فَإِنْ وَصَّى بِمُعَيَّنٍ بِقَدْرِ نِصْفِ الدِّيَةِ، فَهَلْ تُحْسَبُ الدِّيَةُ عَلَى الْوَرَثَةِ مِنَ الثُّلُثَيْنِ؟ عَلَى وَجْهَيْنِ.
فَصْلٌ وَتَصِحُّ الْوَصِيَّةُ بِالْمَنْفَعَةِ الْمُفْرَدَةِ، فَلَوْ وَصَّى لِرَجُلٍ بِمَنَافِعِ أَمَتِهِ أَبَدًا أَوْ مُدَّةً
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
دِيَتُهُ مُطْلَقًا؛ لِأَنَّهَا تَجِبُ لِلْمَيِّتِ بَدَلَ نَفْسِهِ، وَنَفْسُهُ لَهُ، فَكَذَا بَدَلُهَا، قَالَ أَحْمَدُ: «قَضَى النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: أَنَّ الدِّيَةَ مِيرَاثٌ» ، فَتُقْضَى مِنْهَا دُيُونُهُ وَتَجْهِيزُهُ؛ لِأَنَّهُ إِنَّمَا يَحُوزُ وَرَثَتُهُ مِنْ أَمْلَاكِهِ مَا اسْتَغْنَى عَنْهُ، بِدَلِيلِ أَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يَتَجَدَّدَ لَهُ مِلْكٌ بَعْدَ مَوْتِهِ كَصَيْدٍ وَقَعَ فِي أُحْبُولَةٍ نَصَبَهَا خِلَافًا لِلِانْتِصَارِ وَغَيْرِهِ، وَإِنْ تَلِفَ بِهَا شَيْءٌ فَيَتَوَجَّهُ فِي ضَمَانِ الْمَيِّتِ الْخِلَافُ، قَالَهُ فِي الْفُرُوعِ، وَرُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ مِثْلُ ذَلِكَ فِي دِيَةِ الْخَطَأِ. وَالثَّانِيَةُ: لَا تَدْخُلُ فِي وَصِيَّتِهِ، نَقَلَهَا ابْنُ مَنْصُورٍ؛ لِأَنَّ الدِّيَةَ تَجِبُ لِلْوَرَثَةِ بَعْدَ مَوْتِ الْمُوصِي؛ لِأَنَّ سَبَبَهَا الْمَوْتُ، فَلَا يَجُوزُ وُجُوبُهَا قَبْلَهُ؛ لِأَنَّ الْحُكْمَ لَا يَتَقَدَّمُ سَبَبَهُ، إِذْ بِالْمَوْتِ تَزُولُ أَمْلَاكُهُ (فَإِنْ وَصَّى بِمُعَيَّنٍ بِقَدْرِ نِصْفِ الدِّيَةِ، فَهَلْ تُحْسَبُ الدِّيَةُ عَلَى الْوَرَثَةِ مِنَ الثُّلُثَيْنِ؟ عَلَى وَجْهَيْنِ) هُمَا مَبْنِيَّانِ عَلَى الرِّوَايَتَيْنِ، فَعَلَى الْأُولَى تُحْسَبُ الدِّيَةُ مِنْ مَالِهِ، فَإِنْ كَانَتْ وصيته بِقَدْرِ نِصْفِ الدِّيَةِ، أَوْ أَقَلَّ مِنْهُ، نَفَذَتِ الْوَصِيَّةُ، وَإِلَّا أُخْرِجَ مِنْهُ قَدْرُ ثُلُثِهَا، وَعَلَى الثَّانِيَةِ: لَا تُحْسَبُ الدِّيَةُ، وَتَخْرُجُ الْوَصِيَّةُ مِنْ تِلَادِ مَالِهِ دُونَ دِيَتِهِ، بِنَاءً عَلَى أَنَّ الدِّيَةَ لَيْسَتْ مِنْ مَالِهِ، فَيَخْتَصُّ بِهَا الْوَرَثَةُ.
[تَصِحُّ الْوَصِيَّةُ بِمَنْفَعَةٍ مُفْرَدَةٍ]
فَصْلٌ (وَتَصِحُّ الْوَصِيَّةُ بِالْمَنْفَعَةِ الْمُفْرَدَةِ) فِي قَوْلِ الْأَكْثَرِ؛ لِأَنَّهُ يَصِحُّ تَمْلِيكُهَا بِعَقْدِ الْمُعَاوَضَةِ، فَتَصِحُّ الْوَصِيَّةُ بِهَا كَالْأَعْيَانِ، وَلِأَنَّهَا هِبَةُ الْمَنْفَعَةِ بَعْدَ الْمَوْتِ، فَصَحَّتْ فِي الْحَيَاةِ كَالْمُقَارَنَةِ، وَسَوَاءٌ وَصَّى بِهَا أَبَدًا، أَوْ مُدَّةً مُعَيَّنَةً، لَكِنْ يُعْتَبَرُ خُرُوجُ ذَلِكَ مِنْ ثُلُثِ الْمَالِ، نَصَّ عَلَيْهِ فِي سُكْنَى الدَّارِ، وَهُوَ قَوْلُ مَنْ قَالَ بِصِحَّةِ الْوَصِيَّةِ بِهَا، وَإِنْ لَمْ يَخْرُجْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute