فصل
إِذَا مَاتَ رَجُلٌ وَخَلَّفَ وَلَدَيْنِ مُسْلِمًا وَكَافِرًا، وَادَّعَى كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَنَّهُ مَاتَ عَلَى دِينِهِ، فَإِنْ عُرِفَ أَصْلُ دِينِهِ فَالْقَوْلُ قَوْل من يَدَّعِيهِ، وَإِنْ لَمْ يُعْرَفْ فَالْمِيرَاثُ لِلْكَافِرِ؛ لِأَنَّ الْمُسْلِمَ لَا يُقِرُّ وَلَدُهُ عَلَى الْكُفْرِ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ، وَإِنْ لَمْ يَعْتَرِفِ الْمُسْلِمُ
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
رَجَعَ عَنْ وَصِيَّةِ أَحَدِهِمَا، أَقْرَعَ بَيْنَهُمَا فَمَنْ قُرِعَ قُدِّمَ، وَإِنْ تَأَخَّرَتْ وَصِيَّتُهُ، ذَكَرَهُ ابْنُ أَبِي مُوسَى وَالسَّامَرِّيُّ، وَذَكَرَ أَبُو بَكْرٍ: أَنَّهُ قِيَاسُ قَوْلِ أَحْمَدَ، وَإِذَا صَحَّ الرُّجُوعُ عَنْ إِحْدَاهُمَا بِغَيْرِ تَعْيِينٍ صَحَّتِ الشَّهَادَةُ بِهِ؛ لِأَنَّ الْوَصِيَّةَ تَصِحُّ بِالْمَجْهُولِ وَتَصِحُّ الشَّهَادَةُ فِيهَا بِالْمَجْهُولِ.
وَقَالَ الْقَاضِي: لَا تَصِحُّ الشَّهَادَةُ؛ لِأَنَّهُمَا لَمْ يُعِينَا الْمَشْهُودَ عَلَيْهِ، كَمَا لَوْ قَالَا: نَشْهَدُ أَنَّ لِهَذَا عَلَى أَحَدِ هَذَيْنِ أَلْفًا، فَلَوْ شَهِدَ اثْنَانِ أَنَّهُ وَصَّى لِزَيْدٍ بِثُلُثِ مَالِهِ وَشَهِدَ وَاحِدٌ أَنَّهُ وَصَّى لِعَمْرٍو بِثُلُثِ مَالِهِ، انْبَنَى عَلَى الْخِلَافِ.
أَحَدُهُمَا: يَتَعَارَضَانِ، فَيَحْلِفُ عَمْرٌو مَعَ شَاهِدِهِ، وَيُقَسَّمُ الثُّلُثُ بَيْنَهُمَا.
وَالثَّانِي: لَا، فَيَنْفَرِدُ زَيْدٌ بِالثُّلُثِ، وَتَقِفُ وَصِيَّةُ عَمْرٍو عَلَى إِجَازَةِ الْوَرَثَةِ.
فَأَمَّا إِنْ شَهِدَ وَاحِدٌ بِالرُّجُوعِ عَنْ وَصِيَّةِ زَيْدٍ فَلَا تَعَارُضَ، وَيَحْلِفُ عَمْرٌو مَعَ شَاهِدِهِ وَتَثْبُتُ لَهُ الْوَصِيَّةُ.
وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا: أَنْ فِي الْأُولَى تَقَابَلَتِ الْبَيِّنَتَانِ فَقَدَّمْنَا أَقْوَاهُمَا.
وَفِي الثَّانِيَةِ: لَمْ تَتَقَابَلَا وَإِنَّمَا ثَبَتَ الرُّجُوعُ، وَهُوَ يَثْبُتُ بِالشَّاهِدِ وَالْيَمِينِ، لِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْهُ الْمَالُ.
[اخْتِلَافُ دِينِ الْوَرَثَةِ بِالِادِّعَاءِ]
(إِذَا مَاتَ رَجُلٌ وَخَلَّفَ وَلَدَيْنِ مُسْلِمًا وَكَافِرًا، وَادَّعَى كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَنَّهُ مَاتَ عَلَى دِينِهِ، فَإِنْ عُرِفَ أَصْلُ دِينِهِ) مِنْ إِسْلَامٍ أَوْ كُفْرٍ، (فَالْقَوْلُ قَوْلُ من يدَّعِيهِ) رِوَايَةٌ وَاحِدَةٌ، إِنْ حَلَفَ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاءُ مَا كَانَ عَلَيْهِ كَسَائِرِ الْمَوَاضِعِ، (وَإِنْ لَمْ يُعْرَفْ فَالْمِيرَاثُ لِلْكَافِرِ) جَزَمَ بِهِ الْأَصْحَابُ، إِنِ اعْتَرَفَ الْمُسْلِمُ بِأُخُوَّةِ الْكَافِرِ، (لِأَنَّ الْمُسْلِمَ لَا يُقِرُّ وَلَدَهُ عَلَى الْكُفْرِ فِي دَارِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute