للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تَجِبُ فِي الْكَلَامِ وَالْعَقْلِ وَالْمَشْيِ وَالْأَكْلِ وَالنِّكَاحِ وَتَجِبُ فِي الْحَدَبِ، وَالصَّعَرِ،

ــ

[المبدع في شرح المقنع]

الدِّيَةُ» وَرُوِيَ أَنَّ عُمَرَ قَضَى فِي رَجُلٍ رَمَى آخَرَ بِحَجَرٍ فِي رَأْسِهِ فَذَهَبَ سَمْعُهُ وَعَقْلُهُ وَلِسَانُهُ وَنِكَاحُهُ بِأَرْبَعِ دِيَاتٍ، وَالرَّجُلُ حَيٌّ. رَوَاهُ أَبُو الْمُهَلَّبِ، وَلِأَنَّهَا حَاسَّةٌ تَخْتَصُّ بِنَفْعٍ، فَكَانَ فِيهَا الدِّيَةُ كَالْبَصَرِ، فَإِنْ ذَهَبَ مِنْ أَحَدِهِمَا فَقَطْ وَجَبَ نِصْفُهَا كَالْبَصَرِ (وَالْبَصَرُ) مِنَ الْعَيْنَيْنِ الْمُبْصِرَتَيْنِ مِنَ الْمُسْلِمِ دِيَةٌ كَامِلَةٌ إِجْمَاعًا (وَالشَّمُّ) لِأَنَّ ذَلِكَ فِي كِتَابِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ، قَالَ الْقَاضِي: وَلِأَنَّهُ حَاسَّةٌ تَخْتَصُّ بِمَنْفَعَةٍ كَسَائِرِ الْحَوَاسِّ (وَالذَّوْقُ) ذَكَرَهُ أَبُو الْخَطَّابِ، وَالْمُعَظَّمُ ; لِأَنَّ الذَّوْقَ حَاسَّةٌ، أَشْبَهَ الشَّمَّ، وَقِيَاسُ الْمَذْهَبِ أَنَّهُ لَا دِيَةَ فِيهِ، وَإِنَّمَا تَجِبُ الْحُكُومَةُ. صَحَّحَهُ الْمُؤَلِّفُ ; لِأَنَّ لِسَانَ الْأَخْرَسِ لَا دِيَةَ فِيهِ إِجْمَاعًا عَلَى أَنَّهَا لَا تَكْمُلُ فِي ذَهَابِ الذَّوْقِ بِمُفْرَدِهِ ; لِأَنَّ كُلَّ عُضْوٍ لَا تَكْمُلُ الدِّيَةُ فِيهِ بِمَنْفَعَتِهِ، لَا تَكْمُلُ فِي مَنْفَعَتِهِ كَسَائِرِ الْأَعْضَاءِ، قَالَ فِي " الشَّرْحِ ": وَلَا تَفْرِيعَ عَلَى هَذَا الْقَوْلِ (وَكَذَلِكَ تَجِبُ فِي الْكَلَامِ) لِأَنَّ كُلَّ مَا تَعَلَّقَتِ الدِّيَةُ بِإِتْلَافِهِ تَعَلَّقَتْ بِإِتْلَافِ مَنْفَعَتِهِ كَالْيَدِ (وَالْعَقْلِ) بِالْإِجْمَاعِ وَسَنَدُهُ مَا فِي كِتَابِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ ; لِأَنَّهُ أَكْثَرُ الْمَعَانِي قَدْرًا وَأَعْظَمُ الْحَوَاسِّ نَفْعًا، فَإِنَّهُ يَتَمَيَّزُ بِهِ عَنِ الْبَهِيمَةِ، وَيَعْرِفُ بِهِ صِحَّةَ حَقَائِقِ الْمَعْلُومَاتِ، وَيَهْتَدِي بِهِ إِلَى الْمَصَالِحِ، وَيَدْخُلُ بِهِ فِي التَّكْلِيفِ، وَهُوَ شَرْطٌ فِي ثُبُوتِ الْوِلَايَاتِ وَصِحَّةِ التَّصَرُّفَاتِ وَأَدَاءِ الْعِبَادَاتِ، فَكَانَ أَوْلَى مِنْ بَقِيَّةِ الْحَوَاسِّ.

فَرْعٌ: إِذَا نَقَصَ نَقْصًا مَعْلُومًا وَجَبَ بِقَدْرِهِ، وَإِنْ لَمْ يُعْرَفْ قَدْرُهُ فَحُكُومَةٌ، وَإِنْ كَانَتِ الْجِنَايَةُ الْمُذْهِبَةُ لِلْعَقْلِ - وَلَهَا أَرْشٌ كَالْمُوضِحَةِ - وَجَبَتِ الدِّيَةُ وَأَرْشُ الْجُرْحِ، وَلَا تَدْخُلُ أَرْشُ الْجِنَايَةِ الْمُذْهِبَةِ لَهُ فِي دِيَتِهِ. نَصَّ عَلَيْهِ كَمَا لَوْ أَوْضَحَهُ فَذَهَبَ بَصَرُهُ، وَقِيلَ: بَلَى، وَيَدْخُلُ الْأَقَلُّ فِي الْأَكْثَرِ (وَالْمَشْيِ) لِأَنَّ مَنْفَعَتَهُ مَقْصُودَةٌ، أَشْبَهَ الْكَلَامَ (وَالْأَكْلِ) لِأَنَّهُ نَفْعٌ مَقْصُودٌ كَالشَّمِّ (وَالنِّكَاحِ) أَيْ: إِذَا كَسَرَ صُلْبَهُ فَذَهَبَ نِكَاحُهُ فَفِيهِ الدِّيَةُ، رُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ ; لِأَنَّهُ مَقْصُودٌ، أَشْبَهَ ذَهَابَ الْمَشْيِ (وَتَجِبُ فِي الْحَدَبِ) بِفَتْحِ الْحَاءِ وَالدَّالِ

<<  <  ج: ص:  >  >>