إِلَيْهِمْ لَمْ يُقْبَلْ إِلَّا بِبَيِّنَةٍ، وَإِنِ ادَّعَى إِنْسَانٌ دَفْعَ خَرَاجِهِ إِلَيْهِمْ فَهَلْ يُقْبَلُ بِغَيْرِ بَيِّنَةٍ؟ عَلَى وَجْهَيْنِ. وَتَجُوزُ شَهَادَتُهُمْ، وَلَا يُنْقَضُ مِنْ حُكْمِ حَاكِمِهِمْ إِلَّا مَا يُنْقَضُ مِنْ حُكْمِ غَيْرِهِ.
وَإِنِ اسْتَعَانُوا بِأَهْلِ الذِّمَّةِ فَأَعَانُوهُمُ انْتَقَضَ عَهْدُهُمْ، إِلَّا أَنْ يَدَّعُوا أَنَّهُمْ
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
(وَإِنِ ادَّعَى إِنْسَانٌ دَفْعَ خَرَاجِهِ إِلَيْهِمْ فَهَلْ يُقْبَلُ بِغَيْرِ بَيِّنَةٍ؟ عَلَى وَجْهَيْنِ) .
أَشْهَرُهُمَا: لَا يُقْبَلُ إِلَّا بِبَيِّنَةٍ، قَدَّمَهُ فِي " الرِّعَايَةِ "، وَجَزَمَ بِهِ فِي " الْوَجِيزِ "، لِأَنَّهُ عِوَضٌ أَشْبَهَ الْجِزْيَةَ.
وَالثَّانِي: يُقْبَلُ، لِأَنَّهُ حَقٌّ عَلَى مُسْلِمٍ، فَقُبِلَ قَوْلُهُ كَالزَّكَاةِ، وَقِيلَ: بَلَى، إِنْ حَلَفَ (وَتَجُوزُ شَهَادَتُهُمْ) لِأَنَّهُمْ أَخْطَئُوا فِي فَرْعٍ مِنْ فُرُوعِ الْإِسْلَامِ بِاجْتِهَادِهِمْ، أَشْبَهَ الْمُخْتَلِفِينَ مِنَ الْفُقَهَاءِ فِي الْأَحْكَامِ، وَإِذَا لَمْ يَكُونُوا مِنْ أَهْلِ الْبِدَعِ قُبِلَتْ شَهَادَتُهُمْ كَأَهْلِ الْعَدْلِ، بِغَيْرِ خِلَافٍ نَعْلَمُهُ، قَالَ ابْنُ عَقِيلٍ: تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمْ، وَيُؤْخَذُ عَنْهُمُ الْعِلْمُ مَا لَمْ يَكُونُوا دُعَاةً. انْتَهَى. فَأَمَّا الْخَوَارِجُ، وَأَهْلُ الْبِدَعِ إِذَا خَرَجُوا عَلَى الْإِمَامِ فَلَا تُقْبَلُ لَهُمْ شَهَادَةٌ، لِأَنَّهُمْ فُسَّاقٌ (وَلَا يُنْقَضُ مِنْ حُكْمِ حَاكِمِهِمْ إِلَّا مَا يُنْقَضُ مِنْ حُكْمِ غَيْرِهِ) لِأَنَّ نَفْيَهُمْ فِي أَمْرٍ يُسَوَّغُ فِيهِ التَّأْوِيلُ، أَشْبَهَ الِاخْتِلَافَ فِي الْفُرُوعِ، فَعَلَى هَذَا: إِنْ خَالَفَ حُكْمُ حَاكِمِهِمْ نَصًّا أَوْ إِجْمَاعًا، أَوْ كَانَ مِمَّنْ يَسْتَحِلُّ دِمَاءَ أَهْلِ الْعَدْلِ وَأَمْوَالَهُمْ نُقِضَ حُكْمُهُ.
فَرْعٌ: إِذَا كَتَبَ قَاضِيهِمْ إِلَى قَاضِي أَهْلِ الْعَدْلِ جَازَ قَبُولُ كِتَابِهِ، لِأَنَّهُ قَاضٍ ثَابِتُ الْقَضَاءِ، وَفِي " الْمُغْنِي "، وَ " الشَّرْحِ "، وَ " التَّرْغِيبِ ": الْأَوْلَى رَدُّ كِتَابِهِ قَبْلَ حُكْمِهِ كَسْرًا لِقُلُوبِهِمْ، فَأَمَّا الْخَوَارِجُ إِذَا وَلَّوْا قَاضِيًا لَمْ يَجُزْ قَضَاؤُهُ لِلْفِسْقِ، وَفِي " الْمُغَنِي "، وَ " الشَّرْحِ " احْتِمَالٌ: يَصِحُّ قَضَاؤُهُ دَفْعًا لِلضَّرَرِ، كَمَا لَوْ أَقَامَ الْحَدَّ، أَوْ أَخَذَ جِزْيَتَهُ وَخَرَاجًا وَزَكَاةً.
[اسْتِعَانَةُ أَهْلِ الْبَغْيِ بِأَهْلِ الذِّمَّةِ]
(وَإِنِ اسْتَعَانُوا بِأَهْلِ الذِّمَّةِ فَأَعَانُوهُمْ) طَوْعًا مَعَ عِلْمِهِمْ بِأَنَّ ذَلِكَ لَا يَجُوزُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute