للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سَيِّدِهِ، فَعَلَى وَجْهَيْنِ.

وَالْوَكَالَةُ عَقْدٌ جَائِزٌ مِنَ الطَّرَفَيْنِ لِكُلٍّ مِنْهُمَا فَسْخُهَا وَتَبْطُلُ بِالْمَوْتِ، وَالْجُنُونِ، وَالْحَجْرِ لِلسَّفِيهِ، وَكَذَلِكَ كَلُّ عَقْدٍ جَائِزٍ كَالشَّرِكَةِ، وَالْمُضَارَبَةِ،

ــ

[المبدع في شرح المقنع]

[الْوَكَالَةُ عَقْدٌ جَائِزٌ مِنَ الطَّرَفَيْنِ]

(وَالْوِكَالَةُ عَقْدٌ جَائِزٌ مِنَ الطَّرَفَيْنِ) ، لِأَنَّهَا مِنْ جِهَةِ الْمُوَكِّلِ إِذْنٌ وَمِنْ جِهَةِ الْوَكِيلِ بَدَلُ نَفْعٍ وَكِلَاهُمَا جَائِزٌ (لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فَسْخُهَا) أَيْ: مَتَى شَاءَ، لِأَنَّهَا إِذْنٌ فِي التَّصَرُّفِ فَمَلَكَهُ كَالْإِذْنِ فِي أَكْلِ طَعَامِهِ، وَإِنْ قَالَ: كُلَّمَا عَزَلْتُكُ فَقَدْ وَكَّلْتُكَ، انْعَزَلَ بِكُلَّمَا وَكَّلْتُكَ فَقَدْ عَزَلْتُكَ وَهِيَ الْوَكَالَةُ الدَّوْرِيَّةُ.

قَالَ فِي " التَّلْخِيصِ ": وَهِيَ عَلَى أَصْلِنَا صَحِيحَةٌ فِي صِحَّةِ " التَّعْلِيقِ " وَصُوَرَتُهَا أَنْ تَقُولَ كُلَّمَا عَزَلْتُكَ فَأَنْتَ وَكِيلِي، وَطَرِيقُهُ فِي الْعَزْلِ أَنْ يَقُولَ: كُلَّمَا عُدْتَ وَكِيلِي فَقَدْ عَزَلْتُكَ وَهِيَ فَسْخٌ مُعَلَّقٌ بِشَرْطٍ.

وَقَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ: لَا يَصِحُّ، لِأَنَّهُ يُؤَدِّي إِلَى أَنْ تَصِيرَ الْعُقُودُ الْجَائِزَةُ لَازِمَةً وَذَلِكَ تَغْيِيرٌ لِقَاعِدَةِ الشَّرْعِ، وَلَيْسَ مَقْصُودُ الْمُعَلِّقِ إِيقَاعَ الْفَسْخِ، وَإِنَّمَا الِامْتِنَاعُ مِنَ التَّوْكِيلِ وَحَلُّهُ قَبْلَ وُقُوعِهِ، وَالْعُقُودُ لَا تُفْسَخُ قَبْلَ انْعِقَادِهَا (وَتَبْطُلُ بِالْمَوْتِ، وَالْجُنُونِ) الْمُطْبِقِ، وَفِيهِ وَجْهٌ، وَهُوَ ظَاهِرُ " الْوَجِيزِ " (وَالْحَجْرِ لِلسَّفَهِ) ، لِأَنَّ الْوَكَالَةَ تَعْتَمِدُ الْحَيَاةَ وَالْعَقْلَ وَعَدَمَ الْحَجْرِ، فَإِذَا انْتَفَى ذَلِكَ انْتَفَتْ صِحَّتُهَا لِانْتِفَاءِ مَا يَعْتَمِدُ عَلَيْهِ، وَهُوَ أَهْلِيَّةُ التَّصَرُّفِ، وَظَاهِرُهُ أَنَّ الْحَجْرَ لِفَلَسٍ لَا يُبْطِلُهَا، وَصَرَّحَ بِهِ فِي " الْمُغْنِي "، وَ " الشَّرْحِ "، لِأَنَّ الْوَكِيلَ لَمْ يَخْرُجْ عَنْ أَهْلِيَّةِ التَّصَرُّفِ، لَكِنْ إِنْ حُجِرَ عَلَى الْمُوَكِّلِ، فَإِنْ كَانَتِ الْوَكَالَةُ فِي أَعْيَانِ مَالِهِ بَطَلَتْ لِانْقِطَاعِ تَصَرُّفِهِ فِيهَا، وَإِنْ كَانَتْ فِي غَيْرِهَا، فَلَا وَتَبْطُلُ أَيْضًا فِي طَلَاقِ الزَّوْجَةِ بِوَطْئِهَا، وَفِي عِتْقِ الْعَبْدِ بِكِتَابَتِهِ وَتَدْبِيرِهِ، ذَكَرَهُ فِي " الْمُحَرَّرِ " (وَكَذَلِكَ كَلُّ عَقْدٍ جَائِزٍ كَالشَّرِكَةِ، وَالْمُضَارَبَةِ) ، لِأَنَّ الْكُلَّ مُشْتَرِكٌ مَعْنًى، فَوَجَبَ أَنْ يُسَاوِيَهُ حُكْمًا.

(وَلَا تَبْطُلُ بِالسُّكْرِ) ، لِأَنَّهُ لَا يُخْرِجُهُ عَنْ أَهْلِيَّةِ التَّصَرُّفِ، فَإِنْ فَسَقَ بِهِ بَطَلَتْ فِيمَا يُنَافِيهِ كَالْإِيجَابِ فِي النِّكَاحِ لِخُرُوجِهِ عَنْ أَهْلِيَّةِ التَّصَرُّفِ بِخِلَافِ الْوَكِيلِ فِي الْقَبُولِ، فَإِنَّهُ لَا يَنْعَزِلُ بِفِسْقِ مُوَكِّلِهِ، وَلَا بِفِسْقِهِ فِي الْأَشْهَرِ، لِأَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يَقْبَلَ لِنَفْسِهِ فَجَازَ لِغَيْرِهِ كَالْعَدْلِ، لَكِنْ إِنْ كَانَ وَكِيلًا فِيمَا تُشْتَرَطُ فِيهِ الْأَمَانَةُ كَوَكِيلِ وَلِيِّ الْيَتِيمِ وَوَلِيِّ الْوَقْفِ

<<  <  ج: ص:  >  >>