. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
[مَنْ تَعَذَّرَ غُسْلَهُ]
(وَمَنْ تَعَذَّرَ غُسْلَهُ) لِعَدَمِ الْمَاءِ أَوْ عُذْرٍ غَيْرِهِ، كَالْحَرْقِ، وَالْجُذَامِ، وَالتَّبْضِيعِ (يُمِّمَ) لِأَنَّ غُسْلَ الْمَيِّتِ طَهَارَةٌ عَلَى الْبَدَنِ، فَقَامَ التَّيَمُّمُ عِنْدَ الْعَجْزِ عَنْهُ مَقَامَهُ كَالْجَنَابَةِ، وَهَلْ يَلُفُّ مَنْ يُيَمِّمُهُ عَلَى يَدِهِ خِرْقَةً؟ سَبَقَ، وَإِنْ تَعَذَّرَ غُسْلُ بَعْضِهِ، غُسِّلَ بَعْضُهُ، مَا أَمْكَنَ، وَيُيَمَّمُ لِلْبَاقِي فِي أَصَحِّ الْوَجْهَيْنِ، وَعَنْهُ: يُكَفَّنُ، وَيُصَلَّى عَلَيْهِ بِلَا غُسْلٍ، وَلَا تَيَمُّمٍ؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ بالغسل التَّنْظِيفِ.
وَقَالَ ابْنُ أَبِي مُوسَى: الْمُحْتَرِقُ، وَالْمَجْذُومُ، وَالْمِبْضَعُ، يُصَبُّ الماء عَلَيْهِ صَبًّا، ثُمَّ يُكَفَّنُ، فَعَلَى الْأَوَّلِ: لَوْ يُمِّمَ لِعَدَمِ الْمَاءِ ثُمَّ صُلِّيَ عَلَيْهِ ثُمَّ وُجِدَ الْمَاءُ قَبْلَ دَفْنِهِ غُسِّلَ، وَكَذَا إِنْ وَجَدَهُ فِيهَا، فَلَوْ وَجَدَهُ بَعْدَ دَفْنِهِ لَمْ يُنْبَشْ، وَإِنْ بَذَلَهُ أَجْنَبِيٌّ لَزِمَ الْوَارِثَ قَبُولُهُ، بِخِلَافِ ثَمَنِهِ، فَإِنْ عُدِمَا صُلِّيَ عَلَيْهِ بِدُونِهِمَا وَدُفِنَ، فَإِنْ وُجِدَا أَوْ أَحَدُهُمَا بَعْدَ دَفْنِهِ لَمْ يُنْبَشْ، وَيَجُوزُ إِنْ أُمِنَ تَفَسُّخُهُ، وَإِنْ وُجِدَ الْمَاءُ قَبْلَ دَفْنِهِ غُسِّلَ، وَإِنْ وُجِدَ التُّرَابُ وَحْدَهُ، فَفِي إِنْشَاءِ التَّيَمُّمِ وَإِعَادَةِ الصَّلَاةِ احْتِمَالَانِ.
[عَلَى الْغَاسِلِ سَتْرُ مَا رَآهُ]
(وَعَلَى الْغَاسِلِ سَتْرُ مَا رَآهُ إِنْ لَمْ يَكُنْ حَسَنًا) يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الْغَاسِلُ أَمِينًا لِيَسْتُرَ مَا يَطَّلِعُ عَلَيْهِ، وَفِي الْخَبَرِ مَرْفُوعًا «لَيُغَسِّلَ مَوْتَاكُمُ الْمَأْمُونُونَ» رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ، وَعَنْ عَائِشَةَ مَرْفُوعًا «مَنْ غَسَّلَ مَيِّتًا وَأَدَّى فِيهِ الْأَمَانَةَ، وَلَمْ يُفْشِ عَلَيْهِ، خَرَجَ مِنْ ذُنُوبِهِ كَيَوْمِ وَلَدَتْهُ أُمُّهُ» رَوَاهُ أَحْمَدُ مِنْ رِوَايَةِ جَابِرٍ الْجُعْفِيِّ. عَارِفًا بِالْغُسِلِ دَيِّنًا فَاضِلًا، وَظَاهِرُهُ: يَلْزَمُهُ سَتْرُ الشَّرِّ، لَا إِظْهَارُ الْخَيْرِ، لِيُتَرَحَّمَ عَلَيْهِ، وَقِيلَ: يُسْتَحَبُّ.
قَالَ جَمَاعَةٌ: وَلَا بُدَّ أَنْ يُلْحَظَ فِي السَّتْرِ اخْتِصَاصُهُ بِأَهْلِ السُّنَّةِ، فَأَمَّا أَهْلُ الْبِدَعِ، أَوْ مَعْرُوفٌ بِفُجُورٍ، فَيُسَنُّ إِظْهَارُ شَرِّهِ، وَسَتْرُ خَيْرِهِ، وَنَرْجُو لِلْمُحْسِنِ، وَنَخَافُ عَلَى الْمُسِيءِ، وَلَا نَشْهَدُ إِلَّا لِمَنْ شَهِدَ لَهُ النَّبِيُّ ـ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ـ قَالَهُ الْأَصْحَابُ.
وَذَكَرَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ: أَوِ اتَّفَقَتِ الْأُمَّةُ عَلَى الثَّنَاءِ أَوِ الْإِسَاءَةِ عَلَيْهِ، وَهُوَ مُرَادُ الْأَكْثَرِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute