للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بَابُ أَحْكَامِ الذِّمَّةِ يَلْزَمُ الْإِمَامَ أَنْ يَأْخُذَهُمْ بِأَحْكَامِ الْمُسْلِمِينَ فِي ضَمَانِ النَّفْسِ وَالْمَالِ وَالْعِرْضِ، وَإِقَامَةِ الْحُدُودِ عَلَيْهِمْ فِيمَا دُونَ مَا يَعْتَقِدُونَ حِلَّهُ. وَيَلْزَمُهُمُ التَّمَيُّزُ عَنِ الْمُسْلِمِينَ فِي شُعُورِهِمْ بِحَذْفِ مَقَادِمِ رُءُوسِهِمْ، وَتَرْكِ الْفَرْقِ، وَكُنَاهُمْ، فَلَا

ــ

[المبدع في شرح المقنع]

كَتَغْيِيرِ خَرَاجٍ وَجِزْيَةٍ، وَكَلَامُ الْمُؤَلِّفِ يَقْتَضِي الْفَرْقَ، وَسَبَقَ مَا يَدُلُّ عَلَيْهِ.

فَائِدَةٌ: مَنْ أُخِذَتْ مِنْهُ الْجِزْيَةُ، كُتِبَتْ لَهُ بَرَاءَةٌ، لِتَكُونَ حُجَّةً لَهُ إِذَا احْتَاجَ إِلَيْهَا.

[بَابُ أَحْكَامِ أَهْلِ الذِّمَّةِ]

[مَا يُمْنَعُ مِنْهُ أَهْلُ الذِّمَّةِ]

بَابُ أَحْكَامِ الذِّمَّةِ.

وَأَحْكَامُهُمْ مَا يَجِبُ عَلَيْهِمْ، أَوْ يَجِبُ لَهُمْ بَعْدَ عَقْدِ الذِّمَّةِ مِمَّا يَقْتَضِيهِ عَقْدُهَا لَهُمْ (يَلْزَمُ الْإِمَامَ أَنْ يَأْخُذَهُمْ بِأَحْكَامِ الْمُسْلِمِينَ فِي ضَمَانِ النَّفْسِ) ، فَلَوْ قَتَلَ أَوْ قَطَعَ طَرَفًا أُخِذَ بِهِ كَالْمُسْلِمِ (وَالْمَالِ) فَلَوْ أَتْلَفَ مَالًا لِغَيْرِهِ، ضَمِنَهُ (وَالْعِرْضِ) وَسَيَأْتِي؛ لِأَنَّ الْإِسْلَامَ نَسَخَ كُلَّ حُكْمٍ يُخَالِفُهُ (وَ) يَلْزَمُهُ (إِقَامَةُ الْحُدُودِ عَلَيْهِمْ فِيمَا يَعْتَقِدُونَ تَحْرِيمَهُ) كَالسَّرِقَةِ، وَالْقَذْفِ لِمَا فِي الصَّحِيحِ عَنِ ابْنِ عُمَرَ «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أُتِيَ بِرَجُلٍ وَامْرَأَةٍ مِنَ الْيَهُودِ زَنَيَا، فَرَجَمَهُمَا» ، وَلِأَنَّهُ مُحَرَّمٌ فِي دِينِهِمْ، وَقَدِ الْتَزَمُوا حُكْمَ الْإِسْلَامِ فَثَبَتَ فِي حَقِّهِمْ كَالْمُسْلِمِ. وَعَنْهُ: إِنْ شَاءَ لَمْ يُقِمْ حَدَّ زِنَا بَعْضِهِمْ مِنْ بَعْضٍ، اخْتَارَهُ ابْنُ حَامِدٍ. وَمِثْلُهُ قَطْعُ سَرِقَةِ بَعْضِهِمْ مِنْ بَعْضٍ (دُونَ مَا يَعْتَقِدُونَ حِلَّهُ) كَشُرْبِ الْخَمْرِ، وَأَكْلِ الْخِنْزِيرِ، وَنِكَاحِ ذَوَاتِ الْمَحَارِمِ لِلْمَجُوسِ، لِأَنَّهُمْ يُقَرُّونَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ يُقَالُ: أَقَرَّهُمْ عَلَى ذَلِكَ بِإِعْطَاءِ الْجِزْيَةِ، وَلِأَنَّهُمْ يُقَرُّونَ عَلَى كُفْرِهِمْ، وَهُوَ أَعْظَمُ إِثْمًا مِنْ ذَلِكَ؛ فَلَأَنْ يُقَرُّوا عَلَى مَا ذَكَرْنَا بِالطَّرِيقِ الْأَوْلَى إِلَّا أَنَّهُمْ يُمْنَعُونَ مِنْ إِظْهَارِهِ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ لِأَنَّهُمْ يَتَأَذَّوْنَ بِهِ.

(وَيَلْزَمُهُمُ التَّمَيُّزُ عَنِ الْمُسْلِمِينَ) فِي أُمُورٍ.

مِنْهَا (فِي شُعُورِهِمْ بِحَذْفِ مَقَادِمِ رُءُوسِهِمْ، وَتَرْكِ الْفَراقِ) أَيْ: يَحْلِقُونَ مَقَادِمَ رُءُوسِهِمْ، وَلَا يَفْرُقُونَ شَعْرَ الرَّأْسِ فِرْقَتَيْنِ كَمَا يَفْعَلُهُ الْأَشْرَافُ. (وَكُنَاهُمْ فَلَا يَتَكَنَّوْنَ

<<  <  ج: ص:  >  >>