فَصْلٌ الْقِسْمُ الثَّانِي: فَاسِدٌ، وَهُوَ ثَلَاثَةُ أَنْوَاعٍ، أَحَدُهَا: مَا يُبْطِلُ النِّكَاحَ، وَهُوَ ثَلَاثَةُ أَشْيَاءَ، أَحَدُهَا: نِكَاحُ الشِّغَارِ، وَهُوَ أَنْ يُزَوِّجَهُ وَلِيَّتَهُ عَلَى أَنْ يُزَوِّجَهُ الْآخَرُ وَلِيَّتَهُ، وَلَا
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
فِي " عُيُونِ الْمَسَائِلَ " وَغَيْرِهَا: إِذَا شَرَطَتْ أَنْ لَا يُسَافِرَ بِهَا إِذَا أَرَادَتِ انْتِقَالًا، لَمْ يَصِحَّ ; لِأَنَّهُ اشْتِرَاطُ تَصَرُّفِ الزَّوْجِ بِحُكْمِ عَقْدِ النِّكَاحِ، وَذَلِكَ لَا يَجُوزُ، كَمَا لَوْ شَرَطَتْ أَنْ تَسْتَدْعِيَهُ إِلَى النِّكَاحِ وَقْتَ حَاجَتِهَا وَإِرَادَتِهَا، وَهُنَا شَرَطَتِ التَّسْلِيمَ عَلَى نَفْسِهَا فِي مَكَانٍ مَخْصُوصٍ، فَاقْتَصَرَتْ بِالشَّرْطِ فِي تَصَرُّفِهِ فِيهَا عَلَى بَعْضِ مَا تَسْتَحِقُّهُ مِنَ التَّصَرُّفِ بِإطْلَاقِ الْعَقْدِ، وَذَلِكَ غَيْرُ مُمْتَنَعٍ كَمَا بَيَّنَّا أَنَّ الشَّرْعَ قَصَرَ تَصَرُّفَهُ عَلَى مَكَانٍ وَعَدَدٍ، فَلَا يَخُصُّ الشَّرْعُ الزَّوْجَةَ بِالتَّصَرُّفِ فِي الزَّوْجِ، قَالَ فِي " الْفُرُوعِ ": وَيَتَوَجَّهُ لَا يَبْعُدُ صِحَّتُهُ، وَأَنَّهُ يَخْرُجُ مِنْ شَرْطِهَا طَلَاقُ ضُرَّتِهَا.
أَصْلٌ: ذَكَرَ الشَّيْخُ شَمْسُ الدِّينِ بْنُ الْقَيِّمِ فِي " الْهَدْيِ " فِي قِصَّةِ بَنِي هَاشِمِ بْنِ الْمُغِيرَةِ لَمَّا اسْتَأْذَنُوا أَنْ يُزَوِّجُوا عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ ابْنَةَ أَبِي جَهْلٍ قَالَ فِيهِ: إِنَّهُ تَضَمَّنَ هَذَا مَسْأَلَةَ الشَّرْطِ ; لِأَنَّهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - أَخْبَرَ أَنَّهُ يُؤْذِي فَاطِمَةَ، وَيُرِيبُهَا، وَيُؤْذِيهِ وَيُرِيبُهُ، وَأَنَّهُ مَعْلُومٌ أَنَّهُ إِنَّمَا زَوَّجَهُ عَلَى عَدَمِ ذَلِكَ، وَأَنَّهُ إِنَّمَا دَخَلَ عَلَيْهِ وَإِنْ لَمْ يُشْتَرَطْ فِي الْعَقْدِ، وَفِي ذِكْرِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - صِهْرَهُ الْآخَرَ بِأَنَّهُ حَدَّثَهُ فَصَدَقَهُ، وَوَعَدَهُ فَوَفَى لَهُ - تَعْرِيضٌ لِعَلِيٍّ، وَأَنَّهُ قَدْ جَرَى مِنْهُ وَعْدٌ لَهُ بِذَلِكَ، فَحَثَّهُ عَلَيْهِ، قَالَ: فَيُؤْخَذُ مِنْ هَذَا أَنَّ الْمَشْرُوطَ عُرْفًا كَالْمَشْرُوطِ لَفْظًا، وَأَنَّ عَدَمَهُ يَمْلِكُ بِهِ الْفَسْخَ، فَقَوْمٌ لَا يُخْرِجُونَ نِسَاءَهُمْ مِنْ دِيَارِهِمْ، أَوِ الْمَرْأَةُ مِنْ بَيْتٍ لَا يَتَزَوَّجُ الرَّجُلُ عَلَى نِسَائِهِمْ ضُرَّةً، وَيَمْنَعُونَ الْأَزْوَاجَ مِنْهُ، أَوْ تُعْلَمُ عَادَةً أَنَّ الْمَرْأَةَ لَا تُمَكِّنُ مِنْ إِدْخَالِ الضُّرَّةِ عَلَيْهَا - كَانَ ذَلِكَ كَالْمَشْرُوطِ لَفْظًا، وَهَذَا مُطَّرِدٌ عَلَى قَوَاعِدِ أَهْلِ الْمَدِينَةِ، وَأَحْمَدَ: أَنَّ الشَّرْطَ الْعُرْفِيَّ كَاللَّفْظِيِّ، وَبِهَذَا أَوْجَبُوا الْأُجْرَةَ عَلَى مَنْ دَفَعَ ثَوْبَهُ إِلَى قَصَّارٍ، الْمَسْأَلَةُ الْمَشْهُورَةُ.
فَرْعٌ: مَتَى بَانَتْ مِنْ زَوْجِهَا فَلَا حَقَّ لَهَا فِي الشَّرْطِ، نَقَلَ أَبُو الْحَارِثِ: وَإِنْ أَعْطَتْهُ مَالًا، وَاشْتَرَطَتْ عَلَيْهِ أَنْ لَا يَتَزَوَّجَ عَلَيْهَا - يَرُدُّ عَلَيْهَا الْمَالَ إِذَا تَزَوَّجَ، وَأَنَّهُ لَوْ دَفَعَ إِلَيْهَا مَالًا عَلَى أَنْ لَا تَتَزَوَّجَ بَعْدَ مَوْتِهِ، فَتَزَوَّجَتْ - يُرَدُّ الْمَالُ إِلَى وَرَثَتِهِ.
[الشُّرُوطُ الْفَاسِدَةُ]
[مَا يُبْطِلُ النِّكَاحَ]
[نِكَاحُ الشِّغَارِ]
فَصْلٌ (الْقِسْمُ الثَّانِي: فَاسِدٌ، وَهُوَ ثَلَاثَةُ أَنْوَاعٍ: أَحَدُهَا: مَا يُبْطِلُ النِّكَاحَ، وَهُوَ ثَلَاثَةُ أَشْيَاءَ، أَحَدُهَا: نِكَاحُ الشِّغَارِ) قِيلَ: سُمِّيَ بِهِ لِقُبْحِهِ تَشْبِيهًا بِرَفْعِ الْكَلْبِ رِجْلَهُ لِيَبُولَ،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute