الْمَذْهَبِ، وَعَنْهُ: تُقْبَلُ مِمَّنْ هُوَ فِي حَالِ أَهْلِ الْعَدَالَةِ، وَعَنْهُ: لَا تُقْبَلُ إِلَّا فِي الْجِرَاحِ، إِذَا شَهِدُوا قَبْلَ الِافْتِرَاقِ عَنِ الْحَالِ الَّتِي تَجَارَحُوا عَلَيْهَا.
الثَّانِي: الْعَقْلُ، فَلَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ مَعْتُوهٍ وَلَا مَجْنُونٍ، إِلَّا مَنْ يُخْنَقُ فِي الْأَحْيَانِ إِذَا شَهِدَ فِي إِفَاقَتِهِ.
الثَّالِثُ:
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
وَلَيْسَ مِمَّنْ يُرْضَى، وَقَدْ أَخْبَرَ اللَّهُ تَعَالَى أَنَّ الشَّاهِدَ الْكَاتِمَ شَهَادَتَهُ آثِمٌ، وَالصَّبِيَّ لَيْسَ بِآثِمٍ فَدَلَّ عَلَى أَنَّهُ لَيْسَ بِشَاهِدٍ، وَرَوَاهُ سَعِيدٌ بِإِسْنَادٍ جَيِّدٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَلِأَنَّهُ لَا تَحْصُلُ الثِّقَةُ بِقَوْلِهِ لِعَدَمِ خَوْفِهِ مِنْ مَأْثَمِ الْكَذِبِ، وَلِأَنَّ مَنْ لَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ عَلَى نَفْسِهِ فِي الْإِقْرَارِ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ عَلَى غَيْرِهِ، كَالْمَجْنُونِ (وَعَنْهُ: تُقْبَلُ مِمَّنْ هُوَ فِي حَالِ أَهْلِ الْعَدَالَةِ) لِأَنَّهُ يُمْكِنُهُ ضَبْطُ مَا يَشْهَدُ بِهِ، فَقُبِلَتْ كَالْبَالِغِ.
وَاسْتَثْنَى ابْنُ حَامِدٍ مِنْهَا الْحُدُودَ وَالْقِصَاصَ، فَلَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ فِيهَا احْتِيَاطًا، وَهَلْ يكتفي بِالْعَقْلِ فَقَطْ ـ كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ فِي رِوَايَةِ حَنْبَلٍ ـ أَوْ لَا بُدَّ مِنْ بُلُوغِ عَشْرِ سِنِينَ، وَهُوَ ظَاهِرُ نَصِّهِ فِي رِوَايَةِ أَبِيهِ إِبْرَاهِيمَ، وَقَالَهُ فِي الْكَافِي وَالْمُغْنِي عَلَى قَوْلَيْنِ.
وَعَنْهُ: مِنَ الْمُمَيَّزِ، وَقِيلَ: عَلَى مِثْلِهِ (وَعَنْهُ: لَا تُقْبَلُ إِلَّا فِي الْجِرَاحِ، إِذَا شَهِدُوا قَبْلَ الِافْتِرَاقِ عَنِ الْحَالِ الَّتِي تَجَارَحُوا عَلَيْهَا) رَوَاهُ سَعِيدٌ، ثَنَا هُشَيْمٌ، عَنْ مُغِيرَةَ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: كَانُوا يُجِيزُونَ شَهَادَةَ بَعْضِهِمْ عَلَى بَعْضٍ فِيمَا كَانَ بَيْنَهُمْ، وَلِأَنَّ الظَّاهِرَ صِدْقُهُمْ وَضَبْطُهُمْ، فَإِنْ تَفَرَّقُوا لَمْ تُقْبَلْ شَهَادَتُهُمْ؛ لِأَنَّهُ يُحْتَمَلُ أَنْ يُلَقَّنُوا، وَحَكَاهُ ابْنُ الْحَاجِبِ: إِجْمَاعُ أَهْلِ الْمَدِينَةِ، وَعَنْهُ: تُقْبَلُ فِي الْجِرَاحِ وَالْقَتْلِ، خَاصَّةً إِذَا أَدَّاهَا أَوْ أَشْهَدَ عَلَى شَهَادَتِهِ قَبْلَ التَّفَرُّقِ عَنْ تِلْكَ الْحَالِ، وَلَا يُلْتَفَتُ إِلَى رُجُوعِهِمْ بَعْدَ ذَلِكَ، وَزَادَ ابْنُ عَقِيلٍ فِي التَّذْكِرَةِ: إِذَا وَجَدَ ذَلِكَ فِي الصَّحْرَاءِ.
[الْعَقْلُ]
(الثَّانِي: الْعَقْلُ) وَهُوَ نَوْعٌ مِنَ الْعُلُومِ الضَّرُورِيَّةِ، وَهُوَ فِطْنَةٌ، وَالْعَاقِلُ مَنْ عَرَفَ الْوَاجِبَ عَقْلًا؛ الضَّرُورِيَّ وَغَيْرَهُ، وَالْمُمْكِنَ وَالْمُمْتَنِعَ، وَمَا يَضُرُّهُ وَيَنْفَعُهُ غَالِبًا؛ لِأَنَّ مَنْ لَا عَقْلَ لَهُ لَا يُمْكِنُهُ تَحَمُّلُ الشَّهَادَةِ وَلَا أَدَاؤُهَا؛ لِأَنَّهُ لَا يَعْقِلُ ذَلِكَ إِلَّا بِضَبْطِ الشَّهَادَةِ، (فَلَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ مَعْتُوهٍ وَلَا مَجْنُونٍ) وَلَا سَكْرَانَ، وَذَكَرَ ابْنُ الْمُنْذِرِ الْإِجْمَاعَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute