للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَصْلٌ الرَّابِعُ: أَلَّا يَكُونَ أَبًا لِلْمَقْتُولِ فَلَا يُقْتَلُ وَالِدٌ بِوَلَدِهِ، وَإِنْ سَفَلَ وَالْأَبُ

ــ

[المبدع في شرح المقنع]

بِالْمَرِيضِ، وَلَوْ قَارَبَ الْمَوْتَ، وَالسَّمِينُ بِالْهَزِيلِ، وَكَذَا فِيمَا دُونَ النَّفْسِ.

١ -

مَسْأَلَةٌ: إِذَا قَتَلَ حُرٌّ مُسْلِمٌ فِي دَارِ الْحَرْبِ مَنْ عَلِمَهُ أَوْ ظَنَّهُ حَرْبِيًّا فَبَانَ أَنَّهُ قَدْ أَسْلَمَ فَهَدَرٌ، فَلَوْ دَخَلَهَا مُسْلِمٌ بِأَمَانٍ فَقَتَلَ بِهَا حَرْبِيًّا قَدْ أَسْلَمَ وَكَتَمَ إِيمَانَهُ فَفِي وُجُوبِ الدِّيَةِ رِوَايَتَانِ، وَكَذَلِكَ الْحُكْمُ لَوْ قَتَلَ هَذَا الْمُسْتَأْمَنُ بِدَارِ الْحَرْبِ مُسْلِمًا قَدْ دَخَلَهَا بِأَمَانٍ، وَلَمْ يَعْلَمْ إِسْلَامَهُ، فَعَلَى الْأَوَّلِ يَجِبُ عَلَى الْمُسْلِمِ الْمُسْتَأْمِنِ دِيَةُ ذِمِّيٍّ.

[الشَّرْطُ الرَّابِعُ أَلَّا يَكُونَ أَبَا لِلْمَقْتُولِ]

فَصْلٌ (الرَّابِعُ: أَلَّا يَكُونَ أَبًا لِلْمَقْتُولِ) لِأَنَّهُ لَوْ لَمْ يَكُنْ مِنْ شُرُوطِهِ لَقُتِلَ بِهِ، وَاللَّازِمُ مُنْتَفٍ (فَلَا يُقْتَلُ الْوَالِدُ بِوَلَدِهِ) نَصَّ عَلَيْهِ لِمَا رَوَى ابْنُ عَبَّاسٍ مَرْفُوعًا «لَا يُقْتَلُ وَالِدٌ بِوَلَدِهِ» رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ، وَالتِّرْمِذِيُّ مِنْ رِوَايَةِ إِسْمَاعِيلَ بْنِ مُسْلِمٍ الْمَكِّيِّ، وَرَوَاهُ أَحْمَدُ، وَالتِّرْمِذِيُّ، وَابْنُ مَاجَهْ مِنْ رِوَايَةِ حَجَّاجِ بْنِ أَرْطَأَةَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، عَنْ عُمَرَ، قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: هُوَ حَدِيثٌ مَشْهُورٌ عَنْ أَهْلِ الْعِلْمِ بِالْحِجَازِ وَالْعِرَاقِ يُسْتَغْنَى بِشُهْرَتِهِ، وَقَبُولِهِ، وَالْعَمَلِ بِهِ عَنِ الْإِسْنَادِ حَتَّى يَكُونَ الْإِسْنَادُ فِي مِثْلِهِ مَعَ شُهْرَتِهِ تَكَلُّفًا، وَقَالَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -: «أَنْتَ وَمَالُكَ لِأَبِيكَ» فَمُقْتَضَى هَذِهِ الْإِضَافَةِ تَمْلِيكُهُ إِيَّاهُ، فَإِذَا لَمْ تَثْبُتْ حَقِيقَةُ الْمِلْكِيَّةِ تُثْبِتُ الْإِضَافَةُ شُبْهَةً فِي إِسْقَاطِ الْقِصَاصِ، وَظَاهِرُهُ وَلَوِ اخْتَلَفَا دِينًا وَحُرِّيَّةً ; لِأَنَّهُ كَانَ سَبَبًا فِي إِيجَادِهِ، فَلَا يَكُونُ سَبَبًا فِي إِعْدَامِهِ إِلَّا أَنْ يَكُونَ وَلَدَهُ مِنْ رَضَاعٍ، أَوْ زِنًا، فَإِنَّهُ يُقْتَلُ بِهِ، قَالَ فِي " عُيُونِ الْمَسَائِلِ ": وَلَا يَلْزَمُ الزَّاهِدَ الْعَابِدَ، فَإِنَّ مَعَهُ مِنَ الدِّينِ، وَالشَّفَقَةِ مَا يَرْدَعُهُ عَنِ الْقَتْلِ; لِأَنَّ رَادِعَهُ حُكْمِيٌّ، وَهُوَ ضَعِيفٌ، وَرَادِعُ الْأَبِ طَبْعِيٌّ، وَهُوَ أَقْوَى بِدَلِيلِ أَنَّهُ لَا يُمْكِنُهُ إِزَالَتُهُ (وَإِنْ سَفَلَ) أَيْ: لَا يُقْتَلُ وَالِدٌ بِوَلَدِهِ، وَإِنْ نَزَلَ ; لِأَنَّ الْجَدَّ وَإِنْ عَلَا وَالِدٌ فَيَدْخُلُ فِي الْحَدِيثِ، وَلِأَنَّ ذَلِكَ حُكْمٌ

<<  <  ج: ص:  >  >>