فَصْلٌ وَيَأْخُذُ الشَّفِيعُ بِالثَّمَنِ الَّذِي وَقَعَ الْعَقْدُ عَلَيْهِ، وَإِنْ عَجَزَ عَنْهُ أَوْ عَنْ بَعْضِهِ
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
تَسْقُطُ بِتَأْخِيرِ الْأَخْذِ بَعْدَهُ، أَمَّا عَلَى قَوْلِ الْقَاضِي، فَلِأَنَّ الشِّقْصَ صَارَ مِلْكًا لَهُ بِالْمُطَالَبَةِ، وَفِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ كَذَلِكَ لَمَا صَحَّ الْعَفْوُ عَنْهَا بَعْدَ طَلَبِهَا، كَمَا لَا يَصِحُّ الْعَفْوُ عَنْهَا بَعْدَ الْأَخْذِ بِهَا، وَأَمَّا عَلَى رَأْيِ ابْنِ عَقِيلٍ وَالْمُؤَلِّفِ، فَلِأَنَّهُ قَدْ عَلِمَ بِمُطَالَبَتِهِ بَقَاءَهُ عَلَى شُفْعَتِهِ، وَهُوَ ظَاهِرٌ، وَقَالَ فِي رِوَايَةِ أَبِي طَالِبٍ: الشُّفْعَةُ لَا تُورَثُ، لَعَلَّهُ لَمْ يَكُنْ يَطْلُبُهَا، فَجَعَلَ الْعِلَّةَ فِي إِبْطَالِهَا بِالْمَوْتِ عَدَمُ الْعِلْمِ بِرَغْبَةِ الْمَيِّتِ.
قَالَ الْقَاضِي فِي " التَّعْلِيقِ ": فَعَلَى هَذَا لَوْ عَلِمَ الْوَارِثُ أَنَّهُ رَاغِبٌ فِيهَا كَانَ لَهُ الْمُطَالَبَةُ، وَإِنْ لَمْ يُطَالِبِ الْمَيِّتُ، قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الْقَوْلُ قَوْلَ الْوَارِثِ مَعَ يَمِينِهِ، فَإِذَا تَقَرَّرَ ذَلِكَ انْتَقَلَ الْحَقُّ إِلَى جَمِيعِ الْوَرَثَةِ عَلَى قَدْرِ إِرْثِهِمْ مُطْلَقًا، فَإِذَا تَرَكَ بَعْضُهُمْ حَقَّهُ تَوَفَّرَ عَلَى الْبَاقِي، وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ إِلَّا أَخْذُ الْكُلِّ أَوِ التَّرْكُ كَالشُّفَعَاءِ إِذَا عَفَا بَعْضُهُمْ عَنْ حَقِّهِ، وَقِيلَ: مَنْ عَفَا عَنْ بَعْضِ حَقِّهِ أَوْ لَمَ يَطْلُبْهُ لَمْ تَسْقُطْ شُفْعَتُهُ.
[فَصْلٌ وَيَأْخُذُ الشَّفِيعُ بِالثَّمَنِ الَّذِي وَقَعَ الْعَقْدُ عَلَيْهِ]
ِ) لِحَدِيثِ جَابِرٍ «فَهُوَ أَحَقُّ بِهِ بِالثَّمَنِ» رَوَاهُ أَبُو إِسْحَاقَ الْجَوْزَجَانِيُّ فِي " الْمُتَرْجَمِ "، وَلِأَنَّ الشَّفِيعَ إِنَّمَا يَسْتَحِقُّ الشِّقْصَ بِالْبَيْعِ، فَكَانَ مُسْتَحِقًّا لَهُ بِالثَّمَنِ كَالْمُشْتَرِي، وَلَوْ عَبَّرَ بِمَا اسْتَقَرَّ عَلَيْهِ الْعَقْدُ وَقْتَ لُزُومِهِ لَكَانَ أَوْلَى، لَا يُقَالُ: كَانَ يَنْبَغِي أَنْ يَأْخُذَهُ بِقِيمَتِهِ كَالْمُضْطَرِّ إِلَى طَعَامِ غَيْرِهِ؛ لِأَنَّ الْمُضْطَرَّ اسْتَحَقَّهُ بِسَبَبِ حَاجَتِهِ، فَكَانَ الْمَرْجِعُ فِي بَدَلِهِ إِلَى قِيمَتِهِ، وَالشَّفِيعُ اسْتَحَقَّهُ بِالْبَيْعِ، فَوَجَبَ أَنْ يَكُونَ بِالْعِوَضِ الثَّابِتِ بِهِ، فَإِنْ وَقَعَ حِيلَةً، دَفَعَ إِلَيْهِ مَا أَعْطَاهُ أَوْ قِيمَةَ الشِّقْصِ، وَإِنْ كَانَ مَجْهُولًا كَصُبْرَةِ نَقْدٍ فَقَدْ تَقَدَّمَ، وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ يَأْخُذُهُ بِغَيْرِ حُكْمِ حَاكِمٍ؛ لِأَنَّهُ حَقٌّ ثَبَتَ بِالْإِجْمَاعِ فَلَمْ يَفْتَقِرْ إِلَى حُكْمٍ كَالرَّدِّ بِالْعَيْبِ، وَلَا تُعْتَبَرُ رُؤْيَتُهُ، إِنْ صَحَّ بَيْعُ غَائِبٍ وَإِلَّا اعْتُبِرَتْ، وَاعْتَبَرَ ابْنُ عَقِيلٍ الْحُكْمَ تَارَةً، وَدَفْعَ ثَمَنِهِ مَا لَمْ يَضُرَّ مُشْتَرِيَهُ، فَإِنْ دَفَعَ مَكِيلًا بِوَزْنٍ أَخَذَ مِثْلَ كَيْلِهِ كَقَرْضٍ، وَقِيلَ: يَكْفِي وَزْنُهُ، إِذِ الْمَبْذُولُ فِي مُقَابَلَةِ الشِّقْصِ وَقَدْرُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute