للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بَابُ الْأَمَانِ يَصِحُّ أَمَانُ الْمُسْلِمِ الْمُكَلَّفِ، ذَكَرًا كَانَ أَوْ أُنْثَى حُرًّا أَوْ عَبْدًا، مُطْلَقًا، أَوْ

ــ

[المبدع في شرح المقنع]

الْإِمَامِ، ذَكَرَهُ فِي " عُيُونِ الْمَسَائِلِ " وَ " الِانْتِصَارِ "، وَذَكَرَ الْقَاضِي وَابْنُهُ أَنَّ الْمَالِكَ غَيْرُ مُعَيَّنٍ، وَفِي " الْمُغْنِي " كَالْأَوَّلِ، وَلِلْإِمَامِ تَعْيِينُ مَصَارِفِهِ، وَتَرْتِيبُهَا فَافْتَقَرَ إِلَى إِذْنِهِ.

[بَابُ الْأَمَانِ]

الْأَمَانُ ضِدُّ الْخَوْفِ، وَهُوَ مَصْدَرُ: أَمِنَ أَمْنًا، وَأَمَانًا، وَالْأَصْلُ فِيهِ قَوْله تَعَالَى: {فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلامَ اللَّهِ} [التوبة: ٦] . وَقَوْلُهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - «ذِمَّةُ الْمُسْلِمِينَ وَاحِدَةٌ يَسْعَى بِهَا أَدْنَاهُمْ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ مِنْ حَدِيثِ عَلِيٍّ، وَإِذَا أُعْطُوا الْأَمَانَ حَرُمَ قَتْلُهُمْ وَأَخْذُ مَالِهِمْ وَالتَّعَرُّضُ إِلَيْهِمْ.

(يَصِحُّ أَمَانُ الْمُسْلِمِ الْمُكَلَّفِ) أَيِ: الْبَالِغُ الْعَاقِلُ فَلَا يَصِحُّ مِنْ كَافِرٍ، وَإِنْ كَانَ ذِمِّيًّا لِلْخَبَرِ، وَلِأَنَّهُ مُتَّهَمٌ عَلَى الْإِسْلَامِ وَأَهْلِهِ، فَلَمْ يَصِحَّ مِنْهُ كَالْحَرْبِيِّ، وَلَا مِنْ طِفْلٍ، وَمَجْنُونٍ؛ لِأَنَّ كَلَامَهُ غَيْرُ مُعْتَبَرٍ فَلَا يَثْبُتُ بِهِ حُكْمٌ، وَمَنْ زَالَ عَقْلُهُ بِنَوْمٍ أَوْ سُكْرٍ أَوْ إِغْمَاءٍ هُوَ كَالْمَجْنُونِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَعْرِفُ الْمَصْلَحَةَ مِنْ غَيْرِهَا (ذَكَرًا كَانَ أَوْ أُنْثَى) نَصَّ عَلَيْهِ، وَلِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - «قَدْ أَجَرْنَا مَنْ أَجَرْتِ يَا أُمَّ هَانِئٍ» . رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ، وَأَجَارَتْ زَيْنَبُ بِنْتُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَبَا الْعَاصِ بْنَ الرَّبِيعِ فَأَجَارَهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - (حُرًّا) اتِّفَاقًا (أَوْ عَبْدًا) فِي قَوْلِ أَكْثَرِ الْعُلَمَاءِ لِقَوْلِ عُمَرَ: الْعَبْدُ الْمُسْلِمُ رَجُلٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ يَجُوزُ أَمَانُهُ. رَوَاهُ سَعِيدٌ، وَلِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - «يَسْعَى بِهَا أَدْنَاهُمْ» فَإِنْ كَانَ كَذَلِكَ فَصَحَّ أَمَانُهُ بِالْحَدِيثِ، وَإِنْ كَانَ غَيْرُهُ أَدْنَى مِنْهُ، فَيَصِحُّ مِنْ بَابِ أَوْلَى، وَلِأَنَّهُ مُسْلِمٌ مُكَلَّفٌ، فَصَحَّ مِنْهُ كَالْحُرِّ (مُطْلَقًا) سَوَاءٌ كَانَ مَأْذُونًا لَهُ فِي الْقِتَالِ أَوْ لَا (أَوْ أَسِيرًا) نَصَّ عَلَى ذَلِكَ، وَلِلْعُمُومِ، وَبَعْضُهُمْ شَرَطَ فِيهِ أَنْ يَكُونَ مُخْتَارًا، وَلَا حَاجَةَ إِلَيْهِ؛ لِأَنَّ الْمُسْلِمَ

<<  <  ج: ص:  >  >>