للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إِبْرَاءٍ لَمْ يَصِحَّ تَصَرُّفُهُ.

وَإِنْ وَطِئَ جَارِيَةَ ابْنِهِ فَأَحْبَلَهَا صَارَتْ أُمَّ وَلَدٍ لَهُ، وَوَلَدُهُ حُرٌّ لَا يَلْزَمُهُ قِيمَتُهُ، وَلَا مَهْرَ وَلَا حَدَّ عَلَيْهِ، وَفِي التَّعْزِيرِ وَجْهَانِ، وَلَيْسَ لِلِابْنِ

ــ

[المبدع في شرح المقنع]

مِلْكَ الْوَلَدِ عَلَى مَالِ نَفْسِهِ تَامٌّ، فَصَحَّ تَصَرُّفُهُ فِيهِ، وَلَوْ كَانَ لِلْغَيْرِ أَوْ مُشْتَرَكًا لَمْ يَجُزْ ذَلِكَ. وَقَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ: وَيُقْدَحُ فِي أَهْلِيَّتِهِ لِأَجْلِ الْأَذَى سِيَّمَا بِالْحَبْسِ، وَعَنْهُ: لَهُ أَنْ يُبْرِئَ مِنْ مَالِ وَلَدِهِ، وَيَتَسَرَّى مِنْهُ، وَمَا فَعَلَ فِيهِ فَهُوَ جَائِزٌ، وَفِيهِ بُعْدٌ؛ لِأَنَّهُ تَصَرَّفَ فِي مِلْكِ غَيْرِهِ بِمَا لَا حَظَّ فِيهِ خُصُوصًا مَعَ صِغَرِ الْوَلَدِ، إِذْ لَيْسَ مِنَ الْحَظِّ إِسْقَاطُ دَيْنِهِ، وَعِتْقُ عَبْدِهِ، وَهِبَةُ مَالِهِ.

تَنْبِيهٌ: يَحْصُلُ التَّمَلُّكُ بِقَبْضِهِ، نَصَّ عَلَيْهِ، مَعَ قَوْلٍ أَوْ نِيَّةٍ، قَالَ فِي " الْفُرُوعِ ": وَيَتَوَجَّهُ: أَوْ قَرِينَةٍ. وَفِي " الْمُبْهِجِ " فِي تَصَرُّفِهِ فِي غَيْرِ مَكِيلٍ وَمَوْزُونٍ رِوَايَتَانِ بِنَاءً عَلَى حُصُولِ مِلْكِهِ قَبْلَ قَبْضِهِ، وَيَصِحُّ بَعْدَهُ، وَلَوْ أَرَادَ أَخْذَهُ مَعَ غِنَاهُ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَأْبَى عَلَيْهِ، نَقَلَ الْأَثْرَمُ وَلَوْ كُنْتُ أَنَا لَجَبَرْتُهُ عَلَى دَفْعِهِ إِلَيْهِ عَلَى حَدِيثِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ٣٢ «أَنْتَ وَمَالُكَ لِأَبِيكَ» .

[وَطِئَ جَارِيَةَ ابْنِهِ قَبْلَ تَمَلُّكِهَا]

(وَإِنْ وَطِئَ جَارِيَةَ ابْنِهِ) أَيْ قَبْلَ تَمَلُّكِهَا، فَقَدْ وَطِئَهَا وَلَيْسَتْ بِزَوْجَةٍ وَلَا مِلْكِ يَمِينٍ، وَهُوَ حَرَامٌ، (فَأَحْبَلَهَا، صَارَتْ أُمَّ وَلَدٍ لَهُ) ؛ لِأَنَّ إِحْبَالَ الْأَبِ لَهَا يُوجِبُ نَقْلَ الْمِلْكِ إِلَيْهِ، وَحِينَئِذٍ يَكُونُ الْوَطْءُ مُصَادِفًا لِلْمِلْكِ، وَذَلِكَ يَقْتَضِي صَيْرُورَتَهَا أُمَّ وَلَدٍ ضَرُورَةَ مُصَادَفَةِ الْوَطْءِ الْمِلْكَ، وَمُقْتَضَاهُ أَنَّهَا إِذَا لَمْ تَحْبَلْ مِنْهُ أَنَّهَا بَاقِيَةٌ عَلَى مِلْكِ الْوَلَدِ (وَوَلَدُهُ حُرٌّ) ؛ لِأَنَّهُ مِنْ وَطْءِ شُبْهَةٍ (لَا تَلْزَمُهُ قِيمَتُهُ، وَلَا مَهْرَ) وَلَا قِيمَتُهَا؛ إِذْ لَيْسَ لَهُ مُطَالَبَةُ الْأَبِ بِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ (وَلَا حَدَّ عَلَيْهِ) عَلَى الْأَصَحِّ؛ لِلشُّبْهَةِ. (وَفِي التَّعْزِيرِ وَجْهَانِ) : أَشْهَرُهُمَا التَّعْزِيرُ، وَذَكَرَهُ الْقَاضِي رِوَايَةً وَاحِدَةً؛ لِأَنَّهُ وَطِئَ وَطْأً مُحَرَّمًا كَوَطْءِ الْمُشْتَرَكَةِ، وَالثَّانِي لَا؛ لِأَنَّهُ لَا يُقْتَصُّ مِنْهُ بِالْجِنَايَةِ عَلَى وَلَدِهِ، فَلَا يُعَزَّرُ بِالتَّصَرُّفِ فِي مَالِهِ، وَالْفَرْقُ أَنَّ التَّعْزِيرَ هُنَا حَقٌّ لِلَّهِ تَعَالَى بِخِلَافِ الْجِنَايَةِ عَلَى وَلَدِهِ. قَالَ بَعْضُهُمْ: فَيُضْرَبُ مِائَةً إِلَّا سَوْطًا.

فَرْعٌ: إِذَا تَمَلَّكَهَا فَلَيْسَ لَهُ وَطْؤُهَا حَتَّى يَسْتَبْرِئَهَا، فَإِنْ كَانَ الِابْنُ وَطِئَهَا لَمْ تَحِلَّ لَهُ بِحَالٍ، فَإِنْ وَطِئَهَا بَعْدَ وَطْءِ الِابْنِ فَرِوَايَتَانِ كَوَطْءِ ذَاتِ مَحْرَمٍ بِمِلْكِ يَمِينٍ، وَلَا يَنْتَقِلُ

<<  <  ج: ص:  >  >>