للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَصْلٌ الْخَامِسُ: أَنْ يَكُونَ الْمُسْلَمُ فِيهِ عَامَّ الْوُجُودِ فِي مَحِلِّهِ، فَإِنْ كَانَ لَا يُوجَدُ فِيهِ أَوْ لَا يُوجَدُ إِلَّا نَادِرًا كَالسَّلَمِ فِي الْعِنَبِ وَالرُّطَبِ إِلَى غَيْرِ وَقْتِهِ لَمْ يَصِحَّ، وَإِنْ أَسْلَمَ فِي ثَمَرَةِ بُسْتَانٍ بِعَيْنِهِ، أَوْ قَرْيَةٍ صَغِيرَةٍ لَمْ يَصِحَّ، وَإِنْ أَسْلَمَ إِلَى مَحِلٍّ يُوجَدُ فِيهِ عَامًّا، فَانْقَطَعَ خُيِّرَ بَيْنَ الصَّبْرِ، وَبَيْنَ الْفَسْخِ، وَالرُّجُوعِ بِرَأْسِ مَالِهِ، أَوْ عِوَضِهِ إِنْ

ــ

[المبدع في شرح المقنع]

[الْخَامِسُ أَنْ يَكُونَ الْمُسْلَمُ فِيهِ عَامَ الْوُجُودِ فِي مَحِلِّهِ]

فَصْلٌ

(الْخَامِسُ: أَنْ يَكُونَ الْمُسْلَمُ فِيهِ عَامَّ الْوُجُودِ فِي مَحِلِّهِ) غَالِبًا بِغَيْرِ خِلَافٍ نَعْلَمُهُ لِوُجُوبِ تَسْلِيمِهِ إِذَنْ (فَإِنْ كَانَ لَا يُوجَدُ فِيهِ) لَمْ يَصِحَّ؛ لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ تَسْلِيمُهُ غَالِبًا عِنْدَ وُجُوبِهِ أَشْبَهَ بَيْعَ الْآبِقِ بَلْ أَوْلَى (أَوْ لَا يُوجَدُ إِلَّا نَادِرًا كَالسَّلَمِ فِي الْعِنَبِ، وَالرُّطَبِ إِلَى غَيْرِ وَقْتِهِ) ، كَمَا لَوْ أَسْلَمَ فِيهِمَا إِلَى شُبَاطَ، أَوْ آذَارَ (لَمْ يَصِحَّ) لِانْتِفَاءِ شَرْطِهِ، وَلِأَنَّهُ لَا يُؤْمَنُ انْقِطَاعُهُ، فَلَا يَغْلِبُ عَلَى الظَّنِّ الْقُدْرَةُ عَلَى تَسْلِيمِهِ عِنْدَ وُجُودِهِ، كَمَا لَوْ أَسْلَمَ فِي جَارِيَةٍ وَوَلَدِهَا، وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ وُجُودُهُ حَالَ الْعَقْدِ، وَكَذَا لَا يُشْتَرَطُ عَدَمُهُ فِي الْأَصَحِّ حَكَاهُمَا ابْنُ عَبْدُوسٍ (وَإِنْ أَسْلَمَ فِي ثَمَرَةِ بُسْتَانٍ بِعَيْنِهِ، أَوْ قَرْيَةٍ صَغِيرَةٍ) ، أَوْ فِي نِتَاجٍ مِنْ فَحْلِ بَنِي فُلَانٍ، أَوْ غَنَمِهِ، أَوْ فِي مِثْلِ هَذَا الثَّوْبِ (لَمْ يَصِحَّ) ؛ لِأَنَّهُ لَا يُؤْمَنُ تَلَفُهُ، وَانْقِطَاعُهُ أَشْبَهَ مَا لَوْ أَسْلَمَ فِي شَيْءٍ قَدَّرَهُ بِمِكْيَالٍ مَعْلُومٍ، أَوْ صَنْجَةٍ بِعَيْنِهَا. دَلِيلُ الْأَصْلِ: مَا رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «أَنَّهُ أَسْلَفَ إِلَيْهِ يَهُودِيٌّ مِنْ تَمْرِ حَائِطِ بَنِي فُلَانٍ فَقَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: أَما من حَائِط بَنِي فُلَانٍ، فَلَا» . رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ وَرَوَاهُ الْجَوْزَجَانِيُّ فِي الْمُتَرْجِمِ، وَقَالَ: أَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ عَلَى كَرَاهَةِ هَذَا الْبَيْعِ.

وَقَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ: الْمَنْعُ مِنْهُ كَالْإِجْمَاعِ لِاحْتِمَالِ الْجَائِحَةِ. وَنَقَلَ أَبُو طَالِبٍ، وَغَيْرُهُ: يَصِحُّ إِذَا بَدَا صَلَاحُهُ، أَوِ اسْتَحْصَدَ، وَاحْتَجَّ بِابْنِ عُمَرَ.

وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: إِذَا كَانَ قَدْ بَلَغَ وَأُمِنَتْ عَلَيْهِ الْجَائِحَةُ وَيُعَارِضُهُ مَا سَبَقَ (وَإِنْ أَسْلَمَ إِلَى مَحِلٍّ يُوجَدُ فِيهِ عَامًّا، فَانْقَطَعَ) بِأَنْ لَمْ تَحْمِلِ الثِّمَارُ تِلْكَ السَّنَةَ مَثَلًا (خُيِّرَ) الْمُسْلِمُ (بَيْنَ الصَّبْرِ) إِلَى أَنْ يُوجَدَ فَيُطَالِبَ بِهِ (وَبَيْنَ الْفَسْخِ) كَغَيْرِهِ (وَالرُّجُوعِ بِرَأْسِ مَالِهِ) أَيْ: مَعَ وُجُودِهِ؛ لِأَنَّ الْعَقْدَ إِذَا زَالَ وَجَبَ رَدُّ الثَّمَنِ، وَيَجِبُ رَدُّ عَيْنِهِ إِنْ كَانَ بَاقِيًا؛ لِأَنَّهُ عَيْنُ حَقِّهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>