بَابُ الْوَكَالَةِ تَصِحُّ الْوَكَالَةُ بِكُلِّ قَوْلٍ يَدُلُّ عَلَى الْإِذْنِ وَكُلِّ قَوْلٍ، أَوْ فِعْلٍ يَدُلُّ عَلَى الْقَبُولِ،
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
وَلَمْ يُفَرِّقْ أَحْمَدُ، وَيَلْحَقُ بِهَا مَنْ كَانَ فِي بَيْتِهِ كَجَارِيَتِهِ وَعَبْدِهِ الْمُتَصَرِّفِ فِي بَيْتِ سَيِّدِهِ لِوُجُودِ الْمَعْنَى فِيهِ.
[بَابُ الْوَكَالَةِ]
[تَعْرِيفُ الوكالة وَحُكْمُهَا]
بَابُ الْوَكَالَةِ الْوَكَالَةُ بِفَتْحِ الْوَاوِ وَكَسْرِهَا: التَّفْوِيضُ يُقَالُ وَكَّلَهُ أَيْ: فَوَّضَ إِلَيْهِ، وَوَكَلْتُ أَمْرِي إِلَى فُلَانٍ أَيْ: فَوَّضْتُ إِلَيْهِ وَاكْتَفَيْتُ بِهِ، وَقَدْ تُطْلَقُ وَيُرَادُ بِهَا الْحِفْظُ وَهِيَ اسْمُ مَصْدَرٍ بِمَعْنَى التَّوْكِيلِ. وَاصْطِلَاحًا: التَّفْوِيضُ فِي شَيْءٍ خَاصٍّ فِي الْحَيَاةِ، وَالْأَحْسَنُ فِيهَا: أَنَّهَا اسْتِنَابَةُ الْجَائِزِ التَّصَرُّفِ مِثْلَهُ فِيمَا تَدْخُلُهُ النِّيَابَةُ، وَهِيَ جَائِزَةٌ بِالْإِجْمَاعِ، وَسَنَدُهُ قَوْله تَعَالَى: {فَابْعَثُوا أَحَدَكُمْ بِوَرِقِكُمْ هَذِهِ إِلَى الْمَدِينَةِ} [الكهف: ١٩] ، وَقَدْ وَكَّلَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عُرْوَةَ بْنَ الْجَعْدِ فِي شِرَاءِ الشَّاةِ، وَأَبَا رَافِعٍ فِي تَزَوُّجِ مَيْمُونَةَ، وَعَمْرَو بْنَ أُمَيَّةَ الضَّمْرِيَّ فِي تَزَوُّجِ أُمِّ حَبِيبَةَ، وَالْمَعْنَى شَاهِدٌ بِذَلِكَ، لِأَنَّ الْحَاجَةَ تَدْعُو إِلَيْهِ، فَإِنَّ كُلَّ أَحَدٍ لَا يُمْكِنُهُ فِعْلُ مَا يَحْتَاجُ إِلَيْهِ بِنَفْسِهِ.
(تَصِحُّ الْوَكَالَةُ بِكُلِّ قَوْلٍ يَدُلُّ عَلَى الْإِذْنِ) ، نَصَّ عَلَيْهِ، نَحْوِ افْعَلْ كَذَا، أَوْ أَذِنْتُ لَكَ فِي فِعْلِهِ، لِأَنَّهُ لَفْظٌ دَالٌّ عَلَى الْإِذْنِ، فَصَحَّ كَلَفْظِهَا الصَّرِيحِ.
وَنَقَلَ جَعْفَرٌ إِذَا قَالَ: بِعْ هَذَا لَيْسَ بِشَيْءٍ حَتَّى يَقُولَ: وَكَّلْتُكَ، فَاعْتَبَرَ انْعِقَادَهَا بِلَفْظِهَا الصَّرِيحِ وَتَأَوَّلَهُ الْقَاضِي عَلَى التَّأْكِيدِ لِنَصِّهِ عَلَى انْعِقَادِ الْبَيْعِ بِاللَّفْظِ وَالْمُعَاطَاةِ، كَذَا الْوَكَالَةُ.
قَالَ ابْنُ عَقِيلٍ: هَذَا دَأْبُ شَيْخِنَا أَنْ يَحْمِلَ نَادِرَ كَلَامِ أَحْمَدَ عَلَى أَظْهَرِهِ وَيَصْرِفَهُ عَنْ ظَاهِرِهِ، وَالْوَاجِبُ أَنْ يُقَالَ: كُلُّ لَفْظٍ رِوَايَةٌ، وَيُصَحَّحُ الصَّحِيحُ.
قَالَ الْأَزَجِّيُّ: يَنْبَغِي أَنْ يُعَوَّلَ فِي الْمَذْهَبِ عَلَى هَذَا لِئَلَّا يَصِيرَ الْمَذْهَبُ رِوَايَةً وَاحِدَةً، وَقَدْ دَلَّ كَلَامُ الْقَاضِي عَلَى انْعِقَادِهَا بِفِعْلٍ دَالٍّ كَبَيْعٍ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ فِيمَنْ دَفَعَ ثَوْبَهُ إِلَى قَصَّارٍ، أَوْ خَيَّاطٍ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute