للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فِي كَفَّارَةِ الْقَتْلِ إِلَّا رَقَبَةٌ مُؤْمِنَةٌ وَكَذَلِكَ فِي سَائِرِ الْكَفَّارَاتِ فِي ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ وَلَا

ــ

[المبدع في شرح المقنع]

فَبُذِلَ لَهُ بِثَمَنٍ فِي الذِّمَّةِ يَقْدِرُ عَلَى أَدَائِهِ فِي بَلَدِهِ وَجْهَيْنِ: أَحَدُهُمَا: يَلْزَمُهُ وَاخْتَارَهُ الْقَاضِي ; لِأَنَّهُ قَادِرٌ عَلَى أَخْذِهِ بِمَا لَا مَضَرَّةَ فِيهِ، وَالثَّانِي: وَقَالَهُ أَبُو الْحَسَنِ التَّمِيمِيُّ لَا ; لِأَنَّ عَلَيْهِ ضَرَرًا فِي بَقَاءِ الدَّيْنِ فِي ذِمَّتِهِ، وَرُبَّمَا تَلِفَ مَالُهُ قَبْلَ أَدَائِهِ فَيَخْرُجُ هَاهُنَا عَلَى الْوَجْهَيْنِ. قَالَ فِي " الشَّرْحِ ": وَالْأَوْلَى إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ، وَظَاهِرُهُ أَنَّهَا إِذَا لَمْ تَبِعْ نَسِيئَةً، فَإِنَّهُ يَجُوزُ الصَّوْمُ. قَدَّمَهُ فِي " الْمُحَرَّرِ " وَ " الْفُرُوعِ " لِلْحَاجَةِ وَكَالْعَادِمِ، وَقِيلَ: لَا، وَقِيلَ: فِي غَيْرِ ظِهَارٍ لِلْحَاجَةِ لِتَحْرِيمِهَا قَبْلَ التَّكْفِيرِ. وَفِي " الشَّرْحِ " إِذَا كَانَ مَرْجُوَّ الْحُضُورِ قَرِيبًا لَمْ يَجُزِ الِانْتِقَالُ إِلَى الصِّيَامِ ; لِأَنَّ ذَلِكَ بِمَنْزِلَةِ الِانْتِظَارِ لِشِرَاءِ الرَّقَبَةِ، وَإِنْ كَانَ بَعِيدًا جَازَ الِانْتِقَالُ إِلَيْهِ فِي غَيْرِ كَفَّارَةِ الظِّهَارِ.

١ -

فَرْعٌ: لَا يَجُوزُ تَقْدِيمُ كَفَّارَةِ الظِّهَارِ قَبْلَهُ، فَلَوْ قَالَ لِعَبْدِهِ أَنْتَ حُرُّ السَّاعَةَ عَنْ ظِهَارِي - عَتَقَ، وَلَمْ يُجْزِئْهُ عَنْهُ، فَإِنْ قَالَ: إِنْ ظَاهَرْتُ فَأَنْتَ حُرٌّ عَنْ ظِهَارِي، ثُمَّ قَالَ لِامْرَأَتِهِ أَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي - عَتَقَ، وَفِي إِجْزَائِهِ عَنِ الْكَفَّارَةِ وَجْهَانِ.

[لَا تُجْزِئُ فِي الْكَفَّارَاتِ إِلَّا رَقَبَةٌ مُؤْمِنَةٌ سَلِيمَةٌ مِنَ الْعُيُوبِ]

(وَلَا تُجْزِئُهُ فِي كَفَّارَةِ الْقَتْلِ إِلَّا رَقَبَةٌ مُؤْمِنَةٌ) رِوَايَةً وَاحِدَةً. قَالَهُ فِي " الْمُسْتَوْعِبِ " وَحَكَاهُ ابْنُ حَزْمٍ إِجْمَاعًا، وَسَنَدُهُ قَوْله تَعَالَى: {وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِنًا خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ} [النساء: ٩٢] (وَكَذَلِكَ فِي سَائِرِ الْكَفَّارَاتِ فِي ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ) وَهُوَ قَوْلُ الْحَسَنِ وَإِسْحَاقَ، وَالْأَكْثَرِ قِيَاسًا عَلَى كَفَّارَةِ الْقَتْلِ. وَلِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -: «أَعْتِقْهَا، فَإِنَّهَا مُؤْمِنَةٌ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ مِنْ حَدِيثِ مُعَاوِيَةَ. وَعَنْهُ: يُجْزِئُهُ فِي غَيْرِ كَفَّارَةِ قَتْلٍ عِتْقُ رَقَبَةٍ، وَقِيلَ: كَافِرَةٌ، وَقِيلَ: كِتَابِيَّةٌ، وَقِيلَ: ذِمِّيَّةٌ، وَهُوَ قَوْلُ عَطَاءٍ، وَالثَّوْرِيِّ ; لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَطْلَقَ الرَّقَبَةَ فِي كَفَّارَةِ الظِّهَارِ فَوَجَبَ أَنْ يُجْزِئَ مَا تَنَاوَلَهُ الْإِطْلَاقُ، وَجَوَابُهُ: بِأَنَّ الْمُطْلَقَ يُحْمَلُ عَلَى

<<  <  ج: ص:  >  >>