وَمَنْ مَاتَ بَعْدَ حُلُولِ وَقْتِ الْعَطَاءِ، دَفَعَ إِلَى وَرَثَتِهِ حَقَّهُ، وَمَنْ مَاتَ مِنْ أَجْنَادِ الْمُسْلِمِينَ، دَفَعَ إِلَى امْرَأَتِهِ وَأَوْلَادِهِ الصِّغَارِ كِفَايَتَهُمْ، فَإِذَا بَلَغَ ذُكُورُهُمْ، فَاخْتَارُوا أَنْ يَكُونُوا فِي الْمُقَاتِلَةِ، فَرَضَ لَهُمْ، وَإِنْ لَمْ يَخْتَارُوا، تُرِكُوا.
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
عَنْهُمَا - لِأَنَّ الْغَنَائِمَ تُقَسَّمُ بَيْنَ مَنْ حَضَرَ بِالسَّوِيَّةِ، فَكَذَا الْفَيْءُ. لَكِنْ أَبُو بَكْرٍ أَعْطَى الْعَبِيدَ، وَمَنَعَهُمْ عَلِيٌّ. وَالثَّانِيَةُ: يَجُوزُ التَّفَاضُلُ بَيْنَهُمْ، وَهِيَ مَذْهَبُ عُمَرَ وَعُثْمَانَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - قَالَ عُمَرُ: لَا أَجْعَلُ مَنْ قَاتَلَ عَلَى الْإِسْلَامِ كَمَنْ قُوتِلَ عَلَيْهِ، وَلِأَنَّهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - قَسَّمَ النَّفْلَ بَيْنَ أَهْلِهِ مُتَفَاضِلًا عَلَى قَدْرِ غَنَائِهِمْ، وَهَذَا فِي مَعْنَاهُ، وَصَحَّحَ فِي " الْمُغْنِي " وَ " الشَّرْحِ " أَنَّ ذَلِكَ مُفَوَّضٌ إِلَى اجْتِهَادِ الْإِمَامِ بِحَسَبِ الْمَصْلَحَةِ، وَقَدْ فَرَضَ عُمَرُ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ مِنْ أَهْلِ بَدْرٍ خَمْسَةَ آلَافٍ، وَمِنَ الْأَنْصَارِ أَرْبَعَةَ آلَافٍ، وَالْعَطَاءُ الْوَاجِبُ لَا يَكُونُ إِلَّا لِبَالِغٍ عَاقِلٍ حُرٍّ بَصِيرٍ صَحِيحٍ، يُطِيقُ الْقِتَالَ، فَإِنْ حَدَثَ بِهِ مَرَضٌ غَيْرُ مَرْجُوِّ الزَّوَالِ كَزَمَانَةٍ وَنَحْوِهَا " فَلَا حَقَّ لَهُ فِي الْأَصَحِّ.
(وَمَنْ مَاتَ بَعْدَ حُلُولِ وَقْتِ الْعَطَاءِ، دَفَعَ إِلَى وَرَثَتِهِ حَقَّهُ) لِأَنَّهُ مَاتَ بَعْدَ الِاسْتِحْقَاقِ، وَانْتَقَلَ حَقُّهُ إِلَى وَرَثَتِهِ كَسَائِرِ الْمَوْرُوثَاتِ.
(وَمَنْ مَاتَ مِنْ أَجْنَادِ الْمُسْلِمِينَ، دَفَعَ إِلَى امْرَأَتِهِ، وَأَوْلَادِهِ الصِّغَارِ كِفَايَتَهُمْ) لِمَا فِيهِ مِنْ تَطْيِيبِ قُلُوبِ الْمُجَاهِدِينَ، لِأَنَّهُمْ إِذَا عَلِمُوا أَنَّ عِيَالَهُمْ يُكْفَوْنَ الْمَئُونَةَ بَعْدَ مَوْتِهِمْ، تَوَفَّرُوا عَلَى الْجِهَادِ، بِخِلَافِ عَكْسِهِ. فَإِنْ تَزَوَّجَتِ الْمَرْأَةُ، أَوْ وَاحِدَةٌ مِنَ الْبَنَاتِ، سَقَطَ فَرْضُهَا؛ لِأَنَّهَا خَرَجَتْ عَنْ عِيَالِ الْمَيِّتِ (فَإِذَا بَلَغَ ذُكُورُهُمْ) وَكَانُوا أَهْلًا لِلْقِتَالِ (فَاخْتَارُوا أَنْ يَكُونُوا فِي الْمُقَاتِلَةِ فَرَضَ لَهُمْ) لِأَنَّهُمْ أَهْلٌ لِذَلِكَ، فَفَرَضَ لَهُمْ كَآبَائِهِمْ. وَفِي " الْأَحْكَامِ السُّلْطَانِيَّةِ " مَعَ الْحَاجَةِ إِلَيْهِمْ (وَإِنْ لَمْ يَخْتَارُوا تُرِكُوا) لِأَنَّ الْبَالِغَ لَا يُجْبَرُ عَلَى خِلَافِ مُرَادِهِ إِلَّا لِوَاجِبٍ عَلَيْهِ، وَلَا شَكَّ أَنَّ دُخُولَهُمْ فِي دِيوَانِ الْمُقَاتِلَةِ لَيْسَ بِوَاجِبٍ.
تَنْبِيهٌ: بَيْتُ الْمَالِ مِلْكٌ لِلْمُسْلِمِينَ، فَيَضْمَنُهُ مُتْلِفُهُ، وَيَحْرُمُ التَّصَرُّفُ فِيهِ إِلَّا بِإِذْنِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute