وَإِنْ قَطَعَ أَنْفَهُ فَذَهَبَ شَمُّهُ، أَوْ أُذُنَيْهِ فَذَهَبَ سَمْعُهُ وَجَبَتْ دِيَتَانِ. وَسَائِرُ الْأَعْضَاءِ إِذَا أَذْهَبَهَا بِمَنَافِعِهَا لَمْ تَجِبْ إِلَّا دِيَةٌ وَاحِدَةٌ.
فَصْلٌ فِي دِيَةِ الْمَنَافِعِ وَفِي كُلِّ حَاسَّةٍ دِيَةٌ كَامِلَةٌ وَهِيَ السَّمْعُ وَالْبَصَرُ وَالشَّمُّ وَالذَّوْقُ. وَكَذَلِكَ
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
لِأَنَّهُ لَا عَيْبَ فِيهِ، وَإِنَّمَا الْعَيْبُ فِي غَيْرِهِ (وَالْمَخْرُومِ) لِأَنَّ أَنْفَهُ كَامِلٌ غَيْرَ أَنَّهُ مَعِيبٌ كَالْعُضْوِ الْمَرِيضِ (وأُذُنَيِ الْأَصَمِّ) لِأَنَّ الصَّمَمَ نَقْصٌ فِي غَيْرِ الْأُذُنِ، وَفِي " الرِّعَايَةِ "، وَ " الْمُحَرَّرِ " إِذَا قُلْنَا: يُؤْخَذُ بِهِ السَّالِمُ مِنْ ذَلِكَ فِي الْعَمْدِ، وَإِلَّا فَفِيهِ حُكُومَةٌ (وَإِنْ قَطَعَ أَنْفَهُ فَذَهَبَ شَمُّهُ) لَزِمَهُ دِيَتَانِ ; لِأَنَّ الشَّمَّ مِنْ غَيْرِ الْأَنْفِ، فَلَا تُدْخَلُ دِيَةُ أَحَدِهِمَا فِي الْآخَرِ (أَوْ أُذُنَيْهِ فَذَهَبَ سَمْعُهُ وَجَبَتْ دِيَتَانِ) لِأَنَّ السَّمْعَ مِنْ غَيْرِ الْأُذُنِ، فَهُوَ كَالْبَصَرِ مَعَ الْأَجْفَانِ، وَالنُّطْقِ مَعَ الشَّفَتَيْنِ، فَلَوْ ذَهَبَ شَمُّ أَحَدِهِمَا فَنِصْفُ الدِّيَةِ، وَفِي بَعْضِهِ حُكُومَةٌ (وَسَائِرُ الْأَعْضَاءِ) كَالْعَيْنَيْنِ، وَنَحْوِهِمَا (إِذَا أَذْهَبَهَا بِمَنَافِعِهَا لَمْ تَجِبْ إِلَّا دِيَةٌ وَاحِدَةٌ) لِأَنَّ نَفْعَهَا فِيهَا، وَهُوَ تَابِعٌ لَهَا يَذْهَبُ بِذَهَابِهِ، فَوَجَبَتْ دِيَةُ الْعُضْوِ دُونَ الْمَنْفَعَةِ كَمَا لَوْ قَتَلَهُ لَمْ تَجِبْ دِيَتُهُ.
[فَصْلٌ: دِيَةُ الْمَنَافِعِ]
[دِيَةُ ذَهَابِ الْمَنَافِعِ أَوْ نُقْصَانِهَا]
فَصْلٌ
فِي دِيَةِ الْمَنَافِعِ لَمَّا تَمَّمَ الْكَلَامَ عَلَى دِيَاتِ الْأَعْضَاءِ كَالْعَيْنَيْنِ، وَنَحْوِهِمَا - شَرَعَ يَتَكَلَّمُ فِي دِيَةِ الْمَنَافِعِ، وَهِيَ السَّمْعُ وَالْبَصَرُ وَنَحْوُهُمَا (وَفِي كُلِّ حَاسَّةٍ دِيَةٌ كَامِلَةٌ) كَذَا عِبَارَةُ الْأَصْحَابِ، يُقَالُ: حَسَّ وَأَحَسَّ، أَيْ: عَلِمَ وَأَيْقَنَ، وَبِأَلِفٍ أَفْصَحُ، وَبِهَا جَاءَ الْقُرْآنُ، وَإِنَّمَا يَصِحُّ قَوْلُهُمُ: الْحَاسَّةُ، وَالْحَوَاسُّ الْخَمْسُ عَلَى اللُّغَةِ الْقَلِيلَةِ، وَالْأَشْهَرُ فِي حَسَّ بِلَا أَلِفٍ بِمَعْنَى قَتَلَ، وَقَالَ الْجَوْهَرِيُّ: الْحَوَاسُّ الْمَشَاعِرُ الْخَمْسُ: السَّمْعُ، وَالْبَصَرُ، وَالشَّمُّ، وَالذَّوْقُ، وَاللَّمْسُ. (وَهِيَ السَّمْعُ) بِغَيْرِ خِلَافٍ، وَسَنَدُهُ قَوْلُهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - «وَفِي السَّمْعِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute