الْمُشْتَرِي قَلْعَهُ فَلَهُ ذَلِكَ، إِذَا لَمْ يَكُنْ فِيهِ ضَرَرٌ، وَإِنْ بَاعَ الشَّفِيعُ مِلْكَهُ قَبْلَ الْعِلْمِ لَمْ تَسْقُطْ شُفْعَتُهُ فِي أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ، وَلِلْمُشْتَرِي الشُّفْعَةُ فِيمَا بَاعَهُ الشَّفِيعُ فِي أَصَحِّ الْوَجْهَيْنِ، وَإِنْ مَاتَ الشَّفِيعُ بَطُلَتْ شُفْعَتُهُ، إِلَّا أَنْ يَمُوتَ بَعْدَ طَلَبِهَا فَتَكُونُ لِوَارِثِهِ.
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
نَقْصُ الْأَرْضِ، قَالَهُ الْأَكْثَرُ؛ لِأَنَّ النَّقْصَ حَدَثَ فِي مِلْكِهِ فَلَا يُقَابَلُ بِعِوَضٍ، فَعَلَى هَذَا يُخَيَّرُ الشَّفِيعُ بَيْنَ أَخْذِهِ نَاقِصًا بِكُلِّ الثَّمَنِ، أَوْ تَرْكِهِ، وَظَاهِرُ الْخِرَقِيِّ أَنَّ عَلَيْهِ ضَمَانَ النَّقْصِ الْحَاصِلِ بِالْقَلْعِ، فَأَمَّا نَقْصُ الْأَرْضِ بِالْغَرْسِ وَالْبِنَاءِ فَلَا يَضْمَنُهُ، ذَكَرَهُ فِي " الْمُغْنِي " (إِذَا لَمْ يَكُنْ فِيهِ ضَرَرٌ) هَذَا اخْتِيَارُ الْخِرَقِيِّ، وَابْنِ عَقِيلٍ، وَالْآدَمِيِّ، وَجُزِمَ بِهِ فِي " الْوَجِيزِ "؛ لِأَنَّ الضَّرَرَ لَا يُزَالُ بِمِثْلِهِ، وَاقْتَصَرَ الْأَكْثَرُ عَلَى الْقَلْعِ، أَضَرَّ بِالْأَرْضِ أَوْ لَمْ يَضُرَّ؛ لِأَنَّهُ عَيْنُ مَالِهِ.
فَرْعٌ: إِذَا حَفَرَ فِيهَا بِئْرًا أَخَذَهَا، وَلَزِمَهُ أُجْرَةُ مِثْلِهَا.
(وَإِنْ بَاعَ الشَّفِيعُ مِلْكَهُ قَبْلَ الْعِلْمِ) بِبَيْعِ نَصِيبِ شَرِيكِهِ (لَمْ تَسْقُطْ شُفْعَتُهُ فِي أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ) اخْتَارَهُ أَبُو الْخَطَّابِ، وَجُزِمَ بِهِ فِي " الْوَجِيزِ "؛ لِأَنَّهَا ثَبَتَتْ لَهُ، وَلَمْ يُوجَدْ مِنْهُ رِضًى بِتَرْكِهَا، وَالْأَصْلُ بَقَاؤُهَا، وَالثَّانِي: تَسْقُطُ، قَالَهُ الْقَاضِي؛ لِأَنَّهُ زَالَ السَّبَبُ الَّذِي يَسْتَحِقُّ بِهِ الشُّفْعَةَ، وَهُوَ الْمِلْكُ الَّذِي يُخَافُ الضَّرَرُ بِسَبَبِهِ، أَشْبَهَ مَا لَوِ اشْتَرَى مَعِيبًا لَمْ يَعْلَمْ عَيْبَهُ حَتَّى بَاعَهُ، وَمُقْتَضَاهُ أَنَّهُ إِذَا بَاعَهُ بَعْدَ الْعِلْمِ بِالْحَالِ فَإِنْهَا تَسْقُطُ، وَإِنْ بَاعَ بَعْضَهُ فَوَجْهَانِ، أَحَدُهُمَا: تَسْقُطُ لِكَوْنِهَا لَا تَتَبَعَّضُ، وَالثَّانِي بَقَاؤُهَا؛ لِأَنَّهُ قَدْ بَقِيَ مِنْ نَصِيبِهِ مَا يَسْتَحِقُّ بِهِ الشُّفْعَةَ فِي جَمِيعِ الْمَبِيعِ لَوِ انْفَرَدَ (وَلِلْمُشْتَرِي الشُّفْعَةُ فِيمَا بَاعَهُ الشَّفِيعُ فِي أَصَحِّ الْوَجْهَيْنِ) لِأَنَّ لَهُ مِلْكًا سَابِقًا عَلَى بَيْعِ الشَّفِيعِ، فَمَلَكَ الْأَخْذَ بِهِ، وَالثَّانِي تَسْقُطُ؛ لِأَنَّ مِلْكَهُ ضَعِيفٌ، لِكَوْنِهِ بِعَرَضِيَّةِ الْأَخْذِ بِالشُّفْعَةِ (وَإِنْ مَاتَ الشَّفِيعُ بَطَلَتْ شُفْعَتُهُ) نَصَّ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ نَوْعُ خِيَارٍ لِلتَّمْلِيكِ، أَشْبَهَ خِيَارَ الْقَبُولِ، وَلِأَنَّا لَا نَعْلَمُ بَقَاءَهُ عَلَى الشُّفْعَةِ لِاحْتِمَالِ رَغْبَتِهِ عَنْهَا، وَلَا يَنْتَقِلُ إِلَى الْوَرَثَةِ مَا يُشَكُّ فِي ثُبُوتِهِ، وَخَرَّجَ أَبُو الْخَطَّابِ أَنَّهَا لَا تَبْطُلُ وَتُوَرَّثُ عَنْهُ بِنَاءً عَلَى رِوَايَةِ إِرْثِ الْأَجَلِ، وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ حَقُّ فَسْخٍ ثَبَتَ، لَا لِفَوَاتِ جُزْءٍ، فَلَمْ يُوَرَّثْ كَالرُّجُوعِ فِي الْهِبَةِ (إِلَّا أَنْ يَمُوتَ بَعْدَ طَلَبِهَا فَتَكُونَ لِوَارِثِهِ) نَصَّ عَلَيْهِ، وَهُوَ الْمَذْهَبُ، وَحَكَاهُ أَبُو الْخَطَّابِ قَوْلًا وَاحِدًا؛ لِأَنَّ الْحَقَّ قَدْ تَقَرَّرَ بِالطَّلَبِ، وَلِذَلِكَ لَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute