للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْمُحْتَالُ الرُّجُوعَ عَلَيْهِ بِحَالٍ.

وَلَا تَصِحُّ إِلَّا بِثَلَاثَةِ شُرُوطٍ أَحَدُهَا: أَنْ يُحِيلَ عَلَى دَيْنٍ مُسْتَقِرٍّ، فَإِنْ أَحَالَ عَلَى مَالِ الْكِتَابَةِ، أَوِ السَّلَمِ، أَوِ الصَّدَاقِ قَبْلَ الدُّخُولِ، لَمْ

ــ

[المبدع في شرح المقنع]

وَقِيلَ: إِنَّهَا بَيْعُ دَيْنٍ بَدَيْنٍ، فَإِنَّ الْمُحِيلَ يَشْتَرِي مَا فِي ذِمَّتِهِ بِمَالِهِ فِي ذِمَّةِ الْآخَرِ وَجَازَ تَأْخِيرُ الْقَبْضِ رُخْصَةً فَيَدْخُلُهَا خِيَارُ الْمَجْلِسِ، وَفِي " الْمُغْنِي "، وَ " الشَّرْحِ " أَنَّ الصَّحِيحَ أَنَّهَا عَقْدُ إِرْفَاقٍ مُنْفَرِدٌ بِنَفْسِهِ لَيْسَ بِمَحْمُولٍ عَلَى غَيْرِهِ، لِأَنَّهَا لَوْ كَانَتْ بَيْعًا لَكَانَتْ بَيْعَ دَيْنٍ بِدَيْنٍ، وَلَمَا جَازَ التَّفَرُّقُ قَبْلَ الْقَبْضِ، لِأَنَّهَا بَيْعُ مَالِ الرِّبَا بِجِنْسِهِ، وَلِأَنَّ لَفْظَهَا يُشْعِرُ بِالتَّحَوُّلِ فَعَلَيْهِ لَا يَدْخُلُهَا خِيَارٌ، وَتَلْزَمُ بِمُجَرَّدِ الْعَقْدِ، وَهَذَا أَشْبَهُ بِكَلَامِ أَحْمَدَ وَأُصُولِهِ.

وَلَا بُدَّ فِيهَا مِنْ مُحِيلٍ وَمُحْتَالٍ وَمُحَالٍ عَلَيْهِ وَتَصِحُّ بِلَفْظِهَا، أَوْ مَعْنَاهَا الْخَاصِّ.

(وَالْحَوَالَةُ تَنْقُلُ الْحَقَّ مِنْ ذِمَّةِ الْمُحِيلِ إِلَى ذِمَّةِ الْمُحَالِ عَلَيْهِ) لِمَا بَيَّنَّا أَنَّهَا مُشْتَقَّةٌ مِنَ التَّحْوِيلِ وَحَيْثُ صَحَّتِ الْحَوَالَةُ بَرِئَتْ ذِمَّةُ الْمُحِيلِ، وَانْتَقَلَ الْحَقُّ إِلَى ذِمَّةِ الْمُحَالِ عَلَيْهِ (فَلَا يَمْلِكُ الْمُحْتَالُ الرُّجُوعَ عَلَيْهِ) أَيْ: عَلَى الْمُحِيلِ (بِحَالٍ) ، لِأَنَّ الْحَقَّ انْتَقَلَ، فَلَا يَعُودُ بَعْدَ انْتِقَالِهِ هَذَا إِذَا اجْتَمَعَتْ شُرُوطُهَا وَرَضِيَ بِهَا الْمُحْتَالُ، وَلَمْ يُشْتَرَطِ الْيَسَارُ سَوَاءٌ أَمْكَنَ اسْتِيفَاءُ الْحَقِّ، أَوْ تَعَذَّرَ لِمَطْلٍ، أَوْ فَلَسٍ، أَوْ مَوْتٍ، أَوْ جَحْدِ الْحَقِّ، وَلَا بَيِّنَةَ بِهِ وَحَلَفَ عَلَيْهِ فِي قَوْلِ الْجَمَاهِيرِ، وَعَنْهُ: إِذَا كَانَ الْمُحَالُ عَلَيْهِ مُفْلِسًا، وَلَمْ يَعْلَمِ الْمُحْتَالُ بِهِ فَلَهُ الرُّجُوعُ، وَاخْتَارَهُ جَمْعٌ، إِذِ الْفَلَسُ عَيْبٌ فِي الْمُحَالِ عَلَيْهِ فَكَانَ لَهُ الرُّجُوعُ كَالْمَبِيعِ الْمَعِيبِ، وَالْأَوَّلُ الْمَذْهَبُ لِمَا رَوَى سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ أَنَّ جَدَّهُ حَزْنًا كَانَ لَهُ عَلَى عَلِيٍّ دَيْنٌ فَأَحَالَهُ بِهِ فَمَاتَ الْمُحَالُ عَلَيْهِ فَأَخْبَرَهُ فَقَالَ: اخْتَرْتَ عَلَيْنَا أَبْعَدَكَ اللَّهُ فَأَبْعَدَهُ بِمُجَرَّدِ احْتِيَالِهِ، وَلَمْ يُخْبِرْهُ أَنَّ لَهُ الرُّجُوعَ، لِأَنَّهَا بَرَاءَةٌ مِنْ دَيْنٍ لَيْسَ فِيهَا قَبْضٌ مِمَّنْ هُوَ عَلَيْهِ، وَلَا مِمَّنْ يَدْفَعُ عَنْهُ، أَشْبَهَ مَا لَوْ أَبْرَأَهُ مِنَ الدَّيْنِ، وَالْحَوَالَةُ بِمَنْزِلَةِ الْقَبْضِ.

[شُرُوطُ الْحَوَالَةِ]

[الْأَوَّلُ أَنْ يُحِيلَ عَلَى دَيْنٍ مُسْتَقِرٍّ]

(وَلَا تَصِحُّ إِلَّا بِثَلَاثَةِ شُرُوطٍ أَحَدُهَا: أَنْ يُحِيلَ عَلَى دَيْنٍ مُسْتَقِرٍّ) ، نَصَّ عَلَيْهِ، لِأَنَّ مَا لَيْسَ بِمُسْتَقِرٍّ بِعَرْضِيَّةِ السُّقُوطِ، إِذْ مُقْتَضَاهَا الْتِزَامُ الْمُحَالِ عَلَيْهِ بِالدَّيْنِ مُطْلَقًا، وَلَا يَثْبُتُ فِيمَا هَذَا صِفَتُهُ (فَإِنْ أَحَالَ عَلَى مَالِ الْكِتَابَةِ، أَوِ السَّلَمِ، أَوِ الصَّدَاقِ قَبْلَ الدُّخُولِ لَمْ يَصِحَّ) وَهُنَا صُوَرٌ.

<<  <  ج: ص:  >  >>