للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سَبْعَةٍ أَحَدُهَا: أَنْ يَكُونَ فِيمَا يُمْكِنُ ضَبْطُ صِفَاتِهِ كَالْمَكِيلِ، وَالْمَوْزُونِ، وَالْمَذْرُوعِ فَأَمَّا

ــ

[المبدع في شرح المقنع]

سَلَمًا لِتَسْلِيمِ رَأْسِ الْمَالِ فِي الْمَجْلِسِ وَسَلَفًا لِتَقْدِيمِهِ، وَفِي الشَّرْعِ: هُوَ أَنْ يُسَلِّمَ عَيْنًا حَاضِرَةً فِي عِوَضٍ مَوْصُوفٍ فِي الذِّمَّةِ إِلَى أَجَلٍ، وَفِي " الْوَجِيزِ ": هُوَ بَيْعُ مَعْدُومٍ خَاصٍّ لَيْسَ نَفْعًا إِلَى أَجَلٍ بِثَمَنٍ مَقْبُوضٍ فِي مَجْلِسِ الْعَقْدِ وَاعْتُرِضَ عَلَيْهِمَا بِأَنَّ قَبْضَ الثَّمَنِ شَرْطٌ مِنْ شُرُوطِهِ لَا أَنَّهُ دَاخِلٌ فِي حَقِيقَتِهِ، وَالْأَوْلَى أَنَّهُ بَيْعٌ مَوْصُوفٌ فِي الذِّمَّةِ إِلَى أَجَلٍ، وَالْإِجْمَاعُ عَلَى جَوَازِهِ. ذَكَرَهُ ابْنُ الْمُنْذِرِ وَسَنَدُهُ الْكِتَابُ، وَهُوَ آيَةُ الدَّيْنِ.

قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: أَشْهَدُ أَنَّ السَّلَفَ الْمَضْمُونَ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى قَدْ أَحَلَّهُ اللَّهُ تَعَالَى فِي كِتَابِهِ وَأَذِنَ فِيهِ، ثُمَّ قَرَأَ الْآيَةَ. رَوَاهُ سَعِيدٌ، وَالسُّنَّةُ فَرَوَى ابْنُ عَبَّاسٍ «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَدِمَ الْمَدِينَةَ وَهُمْ يُسْلِفُونَ فِي الثِّمَارِ السَّنَةَ، وَالسَّنَتَيْنِ، فَقَالَ: مَنْ أَسْلَفَ فِي شَيْءٍ فَلْيُسْلِفْ فِي كَيْلٍ مَعْلُومٍ وَوَزْنٍ مَعْلُومٍ إِلَى أَجَلٍ مَعْلُومٍ» . مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، وَالْمَعْنَى شَاهِدٌ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّ بِالنَّاسِ حَاجَةً إِلَيْهِ؛ لِأَنَّ أَرْبَابَ الزُّرُوعِ، وَالثِّمَارِ يَحْتَاجُونَ إِلَى النَّفَقَةِ عَلَيْهَا لِتَكْمُلَ فَجَوَّزَ لَهُمُ السَّلَمَ لِيَرْتَفِقُوا وَلِيَرْتَفِقَ الْمُسْلِمُ بِالِاسْتِرْخَاصِ.

(وَهُوَ نَوْعٌ مِنَ الْبَيْعِ) ؛ لِأَنَّهُ بَيْعٌ إِلَى أَجَلٍ فَشَمِلَهُ النَّصُّ (يَصِحُّ بِأَلْفَاظِهِ) أَيْ: بِأَلْفَاظِ الْبَيْعِ؛ لِأَنَّهُ بَيْعٌ حَقِيقَةً (وَبِلَفْظِ السَّلَمِ، وَالسَّلَفِ) ؛ لِأَنَّهُمَا حَقِيقَةٌ فِيهِ، إِذْ هُمَا لِلْبَيْعِ الَّذِي عُجِّلَ ثَمَنُهُ وَأُجِّلَ مُثَمَّنُهُ.

[شُرُوطُ صِحَّةِ السَّلَمِ]

[الْأَوَّلُ أَنْ يَكُونَ فِيمَا يُمْكِنُ ضَبْطُ صِفَاتِهِ]

(وَلَا يَصِحُّ إِلَّا بِشُرُوطٍ سَبْعَةٍ) وَجَعَلَهَا فِي " الْمُحَرَّرِ " أَرْبَعَةً زَائِدًا عَلَى شُرُوطِ الْبَيْعِ، فَيَكُونُ أَرْبَعَةَ عَشَرَ شَرْطًا، لَكِنْ ذكر الحلواني مِنْ شَرْطِ صِحَّةِ السَّلَمِ أَنْ يُوجَدَ الْإِيجَابُ، وَالْقَبُولُ (أَحَدُهَا: أَنْ يَكُونَ فِيمَا يُمْكِنُ ضَبْطُ صِفَاتِهِ) أَيْ: الَّتِي يَخْتَلِفُ الثَّمَنُ بِاخْتِلَافِهَا اخْتِلَافًا كَثِيرًا ظَاهِرًا؛ لِأَنَّ مَا لَا يُمْكِنُ ضَبْطُ صِفَاتِهِ يَخْتَلِفُ كَثِيرًا فَيُفْضِي إِلَى الْمُنَازَعَةِ، وَالْمُشَاقَّةِ الْمَطْلُوبِ عَدَمُهَا (كَالْمَكِيلِ) فِي الْحُبُوبِ، وَغَيْرِهَا، وَهُوَ إِجْمَاعٌ فِي الطَّعَامِ، ذَكَرَهُ ابْنُ الْمُنْذِرِ (وَالْمَوْزُونِ) كَالْقُطْنِ، وَالْإِبْرِيسَمِ، وَالصُّوفِ، وَالنُّحَاسِ، وَالطِّيبِ، وَالْعِنَبِ، وَالْأَدْهَانِ،

<<  <  ج: ص:  >  >>