للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَنَّهُ يَحْرُمُ، وَيُسْتَحَبُّ إِذَا كَانَ بَقَاءُ النِّكَاحِ ضَرَرًا.

وَيَصِحُّ مِنَ الزَّوْجِ الْبَالِغِ الْعَاقِلِ الْمُخْتَارِ، وَمِنَ الصَّبِيِّ الْعَاقِلِ وَعَنْهُ: لَا يَصِحُّ حَتَّى يَبْلُغَ، وَمَنْ زَالَ عَقْلُهُ بِسَبَبٍ يُعْذَرُ

ــ

[المبدع في شرح المقنع]

لِمَا رَوَى مُحَارِبُ بْنُ دِثَارٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «أَبْغَضُ الْحَلَالِ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى الطَّلَاقُ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ، وَابْنُ مَاجَهْ، وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ، وَرُوِيَ مُرْسَلًا، وَعَنْهُ: لَا يُكْرَهُ، صَحَّحَهُ الْحُلْوَانِيُّ لِمَا سَبَقَ (وَعَنْهُ: أَنَّهُ يَحْرُمُ) ؛ لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -: «لَا ضَرَرَ وَلَا إِضْرَارَ» ؛ وَلِأَنَّهُ يَضُرُّ بِنَفْسِهِ وَزَوْجَتِهِ (وَيُسْتَحَبُّ إِذَا كَانَ بَقَاءُ النِّكَاحِ ضَرَرًا) أَيْ: يُنْدَبُ عِنْدَ تَضَرُّرِ الْمَرْأَةِ بِالنِّكَاحِ، إِمَّا لِبُغْضِهِ أَوْ لِغَيْرِهِ، فَيُسْتَحَبُّ إِزَالَةُ الضَّرَرِ عَنْهَا، وَلِتَرْكِهَا صَلَاةً، وَعِفَّةً، وَنَحْوَهُمَا، وَعَنْهُ: يَجِبُ لِعِفَّةٍ، وَعَنْهُ: وَغَيْرِهَا، فَإِنْ تَرَكَ حَقًّا لِلَّهِ فَهِيَ كَهُوَ فَتَخْتَلِعُ، وَالزِّنَا لَا يَفْسَخُ نِكَاحًا، نَصَّ عَلَيْهِمَا، وَنَقَلَ الْمَرُّوذِيُّ فِيمَنْ يُسْكِرُ زَوْجَ أُخْتِهِ يُحَوِّلُهَا إِلَيْهِ، وَعَنْهُ أَيْضًا: أَيُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا؟ قَالَ: اللَّهُ الْمُسْتَعَانُ، وَبَقِيَ هُنَا قِسْمَانِ آخَرَانِ: وَاجِبٌ هُوَ طَلَاقُ الْمُؤْلِي بَعْدَ التَّرَبُّصِ، وَطَلَاقُ الْحَكَمَيْنِ فِي الشِّقَاقِ إِذَا رَأَيَاهُ، وَعَنْهُ: وَلِأَمْرِ أَبِيهِ، وَعَنْهُ: الْعَدْلُ، وَقَالَهُ أَبُو بَكْرٍ اتِّبَاعًا لِسُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَإِنْ أَمَرَتْهُ أُمُّهُ، فَنَصُّهُ: لَا يُعْجِبُنِي طَلَاقُهُ، وَمَنَعَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ مِنْهُ، وَنُصَّ فِي بَيْعِ السِّرِّيَّةِ إِنْ خِفْتِ عَلَى نَفْسِكِ فَلَيْسَ لَهَا ذَلِكَ، وَمَحْظُورٌ: وَهُوَ طَلَاقُ مَنْ دَخَلَ بِهَا فِي حَيْضِهَا، أَوْ فِي طُهْرٍ أَصَابَهَا فِيهِ، وَيُسَمَّى طَلَاقُ بِدَعَةٍ؛ لِمُخَالَفَتِهِ الشَّرْعَ؛ لِأَنَّ طَلَاقَ الْحَائِضِ يَضُرُّ بِهَا؛ لِتَطْوِيلِ عِدَّتِهَا، وَالْمُصَابَةُ تَرْتَابُ، فَلَا تَدْرِي أَذَاتُ حَمْلٍ هِيَ - فَتَعْتَدُّ بِوَضْعِهِ - أَمْ حَائِلٌ فَتَعْتَدُّ بِالْقُرُوءِ، وَحَيْثُ كَانَتْ حَامِلًا فَيَنْدَمُ عَلَى فِرَاقِهَا مَعَ وَلَدِهَا، أَمَّا غَيْرُ الْمَدْخُولِ بِهَا فَلَا يَحْرُمُ؛ لِعَدَمِ الْعِدَّةِ، وَكَذَا الصَّغِيرَةُ، وَالْآيِسَةُ، وَالْحَامِلُ الَّتِي اسْتَبَانَ حَمْلُهَا، فَلَا.

[مَنْ يَصِحُّ مِنْهُ الطَّلَاقُ]

(وَيَصِحُّ مِنَ الزَّوْجِ الْبَالِغِ الْعَاقِلِ الْمُخْتَارِ) بِغَيْرِ خِلَافٍ نَعْلَمُهُ؛ لِأَنَّ الْمُصَحِّحَ لِوُقُوعِ الطَّلَاقِ مَوْجُودٌ - وَهُوَ التَّكْلِيفُ، فَظَاهِرُهُ: يَقَعُ مِنْ كِتَابِيٍّ وَسَفِيهٍ، نَصَّ عَلَيْهِمَا (وَمِنَ الصَّبِيِّ الْعَاقِلِ) أَيْ: إِذَا عَقَلَ الطَّلَاقَ - فِي الِاخْتِيَارِ الْأَكْثَرِ، وَذَكَرَهُ ابْنُ هُبَيْرَةَ ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ؛ لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -: «الطَّلَاقُ لِمَنْ أَخَذَ بِالسَّاقِ» وَقَالَ عَلِيٌّ: كُلُّ الطَّلَاقِ جَائِزٌ إِلَّا طَلَاقَ الْمَعْتُوهِ. ذَكَرَهُ الْبُخَارِيُّ، وَرَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَالدَّارَقُطْنِيُّ

<<  <  ج: ص:  >  >>