كَانَ عِنْدَهُ عَرَضٌ لِلتِّجَارَةِ فَنَوَاهُ لِلْقِنْيَةِ ثُمَّ نَوَاهُ لِلتِّجَارَةِ لَمْ يَصِرْ لِلتِّجَارَةِ، وَعَنْهُ: إنَّ الْعُرُوضَ تصِيرُ لِلتِّجَارَةِ بِمُجَرَّدِ النِّيَّةِ.
وَتُقَوَّمُ الْعُرُوضُ عِنْدَ الْحَوْلِ بِمَا هُوَ أَحَظُّ لِلْمَسَاكِينِ مِنْ عَيْنٍ أَوْ وَرَقٍ، وَلَا يُعْتَبَرُ مَا اشْتُرِيَتْ بِهِ، وَإِنِ اشْتَرَى عَرَضًا
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
تَصِرْ لِلتِّجَارَةِ) اخْتَارَهُ الْخِرَقِيُّ، وَالْقَاضِي، وَأَكْثَرُ الْأَصْحَابِ؛ لِأَنَّ مَا لَا يَتَعَلَّقُ بِهِ الزَّكَاةُ مِنْ أَصْلِهِ لَا يَصِيرُ مَحَلًّا بِمُجَرَّدِ النِّيَّةِ، كَالْمَعْلُوفَةِ إِذَا نَوَى فِيهَا إِسَامَتَهَا؛ وَلِأَنَّ مُجَرَّدَ النِّيَّةِ لَا يَنْقُلُ عَنِ الْأَصْلِ؛ إِذِ الْأَصْلُ فِيهَا النِّيَّةُ (وَإِنْ كَانَ عِنْدَهُ عَرَضٌ لِلتِّجَارَةِ فَنَوَاهُ لِلْقِنْيَةِ، ثُمَّ نَوَاهُ لِلتِّجَارَةِ، لَمْ يَصِرْ لِلتِّجَارَةِ) هَذَا ظَاهِرُ " الْمَذْهَبِ "، وَفِي " الشَّرْحِ " أَنَّهُ لَا يَخْتَلِفُ الْمَذْهَبُ فِيهِ؛ لِأَنَّ الْقِنْيَةَ هِيَ الْأَصْلُ، فَيَكْفِي فِي الرَّدِّ إِلَيْهِ مُجَرَّدُ النِّيَّةِ، كَمَا لَوْ نَوَى بِالْحُلِيِّ التِّجَارَةَ، وَالْمُسَافِرُ الْإِقَامَةَ؛ وَلِأَنَّ نِيَّةَ التِّجَارَةِ شَرْطٌ لِلْوُجُوبِ فِيهَا، وَإِذَا نَوَى الْقِنْيَةَ زَالَتْ نِيَّةُ التِّجَارَةِ، فَفَاتَ شَرْطُ الْوُجُوبِ، بِخِلَافِ السَّائِمَةِ إِذَا نَوَى عَلَفَهَا، فَإِنَّ الشَّرْطَ الْإِسَامَةُ دُونَ نِيَّتِهَا (وَعَنْهُ: إِنَّ الْعُرُوضَ تَصِيرُ لِلتِّجَارَةِ بِمُجَرَّدِ النِّيَّةِ) نَقَلَهَا صَالِحٌ وَغَيْرُهُ، وَاخْتَارَهَا أَبُو بَكْرٍ، وَابْنُ عَقِيلٍ، وَجَزَمَ بِهَا فِي " التَّبْصِرَةِ " " وَالرَّوْضَةِ " لِعُمُومِ حَدِيثِ سَمُرَةَ؛ وَلِأَنَّ نِيَّةَ الْقِنْيَةَ كَافِيَةٌ بِمَجْرَدِهَا، فَكَذَا شِبْهُ التِّجَارَةِ، بَلْ أَوْلَى؛ إِذْ الْإِيجَابُ يَغْلِبُ عَلَى الْإِسْقَاطِ احْتِيَاطًا، وَالْفَرْقُ ظَاهِرٌ، فَعَلَى الْأَوَّلِ لَا شَيْءَ فِيهَا حَتَّى تُبَاعَ، وَيُسْتَقْبَلَ بِثَمَنِهَا حَوْلًا.
فَرْعٌ: إِذَا كَانَ عِنْدَهُ مَاشِيَةٌ لِلتِّجَارَةِ نِصْفَ حَوْلٍ، فَنَوَى بِهَا الْإِسَامَةَ، وَقَطَعَ نِيَّةَ التِّجَارَةِ، انْقَطَعَ حَوْلُهَا، وَاسْتَأْنَفَ حَوْلَ السَّائِمَةِ؛ لِأَنَّ حَوْلَ التِّجَارَةِ انْقَطَعَ بِنِيَّةِ الِاقْتِنَاءِ، وَحَوْلَ السَّائِمَةِ لَا يَنْبَنِي عَلَى حَوْلِ التِّجَارَةِ، قَالَ الْمُؤَلِّفُ: وَالْأَشْبَهُ بِالدَّلِيلِ أَنَّهَا مَتَى كَانَتْ سَائِمَةً فِي أَوَّلِ الْحَوْلِ وَجَبَتِ الزَّكَاةُ فِيهَا عِنْدَ تَمَامِهِ، وَرُوِيَ عَنْ إِسْحَاقَ.
[تُقَوَّمُ الْعُرُوضُ عِنْدَ تَمَامِ الْحَوْلِ بِمَا هُوَ أَحَظُّ لِلْمَسَاكِينِ]
(وَتُقَوَّمُ الْعُرُوضُ عِنْدَ) تَمَامِ (الْحَوْلِ بِمَا هُوَ أَحَظُّ لِلْمَسَاكِينِ مِنْ عَيْنٍ أَوْ وَرَقٍ) لِأَنَّ تَقْوِيمَهُ لِحَظِّ الْفُقَرَاءِ، فَيُقَوَّمُ بِالْأَحَظِّ لَهُمْ، كَمَا لَوِ اشْتَرَاهُ بِعَرَضِ قِنْيَةٍ، وَفِي الْبَلَدِ نَقْدٌ، إِنْ تَسَاوَيَا فِي الْغَلَّةِ يَبْلُغُ بِأَحَدِهِمَا نِصَابًا، بِخِلَافِ الْمُتْلَفَاتِ، وَذَكَرَ الْحُلْوَانِيُّ: يُقَوَّمُ بِنَقْدِ الْبَلَدِ، فَإِنْ تَعَدَّدَ فَبِالْأَحَظِّ، فَإِنْ كَانَ اشْتَرَاهُ بِنَقْدٍ قُوِّمَ بِجِنْسِ مَا اشْتَرَاهُ بِهِ؛ لِأَنَّهُ الَّذِي وَجَبَتِ الزَّكَاةُ بِحَوْلِهِ، فَوَجَبَ جِنْسُهُ كَالْمَاشِيَةِ؛ وَلِأَنَّ أَصْلَهُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ، وَعَنْهُ: لَا يُقَوَّمُ نَقْدٌ بِآخَرَ، وَعَلَى الْأَوَّلِ: إِذَا تَسَاوَتْ قِيمَةُ الْعُرُوضِ، فَكُلٌّ مِنْهُمَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute