَنْ يُقِرَّ بِغَيْرِ

ــ

[المبدع في شرح المقنع]

تَنْبِيهٌ: إِذَا أَقَرَّ مَنْ شَكَّ فِي بُلُوغِهِ فَأَنْكَرَهُ: صُدِّقَ بِلَا يَمِينٍ. قَالَهُ الشَّيْخَانِ. لِحُكْمِنَا بِعَدَمِ يَمِينِهِ، أَيْ: بِعَدَمِ يَمِينِ الصَّبِيِّ. وَلَوِ ادَّعَاهُ بِالسِّنِّ قُبِلَ بِبَيِّنَةٍ.

وَفِي التَّرْغِيبِ: يُصَدَّقُ صَبِيٌّ ادَّعَى الْبُلُوغَ بِلَا يَمِينٍ.

وَإِنْ قَالَ: أَنَا صَبِيٌّ. لَمْ يُحَلَّفْ وَيُنْتَظَرُ بُلُوغُهُ. وَفِي عُيُونِ الْمَسَائِلِ: يُصَدَّقُ فِي سَنٍّ يَبْلُغُ فِي مِثْلِهِ، وَهُوَ تِسْعُ سِنِينَ، وَيَلْزَمُهُ بِهَذَا الْبُلُوغِ مَا أَقَرَّ بِهِ. قَالَ: وَعَلَى قِيَاسِهِ الْجَارِيَةُ. فَإِنِ ادَّعَى أَنَّهُ أَنْبَتَ بِعِلَاجٍ أَوْ دَوَاءٍ لَا بِالْبُلُوغِ لَمْ يُقْبَلْ. ذَكَرَهُ الْمُؤَلِّفُ فِي فَتَاوِيهِ.

أَمَّا لَوْ قَالَ بَعْدَ الْبُلُوغِ: لَمْ أَكُنْ بَالِغًا وَقْتَ الْإِقْرَارِ. قُبِلَ قَوْلُهُ مَعَ يَمِينِهِ. جَزَمَ بِهِ فِي الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ ; لِأَنَّ الْأَصْلَ الصِّغَرُ. وَالثَّانِي: لَا يُقْبَلُ لِتَعَلُّقِ الْحَقِّ بِذِمَّتِهِ ظَاهِرًا.

وَلَوِ ادَّعَى أَنَّهُ كَانَ زَائِلَ الْعَقْلِ، لَمْ يُقْبَلْ إِلَّا بِبَيِّنَةٍ ; لِأَنَّ الْأَصْلَ السَّلَامَةُ.

وَذَكَرَ الْأَزَجِيُّ: يُقْبَلُ إِذَا كَانَ عُهِدَ مِنْهُ جُنُونٌ فِي بَعْضِ أَوْقَاتِهِ. قَالَ فِي الْفُرُوعِ: وَيَتَوَجَّهُ قَبُولُهُ مِمَّنْ غُلِبَ عَلَيْهِ. (وَكَذَلِكَ الْعَبْدُ الْمَأْذُونُ لَهُ فِي التِّجَارَةِ) قِيَاسًا عَلَيْهِ، بَلْ هَذَا أَوْلَى ; لِأَنَّهُ مُكَلَّفٌ وَلَا يُحْبَسُ بِهِ. وَفِي الْمُوجَزِ وَالتَّبْصِرَةِ: يَصِحُّ بَعْدَ حَجْرِ سَيِّدِهِ. نَقَلَ ابْنُ مَنْصُورٍ: إِذَا أَذِنَ لِعَبْدِهِ فَأَقَرَّ، جَازَ. وَإِنْ حَجَرَ عَلَيْهِ وَفِي يَدِهِ مَالٌ ثُمَّ أَذِنَ فَأَقَرَّ بِهِ، صَحَّ. ذَكَرَهُ الْأَزَجِيُّ وَصَاحِبُ التَّرْغِيبِ وَغَيْرُهُمَا.

[إِقْرَارُ السَّكْرَانِ]

(وَلَا يَصِحُّ إِقْرَارُ السَّكْرَانِ) أَيْ: فِي حَالِ غَيْرِ إِفَاقَتِهِ. نَصَرَهُ فِي الشَّرْحِ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ ; لِأَنَّهُ غَيْرُ عَاقِلٍ فَلَمْ يَصِحَّ مِنْهُ كَالْمَجْنُونِ؛ وَلِأَنَّهُ لَا يُوثَقُ بِصِحَّةِ قَوْلِهِ. (أو يَتَخَرَّجُ صِحَّتُهُ بِنَاءً عَلَى إطلاقِهِ) ؛ لِأَنَّ أَفْعَالَهُ تَجْرِي مَجْرَى أَفْعَالِ الصَّاحِي. وَقَالَ فِي الْكَافِي: السَّكْرَانُ بِمَعْصِيَةٍ، حُكْمُ إِقْرَارِهِ: حُكْمُ طَلَاقِهِ.

قَالَ فِي الشَّرْحِ: أَمَّا مَنْ زَالَ عَقْلُهُ بِسَبَبٍ مُبَاحٍ، فَلَا يَصِحُّ إِقْرَارُهُ بِغَيْرِ خِلَافٍ.

[إِقْرَارُ الْمُكْرَهِ]

(وَلَا يَصِحُّ إِقْرَارُ الْمُكْرَهِ) لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -: «رُفِعَ عَنْ أُمَّتِي الْخَطَأُ وَالنِّسْيَانُ وَمَا اسْتُكْرِهُوا عَلَيْهِ» ، وَلِأَنَّهُ قَوْلٌ أُكْرِهَ عَلَيْهِ بِغَيْرِ حَقٍّ، فَلَمْ يَصِحَّ مِنْهُ كَالْبَيْعِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>