أُشْهِدُكُمَا أَنَّ هَذَا كِتَابِي إِلَى فُلَانِ ابْنِ فُلَانٍ، فَإِذَا وَصَلَا إِلَى الْمَكْتُوبِ إِلَيْهِ، دَفَعَا إِلَيْهِ الْكِتَابَ، وَقَالَا: نَشْهَدُ أَنَّ هَذَا كِتَابُ فُلَانٍ إِلَيْكَ، مِنْ عَمَلِهِ وَأَشْهَدَنَا عَلَيْهِ. وَالِاحْتِيَاطُ أَنْ يَشْهَدَا بِمَا فِيهِ وَبخْتمه، وَلَا يُشْتَرَطُ خَتْمُهُ.
وَإِنْ كَتَبَ كِتَابًا وَأَدْرَجَهُ
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
أُشْهِدُكُمَا أَنَّ هَذَا كِتَابِي إِلَى فُلَانِ ابْنِ فُلَانٍ) لِأَنَّهُ يُحَمِّلُهُمَا الشَّهَادَةَ، فَوَجَبَ أَنْ يُعْتَبَرَ فِيهِ إِشْهَادُهُ، كَالشَّهَادَةِ عَلَى الشَّهَادَةِ. وَإِنْ قَالَ: اشْهَدَا عَلَيَّ بِمَا فِيهِ. كَانَ أَوْلَى. فَإِنِ اقْتَصَرَ عَلَى قَوْلِهِ: هَذَا كِتَابِي إِلَى فُلَانٍ. فَظَاهِرُ الْخِرَقِيِّ: أَنَّهُ لَا يُجْزِئُ حَتَّى يَقُولَ: اشْهَدَا عَلَيَّ. كَالشَّهَادَةِ عَلَى الشَّهَادَةِ.
وَقَالَ الْقَاضِي: يُجْزِئُ. ثُمَّ إِنْ قَلَّ مَا فِي الْكِتَابِ اعْتَمَدَا عَلَى حِفْظِهِ، وَإِلَّا كَتَبَ كُلٌّ مِنْهُمَا نُسْخَةً بِهِ. وَيَقْبِضَانِ الْكِتَابَ قَبْلَ أَنْ يَغِيبَا ; لِئَلَّا يَدْفَعَ إِلَيْهِمَا غَيْرَهُ. (فَإِذَا وَصَلَا إِلَى الْمَكْتُوبِ إِلَيْهِ، دَفَعَا إِلَيْهِ الْكِتَابَ) ثُمَّ يَقْرَؤُهُ عَلَيْهِمَا، ثُمَّ شَهِدَا بِهِ. (وَقَالَا: نَشْهَدُ أَنَّ هَذَا كِتَابُ فُلَانٍ إِلَيْكَ، كَتَبَهُ مِنْ عَمَلِهِ وَأَشْهَدَنَا عَلَيْهِ) لِأَنَّ الْكِتَابَ لَا يُقْبَلُ إِلَّا مِنْ قَاضٍ، وَذَلِكَ يَسْتَدْعِي وُجُودَ الْكِتَابَةِ وَالْإِشْهَادِ عَلَيْهِ فِي مَوْضِعِ قَضَائِهِ. وَفِي كَلَامِ أَبِي الْخَطَّابِ: كَتَبَهُ بِحَضْرَتِنَا، وَقَالَ لَنَا: اشْهَدَا عَلَيَّ، كَتَبْتُهُ فِي عَمَلِي، فَثَبَتَ عِنْدِي وحَكَمْتُ بِهِ مِنْ كَذَا وَكَذَا. فَيَشْهَدَانِ بِذَلِكَ ; لِأَنَّ الْكِتَابَ لَا يُقْبَلُ إِلَّا إِذَا وَصَلَ فِي مَجْلِسِ عَمَلِهِ. (وَالِاحْتِيَاطُ أَنْ يَشْهَدَا بِمَا فِيهِ، وَبختمه) لِأَنَّهُ أَبْلَغُ. (وَلَا يُشْتَرَطُ خَتْمُهُ) لِأَنَّهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - كَتَبَ إِلَى قَيْصَرَ وَلَمْ يَخْتِمْهُ، فَقِيلَ لَهُ: إِنَّهُ لَا يَقْرَأُ كِتَابًا غَيْرَ مَخْتُومٍ. فَاتَّخَذَ الْخَاتَمَ.
[الْكِتَابُ مِنْ غَيْرِ ذِكْرِ الْمُرْسَلِ إِلَيْهِ]
وَحَاصِلُهُ: أَنَّهُ يُقْبَلُ سَوَاءٌ كَانَ مَخْتُومًا أَوْ غَيْرَ مَخْتُومٍ، وَمَفْتُولًا أَوْ غَيْرَ مَفْتُولٍ ; لِأَنَّ الِاعْتِمَادَ عَلَى شَهَادَتِهِمَا لَا عَلَى الْخَطِّ وَالْخَتْمِ. فَإِنِ انْمَحَى الْخَطُّ وَكَانَا يَحْفَظَانِ مَا فِيهِ، جَازَ لَهُمَا أَنْ يَشْهَدَا بِذَلِكَ.
فَائِدَةٌ: لَا يُشْتَرَطُ أَنْ يَذْكُرَ الْقَاضِي الْكَاتِبُ اسْمَهُ فِي الْعُنْوَانِ، وَلَا ذِكْرُ الْمَكْتُوبِ إِلَيْهِ فِي بَاطِنِهِ.
وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: إِذَا لَمْ يَذْكُرِ اسْمَهُ لَا يُقْبَلُ ; لِأَنَّ الْكِتَابَ إِلَيْهِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute