للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يَعْجِزَ، فَيُنْظَرُ حِينَئِذٍ، فَإِنْ كَانَ مُوسِرًا، قُوِّمَ عَلَى نَصِيبِ شَرِيكِهِ، وَإِلَّا فَلَا.

فَصْلٌ

وَيَجُوزُ بَيْعُ الْمُكَاتَبِ، وَمُشْتَرِيهِ يَقُومُ مَقَامَ الْمُكَاتَبِ، فَإِنْ أَدَّى إِلَيْهِ، عَتَقَ،

ــ

[المبدع في شرح المقنع]

كُلٌّ مِنْهُمَا (وَعِنْدَ الْقَاضِي: لَا يَسْرِي اسْتِيلَادُ أَحَدِهِمَا إِلَى نَصِيبِ شَرِيكِهِ إِلَّا أَنْ يَعْجِزَ) لِأَنَّ الْمُكَاتَبَةَ انْعَقَدَ فِيهَا سَبَبُ الْحُرِّيَّةِ، وَلِمُكَاتَبِهَا عَلَيْهَا الْوَلَاءُ، وَفِي السِّرَايَةِ إِبْطَالٌ لِذَلِكَ (فَيُنْظَرُ حِينَئِذٍ) لِأَنَّ لَهُ حَالَةً يَسْرِي فِيهَا، وَحَالَةً لَا يَسْرِي فِيهَا (فَإِنْ كَانَ مُوسِرًا قُوِّمَ عَلَيْهِ نَصِيبُ شَرِيكِهِ) لِأَنَّ اسْتِيلَادَ الْمُوسِرِ مُوجِبٌ لِلسِّرَايَةِ فِي الرَّقِيقِ، وَحِينَئِذٍ فَنَصِفُهَا أُمُّ وَلَدٍ، وَنِصْفُهَا مَوْقُوفٌ، فَإِنْ أَدَّتْ عُتِقَتْ، وَإِنْ عَجَزَتْ فُسِخَتِ الْكِتَابَةُ، وَقُوِّمَتْ عَلَى الْوَاطِئِ، وَصَارَ جَمِيعُهَا أُمَّ وَلَدٍ (وَإِلَّا فَلَا) أَيْ: إِذَا كَانَ الْوَاطِئُ مُعْسِرًا، لَمْ يَسْرِ إِحْبَالُهُ إِلَى نَصِيبِ شَرِيكِهِ ; لِأَنَّهُ إِعْتَاقٌ، فَلَمْ يَسْرِ مَعَ الْإِعْسَارِ كَالْقَوْلِ، وَيَصِيرُ نِصْفُهَا أُمَّ وَلَدٍ، فَإِنْ عَجَزَتِ اسْتَقَرَّ الرِّقُّ فِي نِصْفِهَا، وَثَبَتَ حُكْمُ الِاسْتِيلَادِ لِنِصْفِهَا.

[جَوَازُ بَيْعِ الْمُكَاتَبِ]

فَصْلٌ (وَيَجُوزُ بَيْعُ الْمُكَاتَبِ) نَصَرَهُ فِي الشَّرْحِ، وَقَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ، لِمَا رَوَتْ عَائِشَةُ، قَالَتْ: «جَاءَتْ بَرِيرَةُ، فَقَالَتْ: إِنِّي كَاتَبْتُ أَهْلِي عَلَى تِسْعِ أَوَاقٍ فِي كُلِّ عَامٍ أُوقِيَّةٌ، فَأَعِينِينِي، قَالَتْ عَائِشَةُ: إِنْ أَحَبَّ أَهْلُكِ أَنْ أَعُدَّهَا لَهُمْ عُدَّةً، وَيَكُونُ وَلَاؤُكِ لِي، فَعَلْتُ فَعَرَضَتْ ذَلِكَ عَلَيْهِمْ فَأَبَوْا، فَذَكَرَتْ عَائِشَةُ ذَلِكَ لِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فَقَالَ: لَا يَمْنَعُكِ ذَلِكَ، ابْتَاعِي وَأَعْتِقِي» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. قَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ: بِيعَتْ بَرِيرَةُ بِعِلْمِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَهِيَ مُكَاتَبَةٌ، وَلَمْ يُنْكِرْ ذَلِكَ، وَلَا وَجْهَ لِمَنْ أَنْكَرَهُ، وَلَا أَعْلَمُ خَبَرًا يُعَارِضُهُ، وَلَا أَعْلَمُ فِي شَيْءٍ مِنَ الْأَخْبَارِ دَلِيلًا عَلَى عَجْزِهَا، وَتَأَوَّلَهُ الشَّافِعِيُّ عَلَى أَنَّهَا كَانَتْ قَدْ عَجَزَتْ، وَلَيْسَ فِي الْخَبَرِ مَا يَدُلُّ عَلَيْهِ، بَلْ قَوْلُهَا: أَعِينِينِي، دَلِيلٌ عَلَى بَقَائِهَا عَلَى الْكِتَابَةِ (وَمُشْتَرِيهِ يَقُومُ مَقَامَ الْمُكَاتَبِ) لِأَنَّهُ بَدَلٌ عَنْهُ، وَفِيهِ إِشْعَارٌ بِأَنَّ الْكِتَابَةَ لَا تَنْفَسِخُ بِالْبَيْعِ، وَهُوَ كَذَلِكَ بِغَيْرِ خِلَافٍ نَعْلَمُهُ ; لِأَنَّهَا عَقْدٌ لَازِمٌ، فَلَمْ تَنْفَسِخْ بِهِ كَالنِّكَاحِ، وَحَكَاهُ ابْنُ الْمُنْذِرِ إِجْمَاعًا إِذَا كَانَ مَاضِيًا فِيهَا، مُؤَدِّيًا

<<  <  ج: ص:  >  >>