فَصْلٌ الثَّانِي: أَنْ يَحْلِفَ مُخْتَارًا، فَإِنْ حَلَفَ مُكْرَهًا لَمْ تَنْعَقِدْ يَمِينُهُ، وَإِنْ سَبَقَتِ الْيَمِينُ عَلَى لِسَانِهِ مِنْ غَيْرِ قَصْدٍ إِلَيْهَا، كَقَوْلِهِ: لَا وَاللَّهِ، وَبَلَى وَاللَّهِ، فِي عَرْضِ حَدِيثِهِ، فَلَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ.
الثَّالِثُ: الْحِنْثُ فِي يَمِينِهِ بِأَنْ يَفْعَلَ مَا حَلَفَ عَلَى تَرْكِهِ، أَوْ
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
بِحِنْثِهِ فِي عِتْقٍ وَطَلَاقٍ، لِوُجُودِ الصِّفَةِ، وَقِيلَ: إِنْ عَقَدَهَا يَظُنُّ صِدْقَ نَفْسِهِ فَبَانَ خِلَافُهُ، فَكَمَنَ حَلَفَ عَلَى فِعْلِ شَيْءٍ، وَفَعَلَهُ نَاسِيًا.
[الشَّرْطُ الثَّانِي أَنْ يَحْلِفَ مُخْتَارًا]
فَصْلٌ (الثَّانِي: أَنْ يَحْلِفَ مُخْتَارًا فَإِنْ حَلَفَ مُكْرَهًا لَمْ تَنْعَقِدْ يَمِينُهُ) ذَكَرَهُ الْأَصْحَابُ، لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -: «رُفِعَ عَنْ أُمَّتِي الْخَطَأُ وَالنِّسْيَانُ وَمَا اسْتُكْرِهُوا عَلَيْهِ» وعنه: تنعقد، حَكَاهَا أَبُو الْخَطَّابِ، لِخَبَرِ حُذَيْفَةَ. رَوَاهُ مُسْلِمٌ. وَكَكَفَّارَةِ الصَّيْدِ، وَجَوَابُهُ قَوْلُهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -: «لَيْسَ عَلَى مَقْهُورٍ يَمِينٌ.» وَلِأَنَّهُ قَوْلٌ أُكْرِهَ عَلَيْهِ بِغَيْرِ حَقٍّ، فَلَمْ يَصِحَّ، كَكَلِمَةِ الْكُفْرِ، وَكَفَّارَةِ الصَّيْدِ كَمَسْأَلَتِنَا، (وَإِنْ سَبَقَتِ الْيَمِينُ عَلَى لِسَانِهِ مِنْ غَيْرِ قَصْدٍ إِلَيْهَا كَقَوْلِهِ: لَا وَاللَّهِ، وَبَلَى وَاللَّهِ، فِي عُرْضِ حَدِيثِهِ) عُرْضُ الشَّيْءِ، بِالضَّمِّ: جَانِبُهُ، وَبِالْفَتْحِ: خِلَافُ طُولِهِ، (فَلَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ) عَلَى الْأَصَحِّ، وَهُوَ قَوْلُ أَكْثَرِهِمْ، لِأَنَّهَا مِنْ لَغْوِ الْيَمِينِ لِمَا رَوَى عَطَاءٌ، عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «اللَّغْوُ فِي الْيَمِينِ كَلَامُ الرَّجُلِ فِي بَيْتِهِ: لَا وَاللَّهِ، وَبَلَى وَاللَّهِ» . رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ. قَالَ: وَرَوَاهُ الزُّهْرِيُّ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي سُلَيْمَانَ، وَمَالِكُ بْنُ مِغْوَلٍ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنْ عَائِشَةَ مَوْقُوفًا، وَكَذَا رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ، وَلِأَنَّ اللَّغْوَ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ الكلام غَيْرُ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ، وَهَذَا كَذَلِكَ، وَذَكَرَ ابْنُ هُبَيْرَةَ: أَنَّهُ إِذَا جَرَى عَلَى لِسَانِهِ يَمِينٌ عَلَى قَوْلٍ مُسْتَقْبَلٍ فَإِنَّ يَمِينَهُ تَنْعَقِدُ فِي رِوَايَةٍ، فَإِنْ حَنِثَ فِيهَا، وَجَبَتِ الْكَفَّارَةُ، وَفِي الْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَةِ: فَلَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ إِنْ كَانَ فِي الْمَاضِي، زَادَ فِي الرِّعَايَةِ: فِي الْأَشْهَرِ، وَإِنْ كَانَ فِي الْمُسْتَقْبَلِ فَرِوَايَتَانِ، وَذَكَرَ السَّامِرِيُّ وَغَيْرُهُ: أَنَّهُ لَا كَفَّارَةَ فِيهَا،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute