للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لَا تَحْصُلُ حَتَّى يُفَرِّقَ الْحَاكِمُ بَيْنَهُمَا.

الثَّالِثُ: التَّحْرِيمُ الْمُؤَبَّدُ، وَعَنْهُ: إِنَّ أَكْذَبَ

ــ

[المبدع في شرح المقنع]

يُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا، وَلَا يَجْتَمِعَانِ أَبَدًا. رَوَاهُ سَعِيدٌ، وَلِأَنَّهُ مَعْنًى يَقْتَضِي التَّحْرِيمَ الْمُؤَبَّدَ، فَلَمْ يَقِفْ عَلَى حُكْمِ حَاكِمٍ كَالرَّضَاعِ، وَلِأَنَّهَا لَوْ وَقَفَتْ عَلَى تَفْرِيقِ الْحَاكِمِ لَسَاغَ تَرْكُ التَّفْرِيقِ إِذَا لَمْ يَرْضَيَا بِهِ كَالتَّفْرِيقِ لَلَعَنَتْ وَالْإِعْسَارِ، وَتَفْرِيقُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَيْنَهُمَا بِمَعْنَى إِعْلَامِهِ لَهُمَا بِحُصُولِ الْفُرْقَةِ.

(وَعَنْهُ: لَا تَحْصُلُ حَتَّى يُفَرِّقَ الْحَاكِمُ بَيْنَهُمَا) فِي ظَاهِرِ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ، وَاخْتَارَهُ الْقَاضِي، وَالشَّرِيفُ، وَأَبُو الْخَطَّابِ، وَابْنُ الْبَنَّا، وَالْمُؤَلِّفُ لِمَا رَوَى نَافِعٌ عَنِ ابْنِ عُمَرَ «أَنَّ رَجُلًا لَاعَنَ امْرَأَتَهُ فِي زَمَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَانْتَفَى مِنْ وَلَدِهَا، فَفَرَّقَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَيْنَهُمَا، وَأَلْحَقَ الْوَلَدَ بِالْمَرْأَةِ» . رَوَاهُ الْجَمَاعَةُ، «وَعَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ قَالَ: قُلْتُ لِابْنِ عُمَرَ: رَجُلٌ قَذَفَ امْرَأَتَهُ؛ قَالَ: فَرَّقَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَيْنَ أَخَوَيْ بَنِي عَجْلَانِ، وَقَالَ: اللَّهُ يَعْلَمُ أَنَّ أَحَدَكُمَا كَاذِبٌ فَهَلْ مِنْكُمَا تَائِبٌ؛ يُرَدِّدُهَا ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، فَأَبَيَا، فَفَرَّقَ بَيْنَهُمَا» . مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. فَدَلَّ أَنَّ الْفُرْقَةَ لَمْ تَحْصُلْ بِمُجَرَّدِ اللِّعَانِ، فَعَلَى هَذِهِ إِنْ طَلَّقَهَا قَبْلَ التَّفْرِيقِ لَحِقَهَا طَلَاقُهُ، وَيَلْزَمُ الْحَاكِمُ الْفُرْقَةَ مِنْ غَيْرِ طَلَبٍ ; لِأَنَّهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - فَرَّقَ بَيْنَهُمَا مِنْ غَيْرِ اسْتِئْذَانِهِمَا، وَعَلَيْهَا لَوْ لَمْ يُفَرِّقِ الْحَاكِمُ بَيْنَهُمَا كَانَ النِّكَاحُ بِحَالِهِ، قَالَ الْمُؤَلِّفُ. وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: تَحْصُلُ الْفُرْقَةُ بِلِعَانِ الزَّوْجِ وَحْدَهُ، وَإِنْ لَمْ تَلْتَعِنْ هِيَ كَالطَّلَاقِ. قَالَ الْمُؤَلِّفُ: وَلَا نَعْلَمُ أَنَّ أَحَدًا وَافَقَهُ عَلَى ذَلِكَ. وَعَلَيْهِمَا فُرْقَةُ اللِّعَانِ فَسْخٌ ; لِأَنَّهَا فُرْقَةٌ تُوجِبُ تَحْرِيمًا مُؤَبَّدًا، فَكَانَتْ فَسْخًا كَالرَّضَاعِ.

[الثَّالِثُ التَّحْرِيمُ الْمُؤَبَّدُ بَيْنَهُمَا]

(الثَّالِثُ: التَّحْرِيمُ الْمُؤَبَّدُ) نَقَلَهُ وَاخْتَارَهُ الْأَكْثَرُ لِقَوْلِ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ: مَضَتِ السُّنَّةُ

<<  <  ج: ص:  >  >>