وَلَا يُسْتَحَبُّ تَكْرَارُ الْحَلِفِ، وَإِنْ دُعِيَ إِلَى الْحَلِفِ عِنْدَ الْحَاكِمِ وَهُوَ مُحِقٌّ، اسْتُحِبَّ افْتِدَاءُ يَمِينِهِ، فَإِنْ حَلَفَ فَلَا بَأْسَ.
فَصْلٌ وَإِنْ حَرَّمَ أَمَتَهُ أَوْ شَيْئًا مِنَ الْحَلَالِ لَمْ يُحَرَّمْ، وَعَلَيْهِ كَفَّارَةُ يَمِينٍ إِنْ
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
عَلَى كُلِّ يَمِينٍ (وَإِنْ دُعِيَ إِلَى الْحَلِفِ عِنْدَ الْحَاكِمِ، وَهُوَ مُحِقٌّ اسْتُحِبَّ) وَفِي الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ: فَالْأَوْلَى (افْتِدَاءُ يَمِينِهِ) لِمَا رُوِيَ أَنَّ عُثْمَانَ وَالْمِقْدَادَ تَحَاكَمَا إِلَى عُمَرَ فِي مَالٍ اسْتَقْرَضَهُ الْمِقْدَادُ، فَجَعَلَ عُمَرُ الْيَمِينَ عَلَى الْمِقْدَادِ، فَرَدَّهَا عَلَى عُثْمَانَ، فَقَالَ عُمَرُ: لَقَدْ أَنْصَفَكَ، فَأَخَذَ عُثْمَانُ مَا أَعْطَاهُ الْمِقْدَادُ، وَلَمْ يَحْلِفْ، فَقِيلَ لَهُ فِي ذَلِكَ، فَقَالَ: خِفْتُ أَنْ يُوَافِقَ قَدْرٌ بَلَاءً، فَيُقَالُ: يَمِينُ عُثْمَانَ (فَإِنْ حَلَفَ فَلَا بَأْسَ) كَذَا فِي الْمُحَرَّرِ وَالْوَجِيزِ، قَالَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا: تَرْكُهُ أَوْلَى، فَيَكُونُ مَكْرُوهًا، وَالْأَشْهَرُ أَنَّهُ لَيْسَ بِمَكْرُوهٍ، وَإِنَّمَا هُوَ مُبَاحٌ كَتَرْكِهِ، لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَمَرَ نَبِيَّهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - أَنْ يَحْلِفَ عَلَى تَصْدِيقِ مَا أَخْبَرَهُ فِي ثَلَاثَةِ مَوَاضِعَ فِي الْقُرْآنِ، فِي سَبَأٍ، وَيس، وَالتَّغَابُنِ، وَقَالَ عُمَرُ عَلَى الْمِنْبَرِ وَفِي يَدِهِ عَصًا: أَيُّهَا النَّاسُ لَا تَمْنَعَنَّكُمُ الْيَمِينُ مِنْ حُقُوقِكُمْ، وَلِأَنَّهُ حَلِفُ صِدْقٍ عَلَى حَقٍّ، أَشْبَهَ الْحَلِفَ عِنْدَ غَيْرِ الْحَاكِمِ، قَالَ فِي الْفُرُوعِ، وَيَتَوَجَّهُ فِيهِ: يُسْتَحَبُّ لِمَصْلَحَةٍ، كَزِيَادَةِ طُمَأْنِينَةٍ، وَتَوْكِيدِ الْأَمْرِ، وَغَيْرِهِ، وَمِنْهُ قَوْلُهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - لِعُمَرَ عَنْ صَلَاةِ الْعَصْرِ: «وَاللَّهِ مَا صَلَّيْتُهَا» تَطْمِينًا مِنْهُ لِقَلْبِهِ.
فَرْعٌ: ذَكَرَ فِي الْمُسْتَوْعِبِ وَالرِّعَايَةِ أَنَّهُ إِنْ أَرَادَ الْيَمِينَ عِنْدَ غَيْرِ الْحَاكِمِ فَالْمَشْرُوعُ أَنْ يَقُولَ: وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، وَالَّذِي فَلَقَ الْحَبَّةَ، وَبَرَأَ النَّسَمَةَ، لَا، وَمُقَلِّبِ الْقُلُوبِ، وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ.
[إِذَا حَرَّمَ أَمَتَهُ أَوْ شَيْئًا مِنَ الْحَلَالِ لَمْ يُحَرَّمْ]
فَصْلٌ (وَإِنْ حَرَّمَ أَمَتَهُ، أَوْ شَيْئًا مِنَ الْحَلَالِ) كَطَعَامٍ وَلِبَاسٍ وَنَحْوِهِمَا، سِوَى الزَّوْجَةِ (لَمْ يَحْرُمْ) عَلَى الْمَذْهَبِ، لِأَنَّهُ تَعَالَى سَمَّاهُ يَمِينًا، بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ تَبْتَغِي مَرْضَاتَ أَزْوَاجِكَ} [التحريم: ١] إِلَى قَوْلِهِ: {قَدْ فَرَضَ اللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ} [التحريم: ٢] ،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute