للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَخَّرَهُ عَنْ أَيَّامِ مِنًى، فَهَلْ يَلْزَمُهُ دَمٌ؟ عَلَى رِوَايَتَيْنِ، وَعَنْهُ: أَنَّهُ إِطْلَاقٌ مِنْ مَحْظُورٍ لَا شَيْءَ فِي تَرْكِهِ.

وَيَحْصُلُ التَّحَلُّلُ بِالرَّمْيِ وَحْدَهُ، فَإِنْ قَدَّمَ الْحَلَقَ عَلَى الرَّمْيِ أَوِ النَّحْرِ

ــ

[المبدع في شرح المقنع]

بَيْنَهُمْ فَلَوْلَا أَنَّهُ نُسُكٌ لَمَا اسْتَحَقُّوا لِأَجْلِهِ الدُّعَاءَ، وَلَمَا وَقَعَ التَّفَاضُلُ فِيهِ، إِذْ لَا مُفَاضَلَةَ فِي الْمُبَاحِ. فَعَلَى هَذَا يُثَابُ عَلَى فِعْلِهِ، وَيُذَمُّ بِتَرْكِهِ (إِنْ أَخَّرَهُ عَنْ أَيَّامٍ مِنًى فَهَلْ يَلْزَمُهُ دَمٌ؟ عَلَى رِوَايَتَيْنِ) إِحْدَاهُمَا: لَا دَمَ عَلَيْهِ قَدَّمَهُ جَمَاعَةٌ، وَجَزَمَ بِهِ فِي " الْوَجِيزِ " لِقَوْلِهِ - تَعَالَى - {وَلا تَحْلِقُوا رُءُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ} [البقرة: ١٩٦] فَبَيَّنَ أَوَّلَ وَقْتِهِ، وَلَمْ يُبَيِّنْ آخِرَهُ فَمَتَى أَتَى بِهِ أَجْزَأَ كَالطَّوَافِ، وَالثَّانِيَةُ: عَلَيْهِ دَمٌ قَدَّمَهُ فِي " الْفُرُوعِ "؛ لِأَنَّهُ تَرَكَ النُّسُكَ فِي وَقْتِهِ أَشْبَهَ تَأْخِيرَ الرَّمْيِ. وَظَاهِرُهُ أَنَّ لَهُ تَأْخِيرَهُ إِلَى آخِرِ أَيَّامِ النَّحْرِ، وَصَرَّحَ بِهِ فِي " الْمُغْنِي " وَ " الشَّرْحِ "؛ لِأَنَّهُ إِذَا جَازَ تَأْخِيرُ النَّحْرِ الْمُقَدَّمِ عَلَيْهِ فَتَأْخِيرُهُ أَوْلَى، وَلَكِنَّ عِبَارَةَ " الشَّرْحِ " أَخَصُّ (وَعَنْهُ: أَنَّهُ إِطْلَاقٌ مِنْ مَحْظُورٍ) «لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - لِأَبِي مُوسَى حِينَ قَالَ: أَهْلَلْتُ بِإِهْلَالٍ كَإِهْلَالِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - طُفْ بِالْبَيْتِ، وَبِالصَّفَا وَالْمَرْوَةِ ثُمَّ حِلَّ» . مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. وَفِي حَدِيثِ جَابِرٍ مَعْنَاهُ. رَوَاهُ مُسْلِمٌ فَأَمَرَ بِالْحِلِّ مِنْ غَيْرِ حَلْقٍ وَلَا تَقْصِيرٍ، وَلَوْ كَانَ نُسُكًا، لَمَا أَمَرَ بِهِ إِلَّا بَعْدَهُ فَهُوَ كَاللِّبَاسِ، وَالطِّيبِ (لَا شَيْءَ فِي تَرْكِهِ) وَيَحْصُلُ التَّحَلُّلُ بِدُونِهِ، وَهُوَ مُخَيَّرٌ بَيْنَ فِعْلِهِ فِي أَيَّامِ مِنًى، وَبَيْنَ تَأْخِيرِهِ وَتَرْكِهِ، وَالْأَخْذُ مِنْ بَعْضِهِ دُونَ بَعْضٍ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِوَاجِبٍ كَغَيْرِهِ.

[يَحْصُلُ التَّحَلُّلُ بِالرَّمْيِ وَحْدَهُ]

(وَيَحْصُلُ التَّحَلُّلُ بِالرَّمْيِ وَحْدَهُ) يُحْتَمَلُ أَنْ هَذَا تَكْمِلَةُ الرِّوَايَةِ، فَيَكُونُ مَعْطُوفًا عَلَى قَوْلِهِ: لَا شَيْءَ فِي تَرْكِهِ، وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ مُسْتَأْنَفٌ، وَالْأَوَّلُ أَظْهَرُ. وَاخْتَلَفَتِ الرِّوَايَةُ فِيمَا يَحْصُلُ بِهِ التَّحَلُّلُ، فَالْأَكْثَرُ عَلَى أَنَّهُ لَا يَحْصُلُ إِلَّا بِالرَّمْيِ وَالْحَلْقِ أَوِ التَّقْصِيرِ، لِأَمْرِهِ «- عَلَيْهِ السَّلَامُ - مَنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُ هَدْيٌ أَنْ يَطُوفَ وَيُقَصِّرَ ثُمَّ يُحِلَّ.» وَعَنْهُ: أَنَّهُ يَحْصُلُ بِالرَّمْيِ وَحْدَهُ، صَحَّحَهَا فِي " الْمُغْنِي " لِقَوْلِهِ: «إِذَا رَمَيْتُمُ الْجَمْرَةَ، حَلَّ لَكُمْ كُلُّ شَيْءٍ إِلَّا النِّسَاءَ» وَتَحْقِيقُهُ أَنْ يُقَالَ هَلِ الْأَنْسَاكُ ثَلَاثَةٌ أَمِ اثْنَانِ؟ فِيهِ رِوَايَتَانِ: إِحْدَاهُمَا: أَنَّهُ يَلِيهِ رَمْيٌ وَحَلْقٌ

<<  <  ج: ص:  >  >>