الْعَمَلِ فِي الذِّمَّةِ حَتَّى يَتَسَلَّمَهُ.
وَإِذَا انْقَضَتِ الْإِجَارَةُ وَفِي الْأَرْضِ غِرَاسٌ أَوْ بِنَاءٌ لَمْ يُشْتَرَطْ قَلْعُهُ عِنْدَ انْقِضَائِهَا خُيِّرَ الْمَالِكُ بَيْنَ أَخْذِهِ بِالْقِيمَةِ أَوْ تَرْكِهِ بِالْأُجْرَةِ أَوْ قَلْعِهِ وَضَمَانِ نَقْصِهِ، وَإِنْ شَرَطَ قَلْعَهُ لَزِمَهُ ذَلِكَ، وَلَمْ يَجِبْ تَسْوِيَةُ الْأَرْضِ إِلَّا
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
وَقِيلَ: يَجِبُ قَبْضُهَا فِي الْمَجْلِسِ كَرَأْسِ مَالِ السَّلَمِ فَلَا تَحِلُّ مُؤَجَّلَةً بِمَوْتٍ فِي أَصَحِّ قَوْلَيِ الْعُلَمَاءِ وَإِنْ حَلَّ دَيْنٌ بِهِ ; لِأَنَّ حَلَّهَا مَعَ تَأْخِيرِ اسْتِيفَاءِ الْمَنْفَعَةِ ظُلْمٌ، قَالَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ.
(وَلَا يَجِبُ تَسْلِيمُ أُجْرَةِ الْعَمَلِ فِي الذِّمَّةِ حَتَّى يَتَسَلَّمَهُ) وَإِنَّ وَجَبَتْ بِالْعَقْدِ، وَعَلَى هَذَا وَرَدَتِ النُّصُوصُ، وَلِأَنَّ الْأَجِيرَ إِنَّمَا يُوَفَّى أَجْرَهُ إِذَا قَضَى عَمَلَهُ ; لِأَنَّهُ عِوَضٌ فَلَا يَسْتَحِقُّ تَسْلِيمَهُ إِلَّا مَعَ تَسْلِيمِ الْمُعَوَّضِ كَالصَّدَاقِ، وَالثَّمَنِ، وَفَارَقَ الْإِجَارَةَ عَلَى الْأَعْيَانِ ; لِأَنَّ تَسْلِيمَهَا أُجْرِيَ مُجْرَى تَسْلِيمِ نَفْعِهَا، وَمَتَى كَانَتْ عَلَى عَمَلٍ فِي الذِّمَّةِ لَمْ يَحْصُلْ تَسْلِيمُ الْمَنْفَعَةِ، وَلَا يَقُومُ مَقَامَهَا، فَيَتَوَقَّفُ اسْتِحْقَاقُ تَسْلِيمِ الْأَجْرِ عَلَى تَسْلِيمِ الْعَمَلِ، فَإِنْ عَمِلَ بَعْضَهُ فَلَهُ أُجْرَةُ الْمِثْلِ لِمَا عَمِلَ، وَقِيلَ: إِنْ كَانَ مَعْذُورًا فِي تَرْكِ الْعَمَلِ وَإِلَّا احْتَمَلَ وَجْهَيْنِ.
وَقَالَ ابْنُ أَبِي مُوسَى: مَنِ اسْتُؤْجِرَ لِعَمَلٍ مَعْلُومٍ اسْتَحَقَّ الْأَجْرَ عِنْدَ إِيفَاءِ الْعَمَلِ، وَإِنِ اسْتُؤْجِرَ كُلَّ يَوْمٍ بِأُجْرَةٍ مَعْلُومَةٍ فَلَهُ أَجْرُ كُلِّ يَوْمٍ عِنْدَ تَمَامِهِ.
تَنْبِيهٌ: يَسْتَقِرُّ الْأَجْرُ كَامِلًا بِاسْتِيفَاءِ الْمَنْفَعَةِ، وَبِتَسْلِيمِ الْعَيْنِ، وَمُضِيِّ الْمُدَّةِ، وَلَا مَانِعَ لَهُ مِنَ الِانْتِفَاعِ، أَوْ بِفَرَاغِ عَمَلٍ بِيَدِ مُسْتَأْجِرٍ، وَيَدْفَعُهُ إِلَيْهِ بَعْدَ عَمَلِهِ، فَلَوْ بَذَلَ لَهُ تَسْلِيمَ الْعَيْنِ، وَامْتَنَعَ الْمُسْتَأْجِرُ حَتَّى انْقَضَتِ الْمُدَّةُ اسْتَقَرَّ الْأَجْرُ عَلَيْهِ كَمَا لَوْ كَانَتْ بِيَدِهِ، وَإِنْ كَانَتْ عَلَى عَمَلٍ فَذَكَرَ الْأَصْحَابُ أَنَّهَا تَسْتَقِرُّ إِذَا مَضَتْ مُدَّةٌ يُمْكِنُ الِاسْتِيفَاءُ فِيهَا، وَصَحَّحَ فِي " الْمُغْنِي " أَنَّهُ لَا أَجْرَ عَلَيْهِ ; لِأَنَّهُ عَقْدٌ عَلَى مَا فِي الذِّمَّةِ فَلَمْ يَسْتَقِرَّ عِوَضُهُ بُذِلَ التَّسْلِيمُ كَالْمُسَلَّمِ فِيهِ.
[انْقَضَتِ الْإِجَارَةُ وَفِي الْأَرْضِ غِرَاسٌ أَوْ بِنَاءٌ]
(وَإِذَا انْقَضَتِ الْإِجَارَةُ وَفِي الْأَرْضِ غِرَاسٌ أَوْ بِنَاءٌ لَمْ يُشْتَرَطْ قَلْعُهُ عِنْدَ انْقِضَائِهَا) أو أَطْلَقَ وَكَانَتْ أَوْ أُجِّرَتْ لِذَلِكَ (خُيِّرَ الْمَالِكُ) أَيْ رَبُّ الْأَرْضِ (بَيْنَ أَخْذِهِ بِالْقِيمَةِ) أَيْ بِدَفْعِ قِيمَةِ الْغِرَاسِ، أَوِ الْبِنَاءِ، فَيَمْلِكُهُ مَعَ أَرْضِهِ ; لِأَنَّ الضَّرَرَ يَزُولُ بِذَلِكَ، وَفِي " الْفَائِقِ ": إِذَا كَانَتِ الْأَرْضُ وَقْفًا لَمْ يَمْلِكِ التَّمَلُّكَ إِلَّا بِشَرْطِ وَاقِفٍ أَوْ رضي مُسْتَحِقِّ الرِّيعِ (أَوْ تَرْكِهِ بِالْأُجْرَةِ) أَيْ أُجْرَةِ الْمِثْلِ (أَوْ قَلْعِهِ وَضَمَانِ نَقْصِهِ) لِمَا فِيهِ مِنَ الْجَمْعِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute