جَمِيعِ أُمُورِهِ، فَإِنْ وَدَّعَ، ثُمَّ اشْتَغَلَ فِي تِجَارَةٍ أَوْ أَقَامَ، أَعَادَ الْوَدَاعَ وَمَنْ أَخَّرَ طَوَافَ الزِّيَارَةِ، فَطَافَهُ عِنْدَ الْخُرُوجِ، أَجْزَأَهُ عَنْ طَوَافِ الْوَدَاعِ، فَإِنْ خَرَجَ قَبْلَ
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ يَرَى التَّحْصِيبَ سُنَّةً، وَقَالَ: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ وَعُثْمَانُ يَنْزِلُونَ بِالْأَبْطَحِ» ، قَالَ: التِّرْمِذِيُّ: حَسَنٌ غَرِيبٌ، وَلَا خِلَافَ فِي عَدَمِ وُجُوبِهِ.
[طَوَافُ الْوَدَاعِ]
(فَإِذَا أَتَى مَكَّةَ لَمْ يَخْرُجْ حَتَّى يُوَدِّعَ الْبَيْتَ بِالطَّوَافِ إِذَا فَرَغَ مِنْ جَمِيعِ أُمُورِهِ) لِمَا رَوَى ابْنُ عَبَّاسٍ قَالَ: «أَمَرَ النَّاسَ أَنْ يَكُونَ آخِرُ عَهْدِهِمْ بِالْبَيْتِ، إِلَّا أَنَّهُ خَفَّفَ عَنِ الْمَرْأَةِ الْحَائِضِ» . مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. قَالَ الْقَاضِي وَأَصْحَابُهُ: إِنَّمَا يَسْتَحِقُّ عَلَيْهِ عِنْدَ الْعَزْمِ عَلَى الْخُرُوجِ، وَإِنَّهُ لَوْ أَرَادَ الْمُقَامَ بِمَكَّةَ، لَا وَدَاعَ عَلَيْهِ، سَوَاءٌ نَوَى الْإِقَامَةَ قَبْلَ النَّفْرِ أَوْ بَعْدَهُ. وَمَنْ مَنْزِلُهُ فِي الْحَرَمِ فَهُوَ كَالْمَكِّيِّ، وَذُكِرَ فِي " التَّعْلِيقِ " وَاخْتَارَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ: أَنَّ طَوَافَ الْوَدَاعِ لَيْسَ مِنَ الْحَجِّ، وَلَا يَتَعَلَّقُ بِهِ فِيمَنْ وَطِئَ بَعْدَ التَّحَلُّلِ. ثُمَّ يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ، وَيُقَبِّلُ الْحَجَرَ قَالَهُ فِي " الْمُسْتَوْعِبِ " كُلَّمَا دَخَلَ (فَإِنْ وَدَّعَ ثُمَّ اشْتَغَلَ فِي تِجَارَةٍ) قَالَ ابْنُ عَقِيلٍ وَابْنُ الْجَوْزِيِّ: أَوْ شِرَاءِ حَاجَةٍ بِطَرِيقِهِ (أَوْ أَقَامَ) بَعْدَ الْوَدَاعِ لِغَيْرِ شَدِّ رَحْلٍ، نَصَّ عَلَيْهِ (أَعَادَ الْوَدَاعَ) لِلْخَبَرِ السَّابِقِ قِيلَ لَهُ فِي رِوَايَةِ أَبِي دَاوُدَ: وَدَّعَ ثُمَّ نَفَرَ يَشْتَرِي طَعَامًا يَأْكُلُهُ؟ قَالَ: لَا يَقُولُونَ حَتَّى يَجْعَلَ الرَّدْمَ، وَرَاءَ ظَهْرِهِ، وَنَصَّ فِي رِوَايَةِ أَبِي طَالِبٍ: لَا يَلْتَفِتُ فَإِنِ الْتَفَتَ، وَدَّعَ قَدَّمَهُ فِي " التَّعْلِيقِ " وَغَيْرِهِ، وَحَمَلَهُ جَمَاعَةٌ عَلَى النَّدْبِ، وَذَكَرَ ابْنُ الزَّاغُونِيِّ وَابْنُ عَقِيلٍ: لَا يُوَلِّي ظَهْرَهُ حَتَّى يَغِيبَ قَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ: هَذَا بِدْعَةٌ مَكْرُوهَةٌ، وَقَطَعَ فِي " الْمُغْنِي " وَ " الشَّرْحِ " أَنَّهُ إِنْ قَضَى حَاجَةً فِي طَرِيقِهِ أَوِ اشْتَرَى زَادًا أَوْ شَيْئًا لِنَفْسِهِ فِي طَرِيقِهِ لَمْ يُعِدْهُ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ بِإِقَامَةٍ.
(وَمَنْ أَخَّرَ طَوَافَ الزِّيَارَةِ، فَطَافَهُ عِنْدَ الْخُرُوجِ أَجْزَأَهُ عَنْ طَوَافِ الْوَدَاعِ) فِي ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ؛ لِأَنَّهُ أَمَرَ أَنْ يَكُونَ آخِرَ عَهْدِهِ بِالْبَيْتِ، وَقَدْ فَعَلَهُ، وَلِأَنَّ مَا شُرِعَ لِتَحِيَّةِ الْمَسْجِدِ يُجْزِئُ عَنْهُ الْوَاجِبُ مِنْ حَقِّهِ كَتَحِيَّةِ الْمَسْجِدِ، وَرَكْعَتِيِ الطَّوَافِ وَالْإِحْرَامِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute