نَفْسِهِ لَمْ يَضْمَنْهُ، وَإِنِ اصْطَدَمَتْ سَفِينَتَانِ فَغَرِقَتَا، ضَمِنَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا سَفِينَةَ الْآخَرِ وَمَا فِيهَا، وَإِنْ كَانَتْ إِحْدَاهُمَا مُنْحَدِرَةً فَعَلَى صَاحِبِهَا ضَمَانُ الْمُصْعِدَةِ، إِلَّا أَنْ
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
وَمَا أَفْسَدَتْ بِاللَّيْلِ فَهُوَ مَضْمُونٌ عَلَيْهِمْ» ، قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: هَذَا وَإِنْ كَانَ مُرْسَلًا فَهُوَ مَشْهُورٌ، وَحَدَّثَ بِهِ الْأَئِمَّةُ الثِّقَاتُ، وَتَلَقَّاهُ فُقَهَاءُ الْحِجَازِ بِالْقَبُولِ، وَلِأَنَّ الْعَادَةَ مِنْ أَهْلَ الْمَوَاشِي إِرْسَالُهَا نَهَارًا لِلرَّعْيِ وَحِفْظُهَا لَيْلًا، عَكْسُ أَهْلِ الْحَوَائِطِ، وَلِهَذَا فَرَّقَ بَيْنَهُمَا، وَقَضَى عَلَى كُلِّ مَا يُحْفَظُ فِي وَقْتِ عَادَتِهِ، وَهَذَا رِوَايَةٌ، وَاقْتَصَرَ فِي " الْوَجِيزِ " عَلَى الزَّرْعِ فَقَطْ، وَظَاهِرُهُ أَنَّهَا إِذَا أَتْلَفَتْ غَيْرَ الزَّرْعِ وَالشَّجَرِ نَهَارًا أَوْ لَيْلًا أَنَّهُ لَا ضَمَانَ عَلَى مَالِكِهَا صَرَّحَ بِهِ فِي " الْمُغْنِي "، وَ " الشَّرْحِ "، وَالْمَنْصُوصُ أَنَّهُ يَضْمَنُ مَا أَتْلَفَتِ لَيْلًا، وَجَزَمَ بِهِ جَمَاعَةٌ، وَلَوِ انْفَلَتَتْ بِغَيْرِ اخْتِيَارِهِ، وَقِيلَ: لَا، لِعَدَمِ تَفْرِيطِهِ، وَلَا يَضْمَنُ نَهَارًا. قَالَ الْقَاضِي: هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ مَحْمُولَةٌ عَلَى الْمَوَاضِعِ الَّتِي فِيهَا مَزَارِعُ، وَمَرَاعٍ، فَأَمَّا الْقُرَى الْعَامِرَةُ الَّتِي لَا مَرْعَى فِيهَا إِلَّا بَيْنَ فِرَاجَيْنِ كَسَاقِيَةٍ وَطَرَفِ زَرْعٍ، فَلَيْسَ لَهُ إِرْسَالُهَا بِغَيْرِ حَافِظٍ، فَإِنْ فَعَلَ لَزِمَهُ الضَّمَانُ لِتَفْرِيطِهِ، فَأَمَّا الْغَاصِبُ فَيَضْمَنُ مَا أَفْسَدَتْ مُطْلَقًا.
فَرْعٌ: إِذَا طَرَدَ دَابَّةً مِنْ زَرْعِهِ لَمْ يَضْمَنْ، إِلَّا أَنْ يُدْخِلَهَا مَزْرَعَةَ غَيْرِهِ، فَإِنِ اتَّصَلَتِ الْمَزَارِعُ صَبَرَ لِتَرْجِعَ عَلَى رَبِّهَا، وَلَوْ قَدَرَ أَنْ يُخْرِجَهَا وَلَهُ مُنْصَرَفٌ غَيْرُ الْمَزَارِعِ فَتَرَكَهَا؛ فَهَدَرٌ.
[صَالَ عَلَيْهِ آدَمِيٌّ مُكَلَّفٌ أَوْ غَيْرُهُ كَبَهِيمَةٍ وَلَمْ يُمْكِنْهُ دَفْعَهَا إِلَّا بِهِ]
(وَمَنْ صَالَ عَلَيْهِ آدَمِيٌّ) مُكَلَّفٌ (أَوْ غَيْرُهُ) كَبَهِيمَةٍ، وَلَمْ يُمْكِنْهُ دَفْعُهَا إِلَّا بِهِ ذَكَرَهُ فِي " الشَّرْحِ " (فَقَتَلَهُ دَفْعًا عَنْ نَفْسِهِ لَمْ يَضْمَنْهُ) لِأَنَّهُ قَتَلَهُ بِدَفْعٍ جَائِزٍ، فَلَمْ يَضْمَنْهُ لِمَا فِيهِ مِنْ صِيَانَةِ النَّفْسِ عَنِ الْقَتْلِ (وَإِنِ اصْطَدَمَتْ سَفِينَتَانِ فَغَرِقَتَا ضَمِنَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا) أَيِ الْقَيِّمَيْنِ (سَفِينَةَ الْآخَرِ وَمَا فِيهَا) لِأَنَّ التَّلَفَ حَصَلَ بِسَبَبِ فِعْلَيْهِمَا، فَوَجَبَ عَلَى كُلٍّ مِنْهُمَا ضَمَانُ مَا تَلِفَ بِسَبَبِ فِعْلِهِ كَالْفَارِسَيْنِ إِذَا اصْطَدَمَا، وَهَذَا إِذَا كَانَا مُفَرِّطَيْنِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِمَا، لَكِنْ قَطَعَ فِي " الْمُغْنِي "، وَ " الشَّرْحِ "، وَغَيْرِهِمَا بِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ ضَامِنٌ إِذَا فَرَّطَ، وَعَزَاهُ الْحَارِثِيُّ إِلَى الْأَصْحَابِ، فَإِنِ اخْتَلَفَا فِي التَّفْرِيطِ وَلَا بَيِّنَةَ،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute