للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْحَلِفُ عَلَى تَرْكِ الْوَطْءِ فِي الْقُبُلِ، فَإِنْ تَرَكَهُ بِغَيْرِ يَمِينٍ لَمْ يَكُنْ مُؤْلِيًا، لَكِنْ إِنْ تَرَكَهُ مُضِرًّا بِهَا مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ، فَهَلْ تُضْرَبُ لَهُ مُدَّةُ الْإِيلَاءِ، وَيُحْكَمُ بِحُكْمِهِ؟ عَلَى رِوَايَتَيْنِ، وَإِنْ حَلَفَ عَلَى تَرْكِ الْوَطْءِ فِي الدُّبُرِ، أَوْ دُونَ الْفَرْجِ لَمْ يَكُنْ مُؤْلِيًا. وَإِنْ حَلَفَ أَلَّا يُجَامِعَهَا إِلَّا جِمَاعَ سُوءٍ، يُرِيدُ جِمَاعًا ضَعِيفًا، لَا يَزِيدُ عَلَى الْتِقَاءِ

ــ

[المبدع في شرح المقنع]

فِيهِ أَنْ يُقَالَ: كُلُّ زَوْجٍ صَحَّ طَلَاقُهُ صَحَّ إِيلَاؤُهُ، فَهُوَ إِذَنْ حَلِفُ زَوْجٍ - يُمْكِنُهُ الْوَطْءُ - بِاللَّهِ تَعَالَى، أَوْ صِفَةٍ مِنْ صِفَاتِهِ عَلَى تَرْكِ الْوَطْءِ، وَلَوْ قَبْلَ الدُّخُولِ فِي الْقُبُلِ، فَالزَّوْجُ يَحْتَرِزُ بِهِ عَمَّا لَوْ قَالَ لِأَجْنَبِيَّةٍ: وَاللَّهِ لَا أَطَؤُكِ أَبَدًا، وَيُمْكِنُهُ الْوَطْءُ احْتِرَازًا مِنَ الصَّبِيِّ، وَالْمَجْنُونِ، وَقَوْلُهُ: فِي الْقُبُلِ - يُحْتَرَزُ بِهِ عَنِ الرَّتْقَاءِ، وَنَحْوِهَا.

[شُرُوطُ الْإِيلَاءِ]

[الشَّرْطُ الْأَوَّلُ الْحَلِفُ عَلَى تَرْكِ الْوَطْءِ فِي الْقُبُلِ]

(وَيُشْتَرَطُ لَهُ شُرُوطٌ أَرْبَعَةٌ أَحَدُهَا الْحَلِفُ عَلَى تَرْكِ الْوَطْءِ فِي الْقُبُلِ) لِأَنَّهُ الَّذِي يَحْصُلُ بِهِ الضَّرَرُ، وَيَجِبُ عَلَى الزَّوْجِ فِعْلُهُ، وَيَضُرُّ الزَّوْجَةَ فَقْدُهُ. (فَإِنْ تَرَكَهُ بِغَيْرِ يَمِينٍ لَمْ يَكُنْ مُؤْلِيًا) لِأَنَّ الْإِيلَاءَ هُوَ الْحَلِفُ، وَلَمْ يُوجَدْ (لَكِنْ إِنْ تَرَكَهُ مُضِرًّا بِهَا مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ فَهَلْ تُضْرَبُ لَهُ مُدَّةُ الْإِيلَاءِ، وَيُحْكَمُ بِحُكْمِهِ عَلَى رِوَايَتَيْنِ) ، أَشْهَرُهُمَا نَعَمْ؛ لِأَنَّهُ تَارِكٌ لِوَطْئِهَا ضِرَارًا بِهَا أَشْبَهَ الْمُؤْلِي، وَلِأَنَّ مَا لَا يَجِبُ إِذَا لَمْ يَحْلِفْ لَا يَجِبُ إِذَا حَلَفَ عَلَى تَرْكِهِ كَالزِّيَادَةِ عَلَى الْوَاجِبِ. وَثُبُوتُ حُكْمِ الْإِيلَاءِ لَهُ لَا يَمْنَعُ مِنْ قِيَاسِ غَيْرِهِ عَلَيْهِ إِذَا كَانَ فِي مَعْنَاهُ كَسَائِرِ الْأَحْكَامِ الثَّابِتَةِ بِالْقِيَاسِ.

الثَّانِيَةُ: لَا تُضْرَبُ لَهُ مُدَّةٌ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِمُؤْلٍ فَلَا يَثْبُتُ لَهُ حُكْمُهُ كَمَا لَوْ تَرَكَهُ لَعُذْرٍ، وَلِأَنَّ تَخْصِيصَ الْإِيلَاءِ بِحُكْمٍ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَا يَثْبُتُ بِدُونِهِ، وَكَذَا حُكْمُ مَنْ ظَاهَرَ، وَلَمْ يُكَفِّرْ، وَقَصَدَ الْإِضْرَارَ بِهَا.

(وَإِنْ حَلَفَ عَلَى تَرْكِ الْوَطْءِ فِي الدُّبُرِ، أَوْ دُونَ الْفَرْجِ لَمْ يَكُنْ مُؤْلِيًا) أَمَّا أَوَّلًا فَإِنَّهُ لَمْ يَتْرُكِ الْوَطْءَ الْوَاجِبَ عَلَيْهِ، وَلَا تَتَضَرَّرُ الْمَرْأَةُ بِتَرْكِهِ؛ لِأَنَّهُ وَطْءٌ مُحَرَّمٌ، وَقَدْ أَكَّدَ مَنْعَ نَفْسِهِ مِنْهُ بِيَمِينِهِ، وَأَمَا ثَانِيًا فَلِأَنَّهُ لَمْ يَحْلِفْ عَلَى الْوَطْءِ الَّذِي يُطَالِبُ بِهِ فِي الْفَيْئَةِ، وَلَا ضَرَرَ عَلَى الْمَرْأَةِ فِي تَرْكِهِ.

(وَإِنْ حَلَفَ أَلَّا يُجَامِعَهَا إِلَّا جِمَاعَ سُوءٍ، يُرِيدُ جِمَاعًا ضَعِيفًا، لَا يَزِيدُ عَلَى الْتِقَاءِ الْخِتَانَيْنِ لَمْ يَكُنْ مُؤْلِيًا) لِأَنَّ الضَّعِيفَ كَالْقَوِيِّ فِي الْحُكْمِ. وَإِنْ قَالَ: أَرَدْتُ وَطْئًا لَا أَبْلُغُ الْتِقَاءَ الْخِتَانَيْنِ، فَهُوَ مُؤْلٍ؛ لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُهُ الْوَطْءُ الْوَاجِبُ عَلَيْهِ فِي الْفَيْئَةِ بِغَيْرِ حِنْثٍ.

<<  <  ج: ص:  >  >>