وَقِيلَ: الْعَدْلُ مَنْ لَمْ تَظْهَرْ مِنْهُ رِيبَةٌ.
وَيُعْتَبَرُ لَهَا شَيْئَانِ: الصَّلَاحُ فِي الدِّينِ، وَهُوَ أَدَاءُ الْفَرَائِضِ وَاجْتِنَابُ الْمَحَارِمِ، وَهُوَ أَنْ لَا يَرْتَكِبَ كَبِيرَةً، وَلَا يُدْمِنَ عَلَى صَغِيرَةٍ، وَقِيلَ:
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
الِاسْتِوَاءُ فِي الْأَحْوَالِ كُلِّهَا (وَقِيلَ: الْعَدْلُ مَنْ لَمْ تَظْهَرْ مِنْهُ رِيبَةٌ) وَقَدْ تَقَدَّمَ ذَلِكَ فِي بَابِ طَرِيقِ الْحُكْمِ وَصِفَتِهِ،
[مَا يُعْتَبَرُ للعدالة]
[الصَّلَاحُ فِي الدِّينِ]
(وَيُعْتَبَرُ لَهَا شَيْئَانِ: الصَّلَاحُ فِي الدِّينِ، وَهُوَ أَدَاءُ الْفَرَائِضِ) بِشُرُوطِهَا، زَادَ فِي الْمُسْتَوْعِبِ وَغَيْرِهِ: بِسُنَنِهَا.
وَذَكَرَ الْقَاضِي وَالسَّامَرِّيُّ وَالْمَجْدُ: وَالسُّنَّةُ الرَّاتِبَةُ، وَأَوْمَأَ إِلَيْهِ؛ لِقَوْلِهِ فِيمَنْ يُوَاظِبُ عَلَى تَرْكِ سُنَنِ الصَّلَاةِ: رَجُلُ سُوءٍ.
وَنَقَلَ أَبُو طَالِبٍ: وَالْوِتْرُ سُنَّةٌ سَنَّهَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فَمَنْ تَرَكَ سُنَّةً مِنْ سُنَنِهِ فَهُوَ رَجُلُ سُوءٍ، وَأَثَّمَهُ الْقَاضِي.
قَالَ فِي الْفُرُوعِ: وَمُرَادُهُ أَنَّهُ لَا يَسْلَمُ مِنْ تَرْكِ فَرْضٍ، وَإِلَّا فَلَا يَأْثَمُ بِسُّنَّةٍ (وَاجْتِنَابُ الْمَحَارِمِ) لِأَنَّ مَنْ أَدَّى الْفَرَائِضَ، وَاجْتَنَبَ الْمَحَارِمَ، عُدَّ صَالِحًا عُرْفًا، فَكَذَا شَرْعًا (وَهُوَ) أَيِ: اجْتِنَابُ الْمَحَارِمِ (أَنْ لَا يَرْتَكِبَ كَبِيرَةً، وَلَا يُدْمِنَ عَلَى صَغِيرَةٍ) عَلَى الْمَذْهَبِ؛ لِأَنَّ اعْتِبَارَ اجْتِنَابِ كُلِّ الْمَحَارِمِ يُؤَدِّي إِلَى أَلَّا تُقْبَلَ شَهَادَةُ أَحَدٍ؛ لِأَنَّهُ لَا يَخْلُو مِنْ ذَنْبٍ مَا.
لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {الَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الإِثْمِ وَالْفَوَاحِشَ إِلا اللَّمَمَ} [النجم: ٣٢] ، مَدَحَهُمْ لِاجْتِنَابِهِمْ مَا ذُكِرَ، وَإِنْ كَانَ وُجِدَ مِنْهُمْ صَغِيرَةٌ.
وَلِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -: «إِنْ تَغْفِرِ اللَّهُمَّ تَغْفِرْ جَمًّا، وَأَيُّ عَبْدٍ لَكَ لَا أَلَمَّا» ، أَيْ: لَمْ يُلِمَّ.
وَقَدْ أَمَرَ اللَّهُ تَعَالَى أَنْ لَا تُقْبَلَ شَهَادَةُ الْقَاذِفِ، وهو كَبِيرَةٌ، فَيُقَاسُ عَلَيْهِ كُلُّ مُرْتَكِبِ كَبِيرَةٍ، وَلِأَنَّ مَنْ لَمْ يَرْتَكِبِ الْكَبِيرَةَ وَأَدْمَنَ عَلَى الصَّغِيرَةِ لَا يُعَدُّ مُجْتَنِبًا لِلْمَحَارِمِ، وَفِي الْكَافِي: إِنَّ الِاعْتِبَارَ فِي الصَّغَائِرِ بِالْأَغْلَبِ؛ لِأَنَّ الْحُكْمَ لَهُ، لِقَوْلِهِ تَعَالَى: