بَابُ الْمُوصَى لَهُ تَصِحُّ الْوَصِيَّةُ لِكُلِّ مَنْ يَصِحُّ تَمْلِيكُهُ مِنْ مُسْلِمٍ وَذِمِّيٍّ وَمُرْتَدٍّ وَحَرْبِيٍّ، وَقَالَ ابْنُ أَبِي مُوسَى: لَا تَصِحُّ لِمُرْتَدٍ، وَتَصِحُّ لِمُكَاتَبِهِ وَمُدَبَّرِهِ وَأُمِّ وَلَدِهِ، وَتَصِحُّ لِعَبْدِ غَيْرِهِ،
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
لَا يَدُلُّ عَلَى التَّسَاوِي فِي الْحُكْمِ؛ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {كُلُوا مِنْ ثَمَرِهِ} [الأنعام: ١٤١] . الْآيَةَ. وَالثَّانِي: أَنَّهُ مِنَ الثُّلُثِ؛ لِأَنَّهُ قَرَنَ بِهِ مَا يُخْرِجُهُ مِنَ الثُّلُثِ، وَمَنْ مَاتَ بِطَرِيقِ مَكَّةَ، لَزِمَهُ أَنْ يُوصِي بِحَجَّةِ الْإِسْلَامِ، قَالَهُ فِي الرَّوْضَةِ، وَكَذَا كُلُّ وَاجِبٍ عَلَيْهِ.
[بَابُ الْمُوصَى لَهُ]
ُ هَذَا هُوَ الرُّكْنُ الثَّانِي (تَصِحُّ الْوَصِيَّةُ لِكُلِّ مَنْ يَصِحُّ تَمْلِيكُهُ مِنْ مُسْلِمٍ وَذِمِّيٍّ) بِغَيْرِ خِلَافٍ نَعْلَمُهُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {إِلا أَنْ تَفْعَلُوا إِلَى أَوْلِيَائِكُمْ مَعْرُوفًا} [الأحزاب: ٦] . قَالَ مُحَمَّدُ ابْنُ الْحَنَفِيَّةِ: هُوَ وَصِيَّةُ الْمُسْلِمِ لِلْيَهُودِيِّ وَالنَّصْرَانِيِّ؛ لِأَنَّ الْهِبَةَ تَصِحُّ لَهُمْ، فَصَحَّتْ لَهُمُ الْوَصِيَّةُ كَالْمُسْلِمِ، وَعُلِمَ مِنْهُ صِحَّتُهَا مِنَ الذِّمِّيِّ لِلْمُسْلِمِ مِنْ بَابِ أَوْلَى، وَيُسْتَثْنَى مِنَ الْوَصِيَّةِ لِكَافِرٍ مَا إِذَا أَوْصَى لَهُ بِمُصْحَفٍ، أَوْ عَبْدٍ مُسْلِمٍ، أَوْ سِلَاحٍ، أَوْ حَدِّ قَذْفٍ، فَإِنَّهُ لَا يَصِحُّ، (وَمُرْتَدٍّ) كَالْهِبَةِ، ذَكَرَهُ أَبُو الْخَطَّابِ. وَلَكِنْ إِنْ ضَاقَ الثُّلُثُ عَنْهُ وَعَنْ وَصِيَّتِهِ، بُدِئَ بِعِتْقِهِ، وَحَرْبِيٍّ، وَظَاهِرُهُ وَلَوْ كَانَ فِي دَارِ الْحَرْبِ، نَصَّ عَلَيْهِ، وَقَالَهُ أَكْثَرُ الْعُلَمَاءِ، وَقِيلَ: لَا يَصِحُّ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {إِنَّمَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ قَاتَلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَأَخْرَجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ} [الممتحنة: ٩] ، فَدَلَّ عَلَى أَنَّ مَنْ قَاتَلَنَا، لَا يَحِلُّ بِرُّهُ، وَجَوَابُهُ: بِأَنَّهُ قَدْ حَصَلَ الْإِجْمَاعُ عَلَى صِحَّةِ الْهِبَةِ لَهُ، وَالْوَصِيَّةُ فِي مَعْنَاهُ، وَقَضِيَّةُ عُمَرَ شَاهِدَةٌ بِذَلِكَ، وَمَحَلُّ الْخِلَافِ فِيهِ إِذَا أَوْصَى لَهُ بِغَيْرِ السِّلَاحِ وَالْخَيْلِ، فَإِنْ كَانَتْ بِشَيْءٍ مِنْهُمَا فَيَتَوَجَّهُ أَنَّهُ كَبَيْعِهِ مِنْهُ.
فَرْعٌ: إِذَا أَوْصَى لِحَرْبِيٍّ بِعَبْدٍ كَافِرٍ، فَأَسْلَمَ قَبْلَ مَوْتِ الْمُوصِي بَطَلَتْ، وَإِنْ أَسْلَمَ بَعْدَهُ قَبْلَ الْقَبُولِ فَوَجْهَانِ، وَقِيلَ: إِنْ مُلِكَتْ بِالْقَبُولِ بَطَلَتْ، وَإِنْ مَلَكَهُ بِالْمَوْتِ: فَلَا، وَقِيلَ: بَلَى، وَهُوَ أَوْلَى (وَقَالَ ابْنُ أَبِي مُوسَى لَا تَصِحُّ لِمُرْتَدٍّ) ؛ لِأَنَّ مِلْكَهُ غَيْرُ مُسْتَقِرٍّ، وَلَا يَرِثُ وَلَا يُورَثُ، فَهُوَ كَالْمَيِّتِ، وَلِأَنَّ مِلْكَهُ يَزُولُ عَنْ مَالِهِ بِرِدَّتِهِ فِي قَوْلِ أَبِي بَكْرٍ وَجَمَاعَةٍ، فَلَا يَثْبُتُ الْمِلْكُ لَهُ بِالْوَصِيَّةِ، وَقَالَ ابْنُ حَمْدَانَ: إِنْ بَقِي مِلْكُهُ، صَحَّ الْإِيصَاءُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute