للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كَالْكَلَامِ إِلَّا مَا كَانَ مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ تَعَالَى. وَقَالَ أَصْحَابُنَا فِي النَّحْنَحَةِ مِثْلَ ذَلِكَ،

ــ

[المبدع في شرح المقنع]

أَوْلَى مِنْهُ بِالْعَفْوِ، وَصِحَّةِ الصَّلَاةِ، نَصَرَهُ فِي " التَّحْقِيقِ "، لِأَنَّ الفعل غير مَنْسُوبٌ إِلَيْهِ، بِدَلِيلِ أَنَّهُ لَوْ أُكْرِهَ عَلَى إِتْلَافِ مَال لَمْ يَضْمَنْهُ، وَالنَّاسِي يَضْمَنُ مَا أَتْلَفَهُ، وَالْأَوَّلُ أَوْلَى، لِأَنَّ النِّسْيَانَ يَكْثُرُ بِخِلَافِ الْإِكْرَاهِ.

الرَّابِعُ: أَنْ يَتَكَلَّمَ بِكَلَامٍ وَاجِبٍ، مِثْلَ أَنْ يَخْشَى عَلَى ضَرِيرٍ أَوْ صَبِيٍّ الْوُقُوعَ فِي هَلَكَةٍ، أَوْ يَرَى حَيَّةً تَقْصِدُ غَافِلًا، أَوْ نَارًا يَخَافُ أَنْ تَشْتَعِلَ فِي شَيْءٍ، وَلَا يُمْكِنُهُ التَّنْبِيهُ بِالتَّسْبِيحِ، فَقَالَ أَصْحَابُنَا: تَبْطُلُ بِهِ لِمَا سَبَقَ، وَقِيلَ: لَا، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ أَحْمَدَ، وَصَحَّحَهُ فِي " الرِّعَايَةِ " لِقِصَّةِ ذِي الْيَدَيْنِ، وَقِيلَ: هُوَ كَالنَّاسِي، وَذَكَرَ ابْنُ تَمِيمٍ، وَغَيْرُهُ أَنَّهُ مَتَى أَمْكَنَ اسْتِغْنَاؤُهُ بِإِشَارَةٍ لَمْ يَجُزْ أَنْ يَتَكَلَّمَ، وَلَا يَتَكَلَّمَ بِزِيَادَةٍ عَلَى حَاجَتِهِ، وَحَاصِلُهُ أَنَّ الْمُبْطِلَ مِنْهُ مَا كَانَ عَلَى حَرْفَيْنِ كَقَوْلِهِ أَبٌ، وَدَمٌ أَيْ: ظَاهِرًا، لِأَنَّهُ لَا تَنْتَظِمُ كَلِمَةٌ مِنْ أَقَلَّ مِنْهُمَا، فَلَوْ قَالَ: لَا، فَسَدَتْ صَلَاتُهُ، لِأَنَّهَا لَامٌ وَأَلِفٌ.

[الْقَهْقَهَةُ وَالنَّفْخُ وَالِانْتِحَابُ فِي الصَّلَاةِ]

(وَإِنْ قَهْقَهَ أَوْ نَفَخَ أَوِ انْتَحَبَ، فَبَانَ حَرْفَانِ، فَهُوَ كَالْكَلَامِ، إِلَّا مَا كَانَ مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ تَعَالَى) وَفِيهِ مَسَائِلُ.

الْأُولَى: إِذَا قَهْقَهَ، وَهِيَ ضِحْكَةٌ مَعْرُوفَةٌ، فَإِنْ قَالَ: قَهْ قَهْ فَالْأَظْهَرُ أَنَّهَا تَبْطُلُ بِهِ، وَإِنْ لَمْ يُبِنْ حَرْفَانِ، ذَكَرَهُ فِي " الْمُغْنِي " وَقَدَّمَهُ الْأَكْثَرُ، كَالْمَتْنِ، وَحَكَاهُ ابْنُ الْمُنْذِرِ إِجْمَاعًا، لِمَا رَوَى جَابِرٌ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «الْقَهْقَهَةُ تَنْقُضُ الصَّلَاةَ، وَلَا تَنْقُضُ الْوُضُوءَ» رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ بِإِسْنَادٍ فِيهِ ضَعْفٌ، وَلِأَنَّهُ تَعَمَّدَ فِيهَا بِمَا يُنَافِيهَا أَشْبَهَ خطاب الْآدَمِيَّ، وَظَاهِرُهُ أَنَّهَا لَا تَفْسُدُ بِالتَّبَسُّمِ، وَهُوَ قَوْلُ الْأَكْثَرِ حَكَاهُ ابْنُ الْمُنْذِرِ.

الثَّانِيَةُ: إِذَا نَفَخَ فِيهَا فَهُوَ كَالْكَلَامِ إِذَا بَانَ حَرْفَانِ ذَكَرَهُ فِي الْمَذْهَبِ، والمحرر و " الْوَجِيزِ " وَصَحَّحَهُ الْمُؤَلِّفُ لِمَا رُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: مَنْ نَفَخَ فِي

<<  <  ج: ص:  >  >>