للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فصل: وَمَتَى رَجَعَ شُهُودُ الْمَالِ بَعْدَ الْحُكْمِ لَزِمَهُمُ الضَّمَانُ، وَلَمْ يُنْقَضِ الْحُكْمُ

ــ

[المبدع في شرح المقنع]

وَقِيلَ: يُؤْخَذُ بِقَوْلِهِ الْمُتَقَدِّمِ. وَإِنْ رَجَعَ قَبْلَ الْحُكْمِ ـ قَالَهُ فِي الرِّعَايَةِ ـ لَغَتْ وَلَا حُكْمَ وَلَمْ يَضْمَنْ. وَإِنْ لَمْ يُصَرِّحْ بِالرُّجُوعِ بَلْ قَالَ لِلْحَاكِمِ: تَوَقَّفْ. فَتَوَقَّفَ، ثُمَّ أَعَادَهَا إليها وقُبِلَتْ، فِي الْأَصَحِّ.

وَفِي وُجُوبِ إِعَادَتِهَا احْتِمَالَانِ. وَإِنِ ادَّعَى عَلَيْهِ شَهَادَةً فَأَنْكَرَ، ثُمَّ شَهِدَ بِهَا وَقَالَ: كُنْتُ أُنْسِيتُهَا. قُبِلَتْ. قَالَ فِي الْمُسْتَوْعِبِ: وَلَا تُقْبَلُ الشَّهَادَةُ إِلَّا فِي مَجْلِسِ الْحُكْمِ.

وَلِهَذَا قَالَ ابْنُ الْبَنَّا: لَا تَتِمُّ الشَّهَادَةُ إِلَّا بِخَمْسَةِ أَشْيَاءَ: شَاهِدٌ وَمَشْهُودٌ بِهِ وَمَشْهُودٌ لَهُ وَمَشْهُودٌ عَلَيْهِ وَمَشْهُودٌ فِيهِ، يَعْنِي مَجْلِسَ الْحُكْمِ.

[فصل فِي رُجُوعِ الشُّهُودِ بَعْدَ الْحُكْمِ]

[رُجُوعُ شُهُودِ الْمَالِ]

فصل.

(وَمَتَى رَجَعَ شُهُودُ الْمَالِ بَعْدَ الْحُكْمِ لَزِمَهُمْ) أَيْ: الشُّهُودَ. (الضَّمَانُ) فِي قَوْلِ أَكْثَرِ الْعُلَمَاءِ ; لِأَنَّهُمَا قَدِ اعْتَرَفَا بِأَنَّهُمَا قَدْ أَخْرَجَا مَالَهُ مِنْ يَدِهِ بِغَيْرِ حَقٍّ، فَلَزِمَهُمَا الضَّمَانُ، كَمَا لَوْ شَهِدَا بِعِتْقِهِ. وَلِأَنَّهُمَا نُسِبَا إِلَى إِتْلَافِ حَقِّهِ بِشَهَادَتِهِمَا بِالزُّورِ عَلَيْهِ فَضَمِنَا كَشَاهِدَيِ الْقِصَاصِ. بَلْ وُجُوبُ الْمَالِ أَوْلَى ; لِأَنَّ الْقِصَاصَ يُدْرَأُ بِالشُّبْهَةِ.

وَيُسْتَثْنَى مِنْهُ مَا لَمْ يُصَدِّقْهُمْ مَشْهُودٌ لَهُ، فَأَمَّا الْمُزَكُّونَ فَلَا يَغْرَمُونَ شَيْئًا. ذَكَرَهُ مُعْظَمُ الْأَصْحَابِ.

وَاقْتَضَى ذَلِكَ أَنَّهُ لَا يُرْجَعُ عَلَى الْمَحْكُومِ لَهُ بِشَيْءٍ وَهُوَ كَذَلِكَ، بِغَيْرِ خِلَافٍ نَعْلَمُهُ (وَلَمْ يُنْقَضِ الْحُكْمُ) فِي قَوْلِ أَكْثَرِ أَهْلِ الْفُتْيَا مِنْ عُلَمَاءِ الْأَمْصَارِ، وَقَالَ ابْنُ الْمُسَيَّبِ وَالْأَوْزَاعِيُّ: يُنْقَضُ وَإِنِ اسْتَوْفَى الْحَقَّ، كَمَا لَوْ تَبَيَّنَ أَنَّهُمَا كَانَا كَافِرَيْنِ.

وَجَوَابُهُ: أَنْ حَقَّ الْمَشْهُودِ لَهُ وَجَبَ فَلَا يَسْقُطُ، كَمَا لَوِ ادَّعَيَاهُ لِأَنْفُسِهِمَا. يُحَقِّقُ هَذَا أَنَّ حَقَّ الْإِنْسَانِ لَا يَزُولُ إِلَّا بِبَيِّنَةٍ أَوْ إِقْرَارٍ، وَلَيْسَ هَذَا وَاحِدًا مِنْهُمَا. وَفَارَقَ الْكَافِرُ ; لِأَنَّهُ لَمْ يُوجَدْ شَرْطُ الْحُكْمِ: وَهُوَ شَهَادَةُ الْعُدُولِ، وَهُنَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَا عَدْلَيْنِ صَادِقَيْنِ فِي شَهَادَتِهِمَا، وَإِنَّمَا كَذَبَا فِي رُجُوعِهِمَا.

<<  <  ج: ص:  >  >>